13-فبراير-2023
زلزال تركيا

اعترف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بأن المجتمع الدولي خذل سكان شمالي غربي سوريا (Getty)

بعد أسبوع على الزلزال المدمر الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، مخلفًا أكثر من 34 ألف قتيل، في حصيلة غير نهائية، والآلاف من الجرحى، تقلصت الآمال بالعثور على ناجين، وهو ما ترجمه إعلان الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، عن انتهاء عمليات البحث عن ناجين، والانتقال إلى مرحلة رفع الأنقاض والبحث عن الجثث، بالإضافة لعمليات إغاثة الناجين والمتضررين، وتأمين مساكن بديلة.

أكد الدفاع المدني على أن قصور عمليات البحث وإنقاذ المنكوبين كان سببه نقص المعدات والآليات، وغياب الفرق المختصة

وأكد الدفاع المدني على أن قصور عمليات البحث وإنقاذ المنكوبين كان سببه نقص المعدات والآليات، وغياب الفرق المختصة، إذ أن الأهالي هم من كان يساعد فرق الدفاع المدني في عمليات البحث، ورفع ركام المنازل المدمرة.

وبات الشمال الغربي من سوريا منطقة منكوبة، في ظل انعدام شبه تام للمساعدات الدولية، على الرغم من الإعلان عن دخول أولى قوافل الإغاثة المقدمة من الأمم المتحدة وتركيا والهلال الأحمر القطري ومن إقليم كردستان من خلال معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا ومعبر باب الراعي. 

كما تشهد المنطقة نقصًا حادًا في الإمكانيات والمعدات، وغياب للفرق المختصة التي تتعامل مع هذه النوعية من الكوارث. وقد أحصت فرق الدفاع المدني، وهى الأكثر نشاطًا في المناطق المنكوبة بالشمال الغربي، أكثر من 40 مدينة وبلدة وقرية، تدمّر فيها أكثر من 550 بنايةً سكنيةً بشكلٍ كامل، وأكثر من 1570 مبنى بشكلٍ جزئي، بالإضافة إلى آلاف المباني والمنازل التي تعرضت للتصدعات.

Earthquake Hits Turkey And Syria

من جهتها، قدرت "وحدة تنسيق الدعم" التابعة للائتلاف السوري، في بيان لها، أن عدد الضحايا في شمال غربي سوريا بلغ 3818 ضحية، و7442 إصابة، مع تقديرات تؤكد وجود مئات العالقين تحت الأنقاض، وأن عدد الأبنية المدمرة كليًا بلغ 1715 بناء، والأبنية المدمرة بشكلٍ جزئي 5651 بناء، كما يزيد عدد العائلات المتضررة من الزلزال عن 11 ألف عائلة، غالبيتها بلا مأوى.

وأشارت "وحدة تنسيق الدعم" إلى أن هناك حاجةً إلى 13 ألف خيمة، بشكلٍ عاجل لإيواء المتضررين الذين توزعوا على مراكز إيواء صغيرة، فيما لا تزال كثير من العائلات تفترش الحدائق والشوارع، أو لجأت إلى المدارس.

من جهته، اعترف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، بأن المجتمع الدولي خذل سكان شمالي غربي سوريا، في حين أقرت الأمم المتحدة بالفشل في إيصال المساعدات الكافية لسوريا، وكتب غريفيث، تغريدة على حسابه في تويتر، لقد "خذلنا حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا"، وأضاف إن "الناس في شمال غربي سوريا محقون  بشعورهم بأن المجتمع الدولي تخلى عنهم، في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية"، مشددًا على ضرورة "تصحيح الفشل في أسرع ما يمكن، وهذا هو تركيزي الآن".

وفي نفس الإطار، رفض مبعوث الاتحاد الأوروبي إلى سوريا دان ستوينيسكو، اتهام الاتحاد الأوروبي بالتقصير في تقديم ما يكفي من المساعدات للسوريين في أعقاب الزلزال، وقال أن الاتحاد جمع أكثر من 50 مليون يورو، لتقديمها كمساعدة، ودعم مهام الإنقاذ والإسعافات الأولية في كل من المناطق التي يسيطر عليها النظام والمعارضة في سوريا، وأضاف أن الاتحاد "ظل يقدم مساعدات للسوريين منذ أكثر من 10 سنوات، وهو يفعل المزيد خلال أزمة الزلزال"، وحث ستوينيسكو، في تصريحات نقلتها وكالة رويترز، النظام في دمشق على "عدم تسييس توصيل المساعدات الإنسانية، والتواصل بحسن نية مع جميع الشركاء في مجال العمل الإنساني لإيصال المساعدات لمن يحتاجونها".

وكان النظام قد طالب من الأمم المتحدة أن يتم نقل المساعدات  بالتنسيق معه، وتسليمها من داخل سوريا، وليس عبر الحدود التركية إلى مناطق الشمال الغربي. يأتي ذلك في ظل تقارير إعلامية وشهادات ميدانية، تكشف قيام نظام الأسد بالاستيلاء على المساعدات، ونقلها نحو مناطق موالية له فقط.

إلى ذلك، قال الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية ديفيد ميليباند، إن "15 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا بحاجة لمساعدات إنسانية"، وأضاف "نقدم المساعدات عبر تركيا، بسبب عدم وصولها من دمشق إلى شمال غربي سوريا"، مشيرًا إلى أن "أعمال الإنقاذ ستستمر رغم تراجع الأمل"، ومؤكدًا أن  الاتحاد يراجع أولوياته بعد أسبوع على الزلزال.

هذا، وعبر رئيس الائتلاف الوطني السوري سالم المسلط عن رفض الائتلاف بشدة لما قال إنها ادعاءات للأمم المتحدة بأن المعارضة السورية تمنع وصول المساعدات للداخل السوري، وحث المسلط الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، ومنها منظمة الصحة العالمية، على دخول المناطق المتضررة في الشمال الغربي من البلاد.

وكانت الأمم المتحدة، قد ادعت عن لسان ناطق باسمها، بأن المعارضة المتشددة في إشارة إلى "هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقًا"، قد رفضت دخول المساعدات من مناطق النظام، وأن المساعدات ستأتي من تركيا فقط.

من جانبها، حذرت منظمة الصحة العالمية من تفشٍ محتمل للأوبئة شمالي سوريا، بسبب الجثث التي ما زالت تحت الأنقاض، وقال مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عند وصوله إلى مدينة حلب، إن فريق منظمته الذي سافر معه أحضر 35 طنًا من مواد الإغاثة، وأضاف أن "طائرة أخرى تحمل 30 طنًا من المعدات الطبية ستصل الأيام المقبلة".

سياسيًا، استقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد، وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، في دمشق، وشكره على "المساعدات الإنسانية والإغاثية الضخمة"، التي قدمتها أبو ظبي منذ الزلزال المدمر، بحسب ما جاء في بيان صادر عن رئاسة نظام الأسد. وابن زايد هو أول مسؤول عربي يزور النظام السوري منذ وقوع الزلزال الأسبوع الماضي.

تترافق الزيارة، مع سعي نظام الأسد، والبلدان العربية المستعدة للتطبيع معه، لاستغلال لحظة الزلزال، باعتبارها فرصةً من أجل إعادة العلاقات مع النظام السوري، حيث أعلنت تونس عن رفع تمثيلها الدبلوماسي لدى النظام السوري، فيما تحدث عبد الفتاح السيسي مع الأسد، ولأول مرة، وكذا ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.

حذرت منظمة الصحة العالمية من تفشٍ محتمل للأوبئة شمالي سوريا، بسبب الجثث التي ما زالت تحت الأنقاض

وتعمل وسائل إعلام، موالية لنظام الأسد، على قيادة حملة إعلامية ضد "العقوبات" على نظام الأسد، متذرعةً بأنها تمنع وصول المساعدات إلى سوريا، وهو ما تنفيه المصادر الدولية والأممية.