31-يناير-2017

بانتظار فتح أبواب المعرض (ألترا صوت)

كان الأمر منتظرًا إلى حدِ التربص منذ أشهر؛ أن تفتتح مشيخة الأزهر جناحًا (صالة 4 بسرايا الناشرين المصريين) لأول مرة في "معرض القاهرة الدولي للكتاب"، الذي بدأت فعالياته في 26 من كانون الثاني/يناير الجاري، يضم عددًا من الكتب صدرت عنه، أو تدعمه، خاصة أنها تملك 56 ألف مخطوطة منذ المطبعة البولاقية، أو مطابعه، وأكثر من مئة ألف كتاب مطبوع.

شهد جناح الأزهر إقبالًا كبيرًا في "معرض القاهرة الدولي للكتاب" خلال أيامه الأولى

وشهد جناح الأزهر إقبالًا غير محدود بمعرض القاهرة الدولي للكتاب خلال الأربعة أيام الأولى له، حيث احتشد المئات لمطالعة العناوين التي يقدّمها الأزهر، بدءًا من الكتب مرورًا إلى الدوريات والحوليات العلمية والأدبية، الصادرة عن قطاعات المشيخة المختلفة. 

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يغيب الرئيس المصري عن معرض الكتاب؟

ويقدّم جناح الأزهر مشاهد تخيلية "عرض مستمر" لرحلات عبر الزمن تمتدّ إلى أكثر من ألف عام عن قصص الحضارة الإسلامية من الدعوة والغزوات والفتوحات، عبر بانوراما خاصة بذاكرة الأزهر. ومن بين الخدمات التي قدّمها الأزهر في جناحه مركز عالمي للرصد والفتوى، يعدّ الأكثر زيارة من قِبل زوار معرض الكتاب، ويحتوي ردودًا على الأسئلة الشرعية والفقهية التي يطرحها الزوّار، بالإضافة إلى حملات توعية عبر ندوات أبرزها عن الفكر المتطرف، وتوضيح أنّ المشيخة لا تتبناه، لإثبات قول شيخها، أحمد الطيب، بأن "الإرهابيين ليس من بينهم أزهريون".

وضمّ جناح الأزهر ركنًا لمكتبة الطفل، شهدت تواجدًا ضخمًا من الأطفال والأهالي، ووفرت المشيخة فيه عددًا من كتب وقصص الأطفال الإسلامية، ومجلة "نور" التي تصدرها الرابطة العالمية لخريجي الأزهر، حيث تستهدف التواصل مع الأطفال بلغة مبسطة عن طريق جذبهم للمادة العلمية لتعريفهم بالتاريخ، سواء التاريخ المصري، الذي شهد انتقادًا واسعًا من جانب الزوّار لتجاهله الحضارة الفرعونية، وتلميحًا من جانب البعض إلى أن الأزهر يعتبرها كفرًا. 

وكان مثيرًا للجدل تخصيص رف كامل بجناح الأزهر لعرض كتاب اعتبره البعض عنصريًا ضد المسلمين، والمرأة المسلمة وغير المسلمة تحديدًا بدعوة أنّه "يدافع عن الإسلام السني ضد الهجمة الشرسة عليه وحماية الشباب، خاصة صغار السن، من الوقوع في براثن التطرف والفجور"، وفق قول أحد العاملين بالجناح، رفض نشر اسمه. 

الكتاب، الذي احتلّ رف كامل بجناح الأزهر، وأثار الجدل هو "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع" من تأليف محمد بن محمد الخطيب الشربيني شمس الدين. ويشرعن -يؤصِّل في رواية أخرى- شمس الدين في الكتاب القتل وتحقير المرأة وأكل لحم الأحياء، ويدرسه طلاب الثانوية الأزهرية في مصر. في الكتاب تمييز واضح ضد المسيحيات، واليهوديات، ومن هم غير المسلمات، فيأمر، مستندًا إلى فتاوى "متعفّنة" بـ"تمييز نساء المسيحيات بلبس طوق حديد حول رقابهنّ وارتداء إزار مخالف لإزار المسلمات، وتمييز أدوارهنّ بعلامات حتى لا يمر السائل عليهنّ فيدعو لهنّ بالمغفرة".

الكتاب الذي أثار الجدل في جناج الأزهر هو "الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع"

لم يقف التمييز عند المسيحيات إنما وصل إلى المرأة، أي امرأة، وورد في الكتاب المتشدّد، الذي يحتل أرفف جناح الأزهر، أن "النساء على ضربين، ثيبات وأبكار، فالبكر يجوز للأب والجد إجبارها على النكاح، والثيب لا يجوز تزويجها إلا بعد بلوغها وإذنها".

اقرأ/ي أيضًا: إعلان قرطاج لحماية المبدعين المعرّضين للمخاطر

ويحتوي الكتاب على فتوى تبيح أكل لحم أي آدمي ميت شريطة ألّا يوجد غيره: "للمضطر أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره، واستثنى من ذلك ما إذا كان الميت نبيًا فإنه لا يجوز الأكل منه جزمًا، أما إذا كان الميت مسلمًا والمضطر كافرًا فإنه لا يجوز الأكل منه لشرف الإسلام، وحيث جوزنا أكل ميتة الآدمي لا يجوز طبخها، ولا شيها، لما في ذلك من هتك حرمته، ويتخير فى غيره بين أكله نيئًا وغيره".

ووصلت الفتاوى إلى حد إباحة أكل البشر أحياء، وقال: "يحل قطع جزء نفسه لأكله إن فقد نحو ميتة وكان خوف قطعه أقل، ويحرم قطع بعضه لغيره من المضطرين، لأن قطعه لغيره ليس فيه قطع البعض لاستبقاء الكل". وحرّك الغضب، أيضًا، كتاب "الإقناع"، الذي وردت فيه فتوى تحلّ إهانة المخالف في الدين وتكفيره والتضييق عليه حتى في طريقة عبادته لله، خاصة المسيحيين، حيث قال: "تعطى الجزية من الكتابيّ على وصف الذل والصِغار، ويقولون له: أعط الجزية يا عدو الله"، آمرًا بألّا تبنى كنيسة في الإسلام مبرِّرا ذلك بأنها "معصية". 

رغم ذلك، رغم كل هذا العنف والتمييز والتكفير والإرهاب، يحتفظ الأزهر بكتب القتل على سنة الله ورسوله في جناحه بمعرض الكتاب، الذي من المفترض أنه موسم للعلم والثقافة والحرية، ويواجه الانتقادات بالصمت.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

عزمي بشارة مشخصًا حال الخيار الديمقراطي العربي

هدية للداخلية المصرية في عيدها