03-يوليو-2018

رغم كل الاختلاف حولها، إلا أنه من المؤكد أن حياة مارادونا لم تكن مملة أبدًا (أ.ف.ب)

لا شك أن مارادونا أسطورة في عالم كرة القدم، حتى أن البعض يعتبرونه أفضل من لعبها على الإطلاق، لكن أسطورته لا تنسحب تمامًا على باقي جوانب حياته. بلا أحكامٍ أخلاقية، دعونا نكتشف جوانب الحياة الصاخبة لأسطورة كرة القدم الأرجنتيني، دييغو مارادونا، في التقرير التالي، المترجم بتصرف عن موقع صحيفة إلبايس.


يرى البعض السنوات الـ58 التي عاشها مارادونا حتى الآن، على أنها مجيدة، والبعض الآخر يراها كارثية، ولكن هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنه لا يمكن لأحد أن يدعي أنها مملة. فلقد استحوذ لاعب كرة القدم الأرجنتيني على قلوب عشاق الرياضة في الثمانينيات والتسعينيات بفضل تجاوزاته وشغفه وجرأته الزائدة عن الحد.

سواءً اختلف الناس عمّا إذا كانت حياة مارادونا مجيدة أم كارثية، فلن يختلف أحد على أنها لم تكن مملة أبدًا

أسطورة كرة القدم، الذي لقب من أحد أشهر معلقي كرة القدم، الأوروغواني فيكتور هوغو موراليس، بـ"الطائرة الورقية الفضائية"، إشارة إلى اختلافه العميق لصالحه عن غيره من أبناء جيله.. يوم الثلاثاء الماضي، أي قبل نحو أسبوع، كان يجلس في المنطقة المخصصة لكبار الشخصيات بملعب سانت بطرسبرغ، حيث كان فريقه الوطني يلعب ضد نيجيريا للحصول على مكان في دور الـ16 لكأس العالم. ومرة أخرة، قدّم مارادونا عرضًا صاخبًا بفضل إيماءاته، وتأرجحه يمينًا ويسارًا، والنقص الواضح في ضبط النفس الذي جعله يحتاج إلى عناية طبية بعد انتهاء المباراة.

اقرأ/ي أيضًا: في عمر 56.. مارادونا ما زال مُبهرًا بالركلات الحرة

إن التعليقات العديدة التي انتشرت بعد ذلك، والتي أشارت إلى السبب المحتمل لما حدث على الملأ، ليست ذات أهمية إخبارية، لأنها مجرد إشاعات وتخمين، ولم يتم تأكيدها. ولكن حتى وسائل الإعلام الرياضية، التي لطالما اعتادت الدفاع عن أسطورة كرة القدم، غيرت نغمتها وأدانت سلوكه، حتى قيل عنه في إحد المقالات: "لم يعد الأمر مضحكًا، إنه مشهد مثير للشفقة". هذا المشهد، إذا استمرت الأمور على هذا النحو، يمكن أن يطغى على صورته، ويحوله إلى مثال لما لا ينبغي أن يكون عليه النجم الرياضي.

يبدو أن مارادونا يعتقد فعلاً أنه قد لمسته "يد الله"، وهو ما قاله عن هدفه الحاسم ضد بريطانيا في مباراة ربع النهائي بكأس العالم في المكسيك عام 1986، وهو الهدف الذي أحرزه بيده، واحتسبه الحكم، ليقول مارادونا: "كانت تلك يد الله".

ويبدو أنه يعتقد أيضًا أنّ أحدًا لن يوقفه عن فعل ما يريد؛ كان يدخن السيجار في الاستاد، على الرغم من حظر التدخين، وقد انتقد المدرب الوطني الأرجنتيني، سامباولي، لأنه يدعي أنه يعرف أكثر وسيقوم بعمل أفضل. إن موقفه وأفعاله تخطف الأضواء من أولئك الذين يجب أن يكونوا أبطال البطولة الحقيقيين، أي اللاعبين أنفسهم؛ إنه على خلاف دائم مع بيليه، ومع نسائه، ومع أطبائه وحتى بعض أولاده. إن حياة مارادونا، الرجل الذي كان في السابق بطلاً للأرجنتين، معلقة على خيط رفيع، بسبب تجاوزاته.

لا يزال ظِلُّ إدمانه يخيم فوق رأسه. وقد اعترف ذات مرة في برنامج تلفزيوني إيطالي قائلاً: "كنت في الـ24 من عمري عندما تعاطيت المخدرات للمرة الأولى في برشلونة. المخدرات هي أكبر مشكلة، المخدرات تقتل". وخلال الفترة ما بين عامي 1998 و2000، أي الأعوام التي تلت اعتزاله لكرة القدم، تحدث مرات عديدة عن حربه اليائسة ضد الكوكايين. وفي كانون الثاني/يناير عام 2000، تم نقله إلى المستشفى في بونتا ديل إستي بدولة أوروغواي، وأوضح الطبيب الذي أنقذ حياته بعد عدة سنوات، أنه على مدار 40 دقيقة كان لا يعلم ما إذا كان سيظل على قيد الحياة.

الحياة العاطفية لمارادونا تسببت له في العديد من المشكلات (Getty)
الحياة العاطفية لمارادونا تسببت له في العديد من المشكلات (Getty)

سافر إلى كوبا ليلتحق ببرنامج لإعادة التأهيل، وأصبح صديقًا للزعيم الكوبي فيديل كاسترو. وفي عام 2004، دخل عيادة للأمراض النفسية في بوينس آيرس، لخوض عملية تخلص من السموم.

يبدو مارادونا من تصرفاته وتصريحاته، يعتقد فعلًا أن "يد الله" قد لمسته، وأن أحدًا لن يوقفه عن فعل ما يرغب في فعله

وفي عام 2005، ادعى أنه بدأ في التغلب على إدمانه، وخسر 50 كيلوغرامًا من وزنه الذي بلغ 120 كيلوغرامًا في ذلك الوقت، بفضل عملية ربط المعدة.

اقرأ/ي أيضًا: يد الله وقبلة الشيطان

ولكن في عام 2007 كانت الكحوليات هي التي أعادته للعلاج لعدة أسابيع. وفي عام 2010، أوقفه الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لمدة شهرين بسبب الإدلاء بتعليقات فاضحة للصحافة بعد فوز الفريق على أوروغواي أثناء وجوده كمدير لفريق الأرجنتين.

وفي عام 2011، طُرد من منصب مدير نادي الوصل، بالإمارات العربية المتحدة، بعد أن فشل في الحصول على نتائج. عاد إلى الإمارات في عام 2017، كمدير فني لنادٍ آخر هو الفجيرة لموسم واحد.

كما أن حياته العاطفية وقضاياه القانونية، قد تسببت له في مشاكل جمّة؛ فلدى مارادونا خمسة أطفال من أربع نساء مختلفات، كما أنه تم التحقيق معه بتهمة حيازة الكوكايين في 1991، واعتدى على بعض الصحفيين في 1994، وواجه ثلاث دعاوى إثبات نسب. 

وبالطبع كانت لديه مشاكله مع مصلحة الضرائب في إيطاليا، حيث طُلب منه دفع أكثر من 34.2 مليون يورو كضرائب غير مدفوعة منذ أن كان يلعب مع نادي نابولي. ووُجهت إليه كذلك اتهامات بالعنف ضد المرأة والتحرش الجنسي؛ ففي عام 2006، رفعت امرأة دعوى قضائية ضده في بولينيزيا بسبب كسر إناء فوق رأسها بعد مشاجرة مع ابنته جيانينا، وهي قضية تمت تسويتها خارج المحكمة.

جرأة مارادونا أحيانًا كثيرة تكون زائدة عن الحد (Getty)
جرأة مارادونا في أحيان كثيرة تكون زائدة عن الحد (Getty)

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2014، كان صديقته آنذاك، روسيو أوليفا، بطلة مشاجرة أخرى، حيث صرخ في وجهها وضربها مرتين إثر خلاف حول هاتف محمول. ورفعت دعوى أخرى من قبل الصحفية الروسية ييكياترينا نودولسكايا التي اتهمت مارادونا بأنه حاول نزع ملابسها عندما ذهبت لإجراء مقابلة معه في غرفته.

تسببت الحياة العاطفية لمارادونا في عديد المشكلات، ففضلًا عن أبنائه الخمسة من أربع نساء، رُفعت ضده عدة قضايا إثبات نسب

الآن عاد اللاعب الأرجنتيني إلى مفترق طرق، فإمّا أن يتصرف كالنجم المتقلب كثير الأخطاء، أو أن يحترم ماضيه الرياضي ويحافظ على الإنجازات التي جعلت منه واحدًا من أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عندما قام مارادونا بكلّ شيء في كأس العالم 1986

5 أساطير كروية.. 5 حكايات تدريب فاشلة