20-أبريل-2022
الأعمال الشعرية للشاعر اللبناني وديع سعادة

الأعمال الشعرية للشاعر وديع سعادة

أصدرت دار النهضة العربية في بيروت طبعة جديدة من الأعمال الشعرية للشاعر اللبناني وديع سعادة، ضمت بالإضافة إلى الطبعة السابقة المجموعات التي أصدرها الشاعر لاحقًا، وهي: "من أخذ النظرة التي تركتها أمام الباب؟"، و"قل للعابر أن يعود.. نسي ظله هنا"، و"ريش في الريح".

تشمل هذه الطبعة كل ما كتبه وديع سعادة حتى اليوم، وهي ثلاث عشر مجموعة شعرية، بدأت مع "ليس للمساء إخوة" التي خُطّت باليد ووزعت أوائل عام 1971 في بيروت، وحتى "ريش في الريح" الذي اكتفى بنشره على الإنترنت دون جمعه في كتاب كما حصل مع المجموعتين السابقتين له، إذ صدرتا في كتاب واحد عن دار نلسن تحت عنوان "قل للعابر أن يعود نسي هنا ظله - ويليه: من أخذ النظرة التي تركتها أمام الباب؟".

تقع تجربة سعادة الشعرية في منطقة فلسفية وجودية، حيث يحمل الشاعر عبء مفسّر الحياة، ومن خلال إمعانه العميق في الماضي نراه يستنبط مقولات مصيرية حول وجودنا العابر

تقع تجربة سعادة الشعرية في منطقة فلسفية وجودية، حيث يحمل الشاعر عبء مفسّر الحياة، ومن خلال إمعانه العميق في الماضي نراه يستنبط مقولات مصيرية حول وجودنا العابر. تغوص أشعاره في المأزق الكينونة الإنسانية، عبر لغة تسأل وتتأمل، وقصائد تنشغل برسم الحياة من زواياها المهجورة والمهملة، مع التركيز على تجليات الحقيقة الكبرى: الزوال. تقول الناقدة علياء الداية: "كلمات وديع سعادة ونصوصه تنساب كنهر يمتلك ألوان الحياة، ويمضي بين متغيرات تتحول بين يدي الشاعر إلى كائنات متحركة، تتبادل الحوار مع مكوّنات القصيدة، كالليل والنهار، والفصول الأربعة. الإنسان في بطولة القصيدة، يسلِّم بمجرى الحياة الهادئ، ولكنه يبتعد عن اليقينيّات، إنه ليس إنسانًا وحيدًا، بل كائنٌ متحرك في محيطٍ ساكن، إنسان ساخرٌ، مسافر، سابح. كثيرًا ما يكتنفه خيار الغرق في البحر، أو في الماء، أو في دمعة. الغرق هو وسيلة للخلاص من الحياة، أو من الأسئلة، أو هو الحياة في شكل آخر".


زيارة ليلية

 

كانوا يُخْبرونَ أطفالَهم حكايات

عن الملاكِ الحارسِ والزرْع

والبلبلِ الذي جاءَ هذا الصباح

وغنَّى في شجرةِ التوت، على شبَّاكهم

يُخبرونهم عن عِنَبٍ

سيبيعونه ويشترون

لهم ثيابًا جديدة

عن كنزٍ

يكون غدًا تحتَ وسادتهم إذا ناموا،

لكنَّهُم وَصَلُوا

قطعوا الحكاياتِ

تركوا بقعًا حمراءَ على الجدار

وخَرَجوا.

 

صيادون

 

قبلَ أنْ يُسْقِطوا بعضَهُم بعضًا تدرَّبُوا

سنواتٍ طويلةً

على صَيْدِ الحِجالِ

على رَمْي الحصى في الفضاء

ونَقْشِها بالرصاص

تدرَّبُوا على نَتْفِ الجوانحِ

وجَعْلِها مكانس

وحاولوا في سواعدِهم

زَرْعَ ريشٍ

ليصيروا طيورًا

وتساقطوا

مثلَ الطيورْ.

 

سماء سرية

 

وَجَدُوهُ

يدُهُ زرقاءُ ومُنْبَسِطَة

كجناحِ وَرْوارٍ

وفمُهُ مفتوحٌ قليلًا

كأنَّهُ كانَ يريدُ

أن يغنِّي.

 

شيء على العتبة

 

كان ميِّتًا لكنَّهُ كان

يُحِسُّ أناملَهُم على جبهتِهِ

أسْبَلوهُ وسطَ الدار

على فراشٍ استأجروهُ وكانَ

يُحِبُّ أن يشتري مثلَهُ،

أسبَلوهُ وألبسوهُ ثيابًا

رأى مثلها في واجهاتِ المدينة

وحينَ حملوه

تركَ وهو يغادرُ البيتَ

شيئًا غريبًا على العتبة

وكانوا كُلَّما دخلوا

يرتجفونَ ولا يعرفونَ السبب.