30-ديسمبر-2020

خلال فعالية مؤيدة لقانون الإجهاض في بوينس آيريس (Getty)

صوت مجلس الشيوخ الأرجنتيني على إقرار قانون يشرّع الإجهاض الاختياري. بواقع تصويت 38 مقابل 29 سيناتور لصالح القانون. وتشير التوقعات إلى أن هذا القانون سيشكّل مقدّمة لقرارات أخرى تالية تعطي الأفضلية للخيارات الشخصية على حساب الأعراف والتقاليد والنصوص الدينية، في الدولة الكاثوليكية، ومسقط رأس البابا فرنسيس.

بحسب المدونة العالمية لقانون الإجهاض تعيش 40 % من النساء في مرحلة الخصوبة في بلاد تحرمهن الحق بالإجهاض، وهو حق مكرّس في شرعة حقوق الإنسان

وكان مجلس النواب قد وافق قبل شهر على إحالة قانون تشريع الإجهاض إلى الكونغرس/مجلس الشيوخ، استجابًة لضغوطات قام بها ناشطون وحقوقيون طالبوا بمنح العائلات الحق بتقرير مصيرها في حال أرادت الحصول على الطفل أم لا. 

اقرأ/ي أيضًا: الإجهاض في مصر.. حرمان من حق أصيل في تقرير المصير؟

فيما نظّم الناشطون المؤيدون للإجهاض عدة تجمعات في ساحة قريبة من مبنى الكونغرس خلال الأسابيع الأخيرة، للضغط على أعضائه من أجل التصويت لصالح قرار الإجهاض.

فعالية داعمة لقانون الإجهاض في بوينس آيريس (Getty)

كما تحدثت وسائل الإعلام الأرجنتينية، قبل يوم التصويت، عن أفضلية ضئيلة متوقعة للمعسكر الأخضر المؤيد للإجهاض، حيث ضمّ  بحسب الترجيحات 33 صوتًا، مقابل 32 صوتًا للمعسكر الأزرق الرافض للإجهاض، إلا أن نتائج التصويت منحت الأفضلية لإقرار القانون بسبب 5 أصوات كانت متأرجحة وتحولت لصالح القانون.

وساهمت حركة Ni Una Menos النسوية والناشطة في الأرجنتين بشكل كبير في الدفع إلى تحويل القانون إلى الكونغرس. وقد استفادت التيارات النسوية والحقوقية في بوينس آيريس، من تراجع دور الكنيسة في السنوات الأخيرة، ووصول الرئيس ألبرتو فرنانديز إلى رئاسة الجمهورية في  العام الماضي، وهو ينتمي إلى تيار يسار الوسط، المؤيد للأفكار التي تنحاز للحرية الشخصية على حساب التقاليد الدينية والاجتماعية.

 يؤيد رئيس الأرجنتين ألبرتو فرنانديز ونائبته، الرئيسة السابقة، كريستينا دي كيرشنر، إقرار قانون الإجهاض

في المقابل، فإن التيار المناهض للإجهاض لم يقف مكتوف الأيدي. وتعمل المجموعات المناهضة للإجهاض على توحيد صفوفها وجهودها، بهدف الدفع باتجاه الحصول على الأغلبية في الكونغرس، من خلال إقناع أعضائه المتردّدين. وتنضوي هذه التحركات بشكل رئيسي تحت راية كل من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، والكنيسة الإنجيلية البروتستانتية. فيما أعلن البابا فرنسيس بشكل واضح دعمه للمعسكر الأزرق الرافض للإجهاض، ونوّه بشكل خاص لتجمّع نسائي من الأحياء الفقيرة الأرجنتينية، يقوم بنشاطات في الأيام الأخيرة ضد الإجهاض. 

اقرأ/ي أيضًا: عمليات الإجهاض في لبنان.. "جريمة" يلجأ إليها الآلاف سنويًا!

وكان مجلس النواب الأرجنتيني قد صوت على قانون تشريع الإجهاض في العام 2018، لكنّ الأغلبية لم توافق عليه ما أدّى إلى إسقاط مشروع القرار وقتها. وألقى الناشطون اللوم يومها على رئيس الجمهورية ماوريسيو ماكري، الذي كان أبرز مناهضي الإجهاض. أما اليوم فتبدو الصورة مختلفة، حيث يؤيد رئيس الجمهورية ونائبته، الرئيسة السابقة، كريستينا دي كيرشنر، إقرار قانون الإجهاض. مع العلم أن الرئيس وعد أنصاره بإقرار هذا القانون خلال حملته الانتخابية التي قادته إلى القصر الجمهوري.

عبر إقرار هذا القانون انضمت الأرجنتين إلى ثلاث دول من القارة اللاتينية سبقتها في هذا المجال، هي الأوروغواي، كوبا وغويانا. مع العلم أن الأرجنتين كانت في السابق تسمح بالإجهاض في حالات محدّدة، كالحمل الناتج عن الاغتصاب، أو في حال كان الحمل يشكّل خطرًا على صحة الأم. أما التوجه اليوم لدى الناشطين الأرجنتينين، والحركات الحقوقية هناك، هو للسماح بالإجهاض بدون أي قيد أو شرط، وأن يعود القرار في ذلك لأصحاب العلاقة حصرًا، بعيدًا عن أي سلطة سياسية أو دينية.

فعالية مناهضة لقانون الإجهاض في بوينس آيريس (Getty)

بحسب مقالة منشورة عبر صفحات نيويورك تايمز الأمريكية، فإن الأرجنتين هي واحدة من أكثر الدول اللاتينية ميلًا للعلمانية في العقود الأخيرة، حيث يقدّم 60 % فقط من المواطنين أنفسهم على أنهم متدينون، فيها يرفض الباقون ذلك. بينما لا يعبر أكثر من خمس السكان عن أي انتماء ديني، الأمر الذي يساعد في إقرار القوانين المدنية التي تتعارض في العادة مع الأديان. 

ووفق المدونة العالمية لقانون الإجهاض، فإنّ حوالي خمسين دولة حول العالم تسمح اليوم بالإجهاض، مع فروقات بين من تبيحه بالكامل، وبين من تربطه بشروط معينة. تضم هذه الدول الخمسين حوالي 970 مليون مرأة في عمر الإنجاب، أي 59% من مجموع النساء القادرات على الإنجاب في العالم. وبالتالي، فإن 40 % من النساء في مرحلة الخصوبة، يعشن في بلاد تحرمهن هذا الحق بحسب المدونة، وهو حق مكرّس في شرعة حقوق الإنسان، التي ترى أن الحق بالإجهاض هو حقّ إنساني لا يُفترض المساس به.   

 

اقرأ/ي أيضًا:

إشكاليات علمية وأخلاقية حول الإجهاض

دكتاتوريات الإجهاض