14-يونيو-2022
المدارس الخاصة في الأردن

تعاني المعلمات من انتهاكات عديدة في المدارس الخاصة في الأردن (Getty)

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بإنصاف المعلمات في مدارس القطاع الخاص في الأردن وذلك بعد وفاة إحدى المعلمات وجنينها وهي على رأس عملها بسبب الإهمال الطبي.

"حملة قم مع المعلم" أكدت لألترا صوت أنها تلقت حوالي 700 شكوى من معلمات في القطاع الخاص منذ بداية العام الحالي بمعدل 50 إلى 100 شكوى شهريًا

رواد مواقع التواصل الاجتماعي أطلقوا حملة عبر وسم "بدنا حق ربى" للمطالبة بإيجاد حلول تنصف العاملات في المدارس الخاصة واللاتي غالبا ما يتعرضن لانتهاكات عديدة، من قبيل إجبارهن على قبول رواتب تقل عن الحد الأدنى للأجور والحرمان من الإجازات والفصل التعسفي والعمل لساعات طويلة وغيرها من أوجه الاستغلال الوظيفي. 

"بدنا حق ربى"... بداية القصة

قصة المعلمة الراحلة رُبى أثيرت عندما نشر زوجها مقطع فيديو يروي فيه معاناة زوجته الحامل بشهرها الثامن، والأم لخمسة أطفال، والتي عملت في التدريس في إحدى المدارس الخاصة في مدينة إربد شمال العاصمة، وكيف أنها كانت مجبرة فوق عملها في التدريس على مرافقة لجولات الحافلات المدرسية أيضًا، وذلك بحسب الرواية التي نقلها الزوج وتناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن. 

يقول الزوج أنه في أحد أيام شهر رمضان الماضي، وبينما كانت ربى على رأس عملها، أغمي عليها فاتصلت المدرسة بالزوج بعد ساعات من الحادثة وطلبوا منه إسعافها، على حد قوله، من دون أن يطلبوا لها الدفاع المدني، فتوجه الزوج إلى المدرسة لإسعاف زوجته بسيارته الخاصة.

يضيف الزوج: "دخلت زوجتي في غيبوبة، وتوفيت هي والجنين."

يؤكد الزوج في مقطع الفيديو أن زوجته خرجت من المنزل ذلك اليوم بصحة جيدة، إلا أنها كانت لا تجلس أبدا بسبب عملها مرافقة للجولات بالإضافة إلى عملها في التدريس، كما أن راتبها كان 140 دينار ًا فقط  (197 دولار أمريكي) وقد كانت محرومة من الاشتراك في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي ولم تكن مسجلة لدى وزارة التربية والتعليم بوصفها معلمة.

 

مقطع الفيديو نشرته حملة "قم مع المعلم" المنبثقة عن اللجنة الأردنية للإنصاف بالأجور والتي تهدف إلى توعية المعلمين وحماية حقوقهم، وقد لقي المقطع تفاعلًا واسعًا على كافة مواقع التواصل الاجتماعي.

في المقابل، نفت المدرسة في بيان لها رواية الزوج جملة وتفصيلا وشددت على أن المدرسة لا يوجد فيها عمل إضافي "وما قيل أنها تعرضت لضغط عمل نقول أن ذلك غير صحيح فلقد تم مراعاة وضعها الصحي أثناء حملها بالكامل ولم تكن مسؤولة عن جولات الطلبة."

وزارة العمل: المعلمة لم تتقدم بشكوى ضد رب عملها

من جهته، قال نقيب أصحاب المدارس الخاصة، منذر الصوراني، لألترا صوت أن دور النقابة ينحصر في الحفاظ على المهنة وتعزيز التعاون بين الأعضاء وتحصيل حقوقهم ومتابعة شؤونهم مع الجهات الرسمية، أما الجهة المسؤولة عن تصويب أوضاع العاملين في المدارس الخاصة فهي وزارة العمل.

كما أكد أن قضية المعلمة ربى بالذات، وقد مر على وفاتها عدة شهور، "لا بد أنها مرت ضمن إجراءات رسمية... ونحن ليس لنا أي دور ولم نعلم به إلا أمس (عند ظهوره في الإعلام)" والموضوع الآن لدى الجهات التنفيذية.

أما رسميًا، فبعد ساعات قليلة من انتشار مقطع الفيديو صرح مدير مديرية التفتيش في وزارة العمل، هيثم النجداوي، أن الوزارة تأخذ الشكاوى العمالية بعين الاعتبار وتقوم بجولات تفتيشية ورقابية، وأضاف أن المعلمة ربى لم تتقدم لا هي ولا زوجها بشكوى إلى وزارة العمل فيما يخص الراتب الذي كانت تتقاضاه من رب عملها.

كما أكد مصدر مسؤول في وزارة التربية والتعليم لصحيفة الغد بأن قضية المعلمة ربى منظورة أمام القضاء وستقوم الوزارة بإيقاع العقوبة المناسبة في حال ثبت تورط المدرسة بأية مخالفة.

رأس جبل الجليد لواقع حقوقي أخطر

من ناحية أخرى، قالت النقابة العامة للعاملين في التعليم الخاص في بيان صحفي إن قضية المعلمة ربى ليست إلا واحدة من حالات عديدة لمخالفات عمالية شهدها القطاع التعليمي الخاص.

النقابة قالت على لسان رئيس لجنة المعلمين فيها، لؤي الرمحي، إن المخالفات العمالية التي ترصدها اللجنة توضح ارتفاع حالات التجاوز على القانون والتغول على حقوق المعلمين والمعلمات وعدم احترام بنود العقد الموحد الذي ينظم العلاقة بين الطرفين، وأضاف أن المخالفات تزداد في المدارس الصغيرة والمتوسطة على مستوى محافظات المملكة.

تصريحات الرمحي أكدها تقرير لحملة قم مع المعلم كشف عن أن 55% من المعلمات في مدارس القطاع الخاص يتلقين أجورا دون الحد الأدنى للأجور، والذي يبلغ 260 دينارا أي ما يعادل حوالي 366 دولارا أمريكيا، وهو المعدل الذي يقل أصلا عن خط الفقر للأسرة المعيارية والذي يبلغ 480 دينارا أي ما يعادل حوالي 677 دولار أمريكي.

الانتهاكات الحقوقية ضد المعلمات في الأردن
الانتهاكات التي تتعرض لها المعلمات في المدارس الخاصة. (المصدر: حملة "قم مع المعلم")

 

"حملة قم مع المعلم" أكدت لألترا صوت أنها تلقت حوالي 700 شكوى من معلمات في القطاع الخاص منذ بداية العام الحالي بمعدل 50 إلى 100 شكوى شهريا، وكانت الشكاوى تتعلق بالحصول على أجور تقل عن الحد الأدنى للأجور، وبالاستقالات الإجبارية بهدف حرمانهن من حقوقهن بأجور العطلة الصيفية، بالإضافة إلى شكاوى تتعلق بالعمل ساعات إضافية من دون احتساب لأجرها، وحرمانهن من الإجازات وعدم احتساب سنوات الخبرة وعدم إشراك المعلمات بالضمان الاجتماعي وعدم تعيينهن في وزارة التربية والتعليم.

فرح سلامة، منسقة فريق الإعلام، في الحملة تؤكد لألترا صوت أن عدم وجود عقوبات رادعة من قبل كل ممن وزارة العمل ومديرية التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم، ضد المدارس التي تنتهك خروقات ضد المعلمات هو أحد أهم الأسباب وراء زيادة الانتهاكات، "فهناك بنود رادعة لكنها لا تطبق بشكل فعلي... كما أن بعض المدارس الخاصة بدأت تلاحظ أن هنالك تجاوزات يتم التغاضي عنها من قبل بعض المسؤولين للأسف، ولذلك فإن أعداد التجاوزات تزداد طمعا في الربح."

الانتهاكات الحقوقية ضد المعلمات في الأردن
تشكل الإناث النسبة الأعلى من المعلمين في مدارس القطاعين الحكومي والخاص. (المصدر: جمعية معهد تضامن النساء)

ويعود ضعف تطبيق العقوبات، حسب قول سلامة، إلى تعدد الجهات المسؤولة عن المدارس الخاصة ما بين وزارة العمل ووزارة التربية والتعليم ومؤسسة الضمان الاجتماعي، الأمر الذي يؤدي إلى تمييع تطبيق القوانين.

العقوبات التي تفرض على المدارس في بعض الحالات تكون على شكل غرامات تقل قيمتها بكثير عن المبالغ التي تُقتطع من رواتب المعلمات

تضيف سلامة أيضا أن معظم العاملين في التدريس في القطاع الخاص هم من النساء، وغالبا ما يتفادين تقديم الشكاوى ويفضلن الرضوخ للأمر الواقع، إذ غالبا ما لا تتم متابعة الشكاوى بشكل جدي من قبل مفتشي وزارة العمل كما تخشى المعلمات من النظرة الاجتماعية في حال تقديم شكوى، ناهيك عن أن العقوبات التي تفرض على المدارس في بعض الحالات تكون على شكل غرامات تقل قيمتها بكثير عن المبالغ التي تقتطع من رواتب المعلمات.