04-يناير-2022

(Getty Images)

أقر مجلس النواب الأردني يوم الإثنين تعديلات دستورية توسع صلاحيات الملك فيما يتعلق بإجراء التعيينات في بعض المناصب الهامة، بالإضافة إلى قبول الاستقالة وإنهاء الخدمات من دون الحاجة إلى توقيع رئاسة الوزراء أو الوزير المختص.

وافق المجلس في جلستين عقدتا في اليوم السابق على إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني، بحيث يصبح العنوان "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"

كما وافق المجلس في جلستين عقدتا في اليوم السابق على إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني، بحيث يصبح العنوان "حقوق الأردنيين والأردنيات وواجباتهم"، في حين لم يوافق على تعديل آخر ينص على أن "الملك هو رئيس مجلس الأمن الوطني والسياسة الخارجية".

التعديلات التي مررتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عبر دولاب التشريع حتى وصل بها أخيرا إلى الموافقة أو الرفض من قبل مجلس النواب، يصفها نقيب المحامين الأردنيين، مازن ارشيدات، بأن إقرارها بهذه الطريقة "خطأ كبير"، إذ جرى في أقل من ثلاثة شهور، وهو ما من شأنه أن يتسبب بأخطاء عند التطبيق.

التعديلات الدستورية: الحكاية من البداية

الضجة التي تشهدها الساحة الأردنية هذه الفترة لم تبدأ بعراك النواب تحت قبة البرلمان، بل ربما كانت المشاهد التي خرجت من البرلمان إلى الشاشات وتداولها الأردنيون بكثافة عبر هواتفهم الذكية، هي التي لفتت انتباه الناس إلى بعض التعديلات الدستورية المنشورة منذ أكثر من شهرين.

ففي حزيران/يونيو الماضي صدرت إرادة ملكية بتشكيل لجنة تتلخص مهامها في إجراء تعديلات دستورية تنحصر في المواد المتعلقة بقانون الانتخاب والأحزاب السياسية والعمل النيابي، بالإضافة إلى تمكين المرأة والشباب، وقد أكد الملك ضمانته ودعمه المطلق لمخرجات اللجنة، في حين أكد رئيس الوزراء، بشر الخصاونة، أن حكومته ستمتثل للتوجيه الملكي.

وفي مطلع تشرين الأول/نوفمبر أعلنت اللجنة عن نتائجها، إذ أوصت بتعديل اثنتين وعشرين مادة من مواد الدستور. إلا أن الحكومة فاجأت الجميع عندما أضافت تعديلات أخرى انحصرت في تشكيل مجلس للأمن الوطني والسياسة الخارجية يرأسه الملك ويضم رئيس الوزراء، ووزيري الداخلية والخارجية، وقائد الجيش، ومدير المخابرات، وعضوين آخرين يعينهما الملك، بالإضافة إلى تعديلات على المادة (40) بحيث تعطي الملك صلاحيات بتعيين قاضي القضاة، ورئيس المجلس القضائي الشرعي، والمفتي العام، ورئيس الديوان الملكي، ومستشاري الملك.

التعديلات الحكومية الهامة، والتي وافق مجلس النواب على أحدها بواقع 115 نائب من أصل 123 حضروا الجلسة ومخالفة سبعة فقط وامتناع نائب واحد عن التصويت، وصفها رئيس اللجنة القانونية في المجلس، عبد المنعم العودات، بأنها جاءت لتؤسس "مرحلة جديدة ننطلق فيها نحو الحياة الحزبية"، وأن الهدف منها يتلخص في النأي بالمؤسستين الدينية والعسكرية عن كل التجاذبات التي قد تطرأ نتيجة الوصول إلى تلك المرحلة، على حد وصفه. 

وفي معرض الرد على ذلك، تقول العضو في اللجنة الملكية والنائب السابق، ديمة طهبوب، أن ذلك يدل على أنه يتم التعامل مسبقا مع الحكومات البرلمانية الحزبية بنفسية الاتهام، وذلك لا يمهد لإبداء حسن النوايا تجاهها.

كما تؤكد طهبوب أن إقرار التعديلات على المادة (40) يتعارض مع الوثيقة المرجعية لللجنة والتي تضع الإطار العام الذي يمهد للوصول أخيرا إلى حكومات برلمانية، إلا إن كانت هذه الحكومات ستكون منزوعة الدسم، كما تقول طهبوب.

وقد أثار إقرار التعديلات على النحو الحاصل في مجلس النواب خلال الأيام الماضية استياء واسعًا بين الناشطين والمهتمين بالشأن العام في الأردن، حيث ساد انطباع مشترك بأن التعديلات "خطوة إلى الوراء"، وأنها لا تبشّر بمستقبل سياسي ديمقراطي وتعددي منفتح، وأنها تكرّس للسلطوية والاستفراد بالقرار، بحسب ما عبرت عنه آراء العديد من المغردين والمغردات من الأردن. 

"الأردنيون والأردنيات"

ورغم خطورة التعديلات السابقة كما أوضح العديد من المعلقين والناشطين السياسيين في الأردن، إلا أن النقاش حولها ظلّ إجمالًا حبيس دوائر مغلقة ضمت نخبًا ومختصين، في حين انشغل الرأي العام بتعديلات أخرى أثارت الجدل بل وحركت البعض نحو الشارع.

فيوم الأحد الماضي وافق مجلس النواب على إضافة كلمة "الأردنيات" إلى عنوان الفصل الثاني في الدستور الذي كان قبل التعديل ينص على أن "الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين"، ليشتمل بعد التعديل على كلمة "الأردنيات". وقد  جاء ذلك بعد أقل من أسبوع على عراك مجلس النواب الذي ذاع صيته، والذي كان قد بدأ بمجرد طرح المادة للنقاش.

مناصرو الحركة النسوية نزلوا إلى الشارع تأييدا لإجراء التعديل، والمطالبة بإضافة متغيّر "الجنس" إلى العنوان. في حين ظهرت دعوات لوقفات أخرى معارضة متخوّفة من هذه التعديلات وأثرها المجتمعي والقانوني، في الوقت الذي انشغلت فيه منصات التواصل الاجتماعي طوال أيام بالموضوع الذي اختلطت حوله الآراء.

يقول العضو في اللجنة، عبيدة فرج الله، إن مقترح التعديل في الأساس كان يهدف إلى تأنيث الدستور كاملا من باب إحداث تغيير في ثقافة المجتمع ينعكس على العقلية السائدة، وأن التعديل لا تترتب عليه تبعات قانونية.   

أما مقرر اللجنة القانونية النيابية، غازي الذنيبات، فيقول في مقابلة له على قناة المملكة، تعليقا على التعديل إن "معظم مواد القانون هي مواد تجميلية لا أكثر" هدفها جعل الدستور أكثر توافقا مع الدساتير الدولية، في حين يؤكد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية، موسى المعايطة، أن التعديل جاء لتكريم المرأة من دون أن يترتب على ذلك أية أحكام، وفق تعبيره. 

في السياق ذاته، تقول طهبوب إن أي تعديل ينطوي على مبدأ المساواة سيتعارض مع المادتين 105 و106 المتعلقتين بالمحاكم الشرعية، وفي هذه الحالة سيكون لا بد من تعديل القوانين وفقا للمعاهدات الدولية الموقع عليها والتي تسمو على المواد القانونية إن تعارضت معها.

كما تؤكد من ناحية أخرى على أن إدخال لفظ "الأردنيات"  سيؤثر على مدلول لفظ "الأردنيين" أينما ورد في باقي مواد الدستور، ومن ثم فإن ذلك يؤثر على بنيته القانونية.

طهبوب: إدخال لفظ "الأردنيات"  سيؤثر على مدلول لفظ "الأردنيين" أينما ورد في باقي مواد الدستور، ومن ثم فإن ذلك يؤثر على بنيته القانونية

الملاحظة الأخيرة ذاتها تؤكد عليها الحقوقية هالة عاهد في تغريدة لها، إذ تقول إن التعديل سيخلق إشكالا قانونيا في المواد الباقية التي لا يذكر فيها لفظ "الأردنيات" صراحة!

وهنا أيضا يضيف ارشيدات أن ادخال كلمة الأردنيات يتطلب تعديل قوانين أخرى معمول بها في الاردن، فلا يوجد مذكر ومؤنث بلغة القانون، ويشير إلى أن الدخول في تعديل خطأ كبير.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

شتائم وعراك بالأيدي في مجلس النواب الأردني خلال جلسة مناقشة تعديل الدستور

عام مليء بالخيبات.. 6 أحداث شغلت الأردنيين في عام 2021