1. ثقافة
  2. مناقشات

الإبداع البشري في مواجهة الآلة... من سيفوز في معركة الكتابة؟

21 يونيو 2025
الذكاء الاصطناعي (الترا صوت)
الذكاء الاصطناعي (الترا صوت)
رنا الجميعيرنا الجميعي

لم تتخيل ليلى عبد الباسط يومًا أن تُستبدل بأدوات الذكاء الاصطناعي، إذ قِيل لها: "اكتبي سكريبتات (نصوص) مثل الذكاء الاصطناعي". غير أن التوجيه الذي تلقتْه من إدارة المؤسسة التي تعمل بها كان جادًا للغاية، حيث استُبدلت النصوص المصاحبة للفيديو التي كتبتها ليلى بنصوص آلية. استهجنت ليلى الأمر قائلة: "كيف يُستبدل إحساسي الإنساني بآلة؟!".

خلال السنوات الماضية، وتحديدًا في العامين الأخيرين، تسارع التقدم في أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وسرعان ما أصبحت أدوات مثل "ChatGPT" و"DeepSeek" وغيرهما ضرورية في مجال الكتابة الإبداعية، كالصحافة والأدب والترجمة، مما جعل الكثيرين يشعرون بأنها قد تهدد وظائفهم الفعلية.

 الإدارة وجهتها لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة المحتوى المصاحب للفيديو

تقول الصحفية ليلى عبد الباسط إن الإدارة وجهتها لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة المحتوى المصاحب للفيديو، لكنها اعترضت على ذلك: "أين الجهد الإبداعي؟ كتابة الذكاء الاصطناعي جافة، بينما أكتب من زاوية محددة واستثمر مخزوني المعرفي والثقافي، لتقديم سياق أعمق للقارئ، وهذا ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله".

اضطرت ليلى بعد فترة إلى مغادرة الوظيفة، رافضة أن يُنسب إليها محتوى لم تنتجه. وتوضح: "لستُ ضد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي كمساعد، لكن الاعتماد الكُلي عليها كما تريد المؤسسة يجعل أي شخص لديه القدرة على كتابة هذه النصوص".

تنتقد ليلى قرار الإدارة، مؤكدةً أن الذكاء الاصطناعي يظل أداة مساعدة ولا يمكنه أن يحل محل الإنسان، خاصة في الكتابة العميقة والمعقدة. كما أنها لا تراه تهديدًا لمهنة الصحافة ككل: "ربما يختفي بعض الأقسام مثل إدارة النشر أو الإخراج الصحفي، كما حدث سابقًا مع تطور المواقع الإلكترونية".

عدد الصحفيين قد يقل، وسيتجه الباقون نحو التحليل العميق للأخبار أو كتابة التقارير المعايشة

وتضيف أن عدد الصحفيين قد يقل، وسيتجه الباقون نحو التحليل العميق للأخبار أو كتابة التقارير المعايشة (فن صحفي يعتمد على الملاحظة المباشرة للحدث): "الذكاء الاصطناعي لن ينزل إلى الشارع أو يمتلك القدرة على الملاحظة والإحساس كالبشر".

وتوافقها الرأي هاجر هشام، الصحفية المتخصصة في البيانات والذكاء الاصطناعي، قائلة: "الخطر الحقيقي يهدد الصحفيين الذين لا يطورون مهاراتهم لتواكب هذا التقدم، حيث سيصبحون أقل كفاءة من زملائهم المتكيفين مع التقنيات الجديدة".

بدأت علاقة هاجر بالذكاء الاصطناعي مبكرًا، عندما كلفتها مؤسسة "أريج" للصحافة عام 2022 بإدارة مشروع لوضع استراتيجية للذكاء الاصطناعي تناسب المؤسسات المتوسطة والصغيرة. وبعد عام، قررت دراسة علوم البيانات والذكاء الاصطناعي من أجل تطوير مهاراتها الصَحفية.

لا تعتقد هاجر أن الذكاء الاصطناعي قادرٌ حاليًا على استبدال الإبداع البشري: "التفكير الإبداعي قائم على وجهات نظر فردية، والذكاء الاصطناعي لا يستطيع حل مشكلات إبداعية غير مسبوقة". لكنه يهدد بفقدان أعمال روتينية مثل تحرير الخبر أو التدقيق اللغوي أو إنتاج الصور "على الأقل في المستقبل القريب لن يحدث استغناء عن الصحفيين المبدعين". 

في مجال الترجمة، تستعين رولا عادل بالذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة فقط: "أستخدمه في البحث، فهو أسرع مني في العثور على المعلومات". لكنها تؤكد ضرورة التحقق من المعلومات، "لأنه قد يقدم أحيانًا بيانات غير دقيقة".

 محدودية الذكاء الاصطناعي في ترجمة العامية واللهجات ذات الخلفية الثقافية

وتشير مترجمة كتاب "روزا: مختارات من الأدب الروسي الكلاسيكي" إلى محدودية الذكاء الاصطناعي في ترجمة العامية واللهجات ذات الخلفية الثقافية: "لا يستطيع فهم العامية المصرية أو السياقات الثقافية، رغم أنه يتعلمها تدريجيًا من المستخدمين". كما تنتقد دقته في ترجمة الأفلام: "كلمة مثل "معلش" لها معانٍ متعددة حسب السياق".

وتلاحظ رولا تباين مواقف الشركات: "بعضها يشترط عدم استخدام الذكاء الاصطناعي، والبعض الآخر يطلب نصوصًا خالية من أي بصمة بشرية".

في عام 2024، نشر الباحثان أنيل ر. دوشي من جامعة لندن وأوليفر ب. هاوزر من جامعة إكستر دراسةً شارك فيها 293 كاتبًا، كتبوا نصوصًا إبداعية بشرية وأخرى بمساعدة الذكاء الاصطناعي. وأظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي يعزز إبداع الكتاب، خاصةً الأقل موهبةً، لكنه قد يقلل تنوع المحتوى بسبب تشابه النصوص المولدة آليًا.

التساؤلات حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على الكتابة الإبداعية لم تقتصر على الغرب فقط، فقبل تلك الدراسة بعام، أي في 2023، وتحديدًا مع إتاحة "شات جي بي تي 3" مجانًا، دخل الكاتب أحمد لطفي في تجربة ساخرة "طلبتُ من الذكاء الاصطناعي كتابة قصة، ثم انتهى بي الأمر إلى كتابة مسودة روائية لم أكن أنوي نشرها"، نشر انطباعاته عن التجربة بسخرية على "فيسبوك"، لكن المفاجأة كانت طلب دار "كتوبيا" نشر الرواية إلكترونيًا عبر تطبيق "أبجد"، تحت عنوان "خيانة في المغرب".

 وافق لطفي شرط إرفاق مقدمة توضح ظروف الكتابة "لأنني لم أكن أروج لفكرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الإبداع".

يستفيد الكاتب من الذكاء الاصطناعي في البحث عن تفاصيل دقيقة، كالأزياء التاريخية أو العادات الاجتماعية

ويستفيد الكاتب من الذكاء الاصطناعي في البحث عن تفاصيل دقيقة، كالأزياء التاريخية أو العادات الاجتماعية، لكنه يرى أنه يهدد فقط الكتّاب "متوسطي الموهبة"، قائلًا: "قد ينتج نصوصًا متقنة تقنيًا، لكنها ستظل كالأفلام التجارية: للتسلية فحسب".

يتوقع لطفي أن يخلق الذكاء الاصطناعي أشكالًا تعبيرية جديدة تتجاوز الأجناس الأدبية التقليدية، مشيرًا إلى أن كل تطور تقني كالطباعة الذي أوجد الصحافة والرواية، والكاغد (الورق) الذي حل محل ورق البردي المكلف في العصر العباسي ونتج عنه النثر "الثورة قادمة، لكننا لا نعرف بعد كيف ستتجلى".

كلمات مفتاحية
مبادرات تقاوم الهدم (شبكات تواصل اجتماعي)

تراث مصر تحت الحصار: حكاية مبادرات مجتمعية قاومت سياسة الهدم

المبادرات المجتمعية الذاتية ودورها في مقاومة سياسة الهدم

الذكاء الاصطناعي والإبداع (اfreepik.com)

هل تسرق الكتابة الآلية بصمتنا الإبداعية؟

مستقبل الإبداع في ظل تطورات الذكاء الاصطناعي الكبرى

المترجم والروائي المصري محمد الفولي (الترا صوت)

حوار| محمد الفولي: لم تبطئ الترجمة تقدمي في الكتابة بل أنضجتني على مهل

حوار مع المترجم والروائي محمد الفولي حول الترجمة والأدب

متاحف قطر (الترا صوت)
فنون

قطر تحتفي بتراثها في اليونسكو.. 50 عامًا على انطلاقة متحفها الوطني

50 عامًا على انطلاق متحف قطر الوطني في مقر اليونسكو

قضية إبستين
سياق متصل

عودة ملف إبستين تثير انقسامًا داخل قاعدة ترامب وتدفعه للتدخل لاحتواء الأزمة

عادت قضية إبستين إلى الواجهة، ما أثار خلافًا داخل قاعدة ترامب ودفعه للتدخل لوقف هجوم أنصاره على أعضاء من إدارته

وزارة الثقافة المصرية (الترا صوت)
نشرة ثقافية

وزارة الثقافة المصرية تطلق النسخة التجريبية لموقعها الإلكتروني

نسخة تجريبية من الموقع الرسمي لوزارة الثقافة المصرية

حرب السودان
سياق متصل

حرب السودان.. معارك استنزاف في الفاشر وكردفان وسط موجات نزوح متصاعدة

فيما تسعى قوات الدعم السريع لحسم معركة الفاشر المحاصَرة منذ أزيد من عام بهدف طرد الجيش السوداني من آخر نقطة تمركز له في إقليم دارفور بولاياته الخمس، فإن الجيش السوداني يبذل قصارى جهده لاستعادة ما يمكن استعادته من المناطق في إقليم كردفان الذي يعدّ البوابة الرئيسية للوصول إلى إقليم دارفور.