الأمم المتحدة: اليمن على حافة المجاعة وقطاعه الصحي ينهار
13 يونيو 2025
خصّص مجلس الأمن الدولي مساء أمس الخميس جلسةً لبحث الوضع الإنساني والأمني في اليمن، في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على مناطق سيطرة الحوثيين، وخروج مطار صنعاء الدولي عن الخدمة بعد تدمير الطائرات المدنية فيه جراء هجوم إسرائيلي واسع في أيار/مايو المنصرم. وقد أدى ذلك إلى حرمان آلاف اليمنيين من السفر، بينما تشتد وطأة الجوع الحاد في البلاد نتيجة تراجع تمويلات الإغاثة، والصعوبات المتزايدة في إيصال المساعدات إلى مستحقيها بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.
واستمع أعضاء المجلس خلال الجلسة إلى إحاطة قدّمها كل من المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ومساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا.
حوالي 17 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد في اليمن، وهو معدل يقارب نصف سكان البلاد.
17 مليون يمني يعانون من الجوع الحاد
أكدت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، أن نحو 17 مليون شخص في اليمن يعانون من الجوع الحاد، ما يمثل قرابة نصف سكان البلاد. ووصفت مسويا الوضع الإنساني بأنه "مأساوي"، مشيرةً إلى أن سوء التغذية ما زال آفة تضرب أنحاء اليمن.
وأوضحت أن سوء التغذية يؤثر على 1.3 مليون امرأة حامل ومرضعة، إضافة إلى 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة، محذّرة من احتمال انضمام 6 ملايين يمني آخر إلى الفئات التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي، إذا لم يتواصل الدعم الإنساني، الذي يشهد تراجعًا حادًا منذ قرار إدارة ترامب تجميد أنشطة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
وفي سياق متصل، تطرّقت مسويا إلى التدهور المتسارع في القطاع الصحي، واصفة إياه بأنه يعاني من "هشاشة حادة"، محذّرة من أن نقص التمويل قد يؤدي إلى إغلاق 771 مركزًا صحيًا إضافيًا، ما سيحرم نحو 7 ملايين شخص من الحصول على الرعاية المنقذة للحياة. ولفتت إلى أن النساء والفتيات يواجهن بشكل خاص مخاطر جسيمة، بينها العنف القائم على النوع الاجتماعي.
ورغم هذه التحديات، أكدت مسويا أن العاملين في المجال الإنساني لا يزالون يواصلون أداء مهامهم، مشيرة إلى أن أكثر من 4 ملايين يمني تلقوا مساعدات إنسانية منقذة للحياة شهريًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025.
لكنها شددت على أن التمويل "لا يزال غير كافٍ ويقيّد استجابتنا، ويجعل جهودنا أقل بكثير من مستوى الحاجات الملحّة"، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لتأمين المساعدات وضمان استدامتها بما يتناسب مع حجم الأزمة.
وختمت مسويا إحاطتها بالدعوة إلى تحرك فوري "لضمان إطلاق سراح موظفي الأمم المتحدة وغيرهم من المحتجزين، مع الإبقاء على دعم جهود الوصول إلى سلام دائم في اليمن".
حرمان من السفر وأوضاع أمنية هشّة
من جهته، استعرض المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، التحديات الأمنية المتزايدة في البلاد، مشيرًا إلى أنه "رغم توقف الأعمال العدائية في البحر الأحمر عقب اتفاق بين الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله، فقد وقعت هجمات متعددة من قبل الحوثيين وإسرائيل على موانئ يمنية رئيسية ومطار صنعاء".
وقال غروندبرغ إن اليمنيين القاطنين في مناطق سيطرة أنصار الله "لم يعودوا قادرين على السفر جوًا من مطار صنعاء لتلقي العلاج في الخارج، أو أداء فريضة الحج، أو زيارة ذويهم"، وهو ما يشكل انتكاسة إنسانية إضافية.
وأشار إلى وجود "إجماع إقليمي على أن التسوية السياسية التفاوضية هي السبيل الوحيد لحل النزاع"، مجددًا دعوته إلى جميع الأطراف لحماية المدنيين والبنية التحتية الحيوية.
احتمالات التصعيد
وحذّر غروندبرغ من أن "الوقت ليس في صالحنا"، مشيرًا إلى هشاشة خطوط التماس في عموم البلاد، واحتمال انزلاق الوضع إلى مواجهات عسكرية أكثر حدة. وقال: "لا تزال مأرب مصدر قلق خاص، في ظل تقارير عن تحركات للقوات واندلاع اشتباكات متقطعة، إلى جانب نشاط على جبهات في الضالع، الحديدة، لحج، وتعز".
ومع ذلك، أشار إلى بعض التطورات الميدانية الإيجابية، أبرزها إعادة فتح طريق الضالع الذي يربط بين عدن وصنعاء، معربًا عن أمله في أن يشكل ذلك بداية لخطوات أخرى تُعيد فتح الطرق، وتدعم الاقتصاد اليمني المتدهور عبر إجراءات لبناء الثقة.
واختتم غروندبرغ كلمته بالقول: "السلام في اليمن لا يعني مجرد احتواء خطر وشيك، بل هو أولًا وأخيرًا يتعلق بمصير اليمنيين وحقهم في مستقبل آمن".