08-فبراير-2022

من لقاء ماكرون وبوتين (أ.ف.ب)

الترا صوت – فريق التحرير

تتسارع وتيرة التحركات الديبلوماسية الرامية إلى الحيلولة دون اجتياح أوكرانيا من طرف روسيا، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين في موسكو نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تتولى بلاده حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. كما استقبل الرئيس الأمريكي في واشنطن المستشار الألماني أولاف شولتز، في الوقت الذي زار فيه أوكرانيا الإثنين أيضًا كلٌّ من وزيرة الدفاع الألمانية أنالينا بيربوك، وكذلك وزراء الخارجية التشيكي يان ليبافسكي، والسلوفاكي إيفان كوركوك، والنمساوي ألكسندر شالنبرغ.

تتسارع وتيرة التحركات الديبلوماسية الرامية إلى الحيلولة دون اجتياح أوكرانيا من طرف روسيا، حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الإثنين في موسكو نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون 

فرنسا تقود المباحثات الغربية مع موسكو

حسب بيان صادر عن قصر الإليزيه في باريس فإن ماكرون الذي وصل موسكو ظهر الإثنين عقد بعيد وصوله مباشرة إلى موسكو اجتماعًا ثنائيًا. وكان بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية قال إن ماكرون وبوتين عازمان على "المضي إلى جوهر الأمور" في اجتماعهما، من خلال درس إجراءات "خفض التصعيد" في الأزمة على حدود أوكرانيا.

وشهد الأحد إجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الفرنسي ماكرون ونظيره الأمريكي بايدن استمرت 40 دقيقة، وقال بيان صادر عن الإلزيه إن المكالمة المطولة بين الرئيسين هي جزء من "منطق التنسيق" قبل زيارة الرئيس الفرنسي إلى موسكو، ثم توجهه الثلاثاء إلى كييف حيث سيلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

اقرأ/ي أيضًا: ما الذي يهم تركيا في النزاع حول أوكرانيا؟

واستبق ماكرون مكالمته مع بايدن بسلسلة مكالمات أخرى مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ وزعماء دول البلطيق الثلاثة، الرئيس الليتواني جيتانا نوسيدا ورئيسي وزراء لاتفيا كريسيانيس كارينز وإستونيا كاجا كالاس. الأمر الذي يشي حسب المتابعين لحيثيات الأزمة الأوكرانية بقيادة باريس مباحثات الغرب مع موسكو، في محاولة قد تكون الأخيرة لتجنب خيار الذهاب إلى الحرب.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صرّح في وقت سابق أنه "سيناقش مع الروس شروط خفض التصعيد على الحدود مع أوكرانيا"، في إشارة إلى الحشود العسكرية الروسية المتزايدة على الحدود والتقارير الاستخباراتية الغربية التي تتحدث عن غزو وشيك لأوكرانيا من طرف روسيا بالرغم من نفي الأخيرة  وإصرارها أن الهدف من وراء الحشود ليس غزو كييف وإنما ضمان أمنها فحسب.

أمّا عن لقاء المستشار الألماني أولاف شولتز  بالرئيس الأمريكي جو بايدن والذي يعد أول لقاء له منذ توليه المنصب، فقد استبقه المستشار  الألماني بإعلان أن بلاده مستعدة لإرسال قوات إضافية إلى دول البلطيق. كما قال شولتز في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست "عملنا بجد لبعث رسالة إلى روسيا مفادها أنه سيكون هناك ثمن باهظ يجب دفعه إذا تدخلت في أوكرانيا"، مضيفًا "أقدّر حقا ما يفعله الرئيس بايدن في المناقشات الثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا؛ إنها في منتهى الصعوبة". وفي مقابلة له مع شبكة "إيه آر دي" الألمانية قال أيضًا "مستعدون للقيام بكل ما هو ضروري لتعزيز  وجود ألمانيا في عمليات حلف شمال الأطلسي في دول البلطيق".

ومن المنتظر أن يلتقي المستشار الألماني شولتز زعماء دول البلطيق في برلين هذا الأسبوع، وأن يسافر إلى أوكرانيا وروسيا في وقت لاحق من هذا الشهر. ويذكر أن المستشار الألماني تعرّض لانتقادات كثيرة حول موقف ألمانيا الملتبس خلال الأزمة الأوكرانية.

تزامنا مع هذا الحراك الديبلوماسي المكثف أعلنت الرئاسة الأوكرانية في كييف أنّ فرص الحل الدبلوماسي  تظل أكبر من احتمال التصعيد العسكري. وفي هذا الصدد نشر وزير خارجية أوكرانيا ديمترو كوليبا تغريدة على تويتر  قال فيها: "لا تصدقوا التوقعات المدمرة. عواصم مختلفة لديها سيناريوهات مختلفة لكن أوكرانيا مستعدة لأي تطور"، مضيفًا "اليوم أوكرانيا لديها جيش قوي ودعم دولي غير مسبوق وإيمان الأوكرانيين ببلدهم. العدو يجب أن يخاف منا".

أما  وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف فقال أيضًا "إن التقديرات تشير إلى أن احتمال حدوث تصعيد كبير في الصراع الروسي الأوكراني منخفض". مؤكّدًا في ذات الوقت أن الجيش الأوكراني "يستعد للسيناريوهات كافة، ويتخذ جميع الإجراءات اللازمة لتحييد التهديدات".

الحشد العسكري جارٍ على قدم وساق

بالرغم من الحراك الديبلوماسي المكثف والتطمينات القادمة من هنا وهناك بتجنب خيار الحرب فإن الحشود العسكرية تتزايد وإرسال الجنود والمعدات العسكرية يتواصل. فقد وصلت إلى مطار مدينة ياشونكا البولندية طائرة عسكرية أمريكية تحمل جنودًا وآليات عسكرية، وذلك ضمن عمليات لنقل نحو 1700 جندي من الفرقة 82 المحمولة جوًا إلى قاعدة ريزاشو جنوب شرق بولندا، وقاعدة رامشتاين في ألمانيا.

يشار إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية قالت إن "هذه القوات لن تشارك في أي عمليات قتالية على أراضي أوكرانيا في حال اندلاعها، لكنها ستعزز دفاع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقي أوروبا". وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قرر الأربعاء الماضي إرسال نحو 3 آلاف جندي إضافي إلى بولندا ورومانيا، ضمن مساعي واشنطن لطمأنة الحلفاء الذين يساورهم القلق إزاء التحركات الروسية.

وبرّر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان هذه الإجراءات بالقول "إن روسيا جهزت القدرات اللازمة لشن عملية عسكرية كبيرة لغزو أوكرانيا"، وأنه بات لديها بالفعل 70% من القوة اللازمة لتنفيذ عملية كهذه، بحسب مسؤولين أمريكيين. مؤكدًا في مقابلة مع شبكة "إن بي سي" "أن واشنطن كثفت جهودها لإعداد الرد ضد التصعيد الروسي إلى جانب حلفائها"، مضيفًا "نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة" على حد تعبيره.

بالرغم من الحراك الديبلوماسي المكثف والتطمينات القادمة من هنا وهناك بتجنب خيار الحرب فإن الحشود العسكرية تتزايد وإرسال الجنود والمعدات العسكرية يتواصل

وفي سياق الإعدادات العسكرية وُضعت مجموعة حاملة طائرات أمريكية تحت قيادة حلف الناتو العملياتية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأدرياتيكي، وهو إجراء يحدث للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة. في المقابل أظهرت صور أقمار صناعية لشركة ماكسار تكنولوجيز المتخصصة في التصوير عبر الأقمار الصناعية انتشارًا عسكريًا روسيًا غير مسبوق في جنوب بيلاروسيا بالقرب من الحدود مع أوكرانيا. كما أظهرت الصور انتشارًا لطائرات وقوات وأنظمة دفاع جوي روسية في قواعد عسكرية في بلدات يلسك ولونينيتس وريشيتسا جنوبي بيلاروسيا. وكانت روسيا أعلنت نقل قوات من سيبيريا والشرق الأقصى إلى بيلاروسيا لإجراء مناورات مشتركة واسعة النطاق.