15-ديسمبر-2020

متظاهر أمريكي في كاليفورنيا يحمل لافتة ضد الأخبار الكاذبة (ستانتون شارب/Getty)

أثرت جائحة كوفيد-19 على جميع عناصر العمل الصحفي بطريقة أو بأخرى وبنسب متفاوتة. من بين القضايا التي برزت خلال الجائحة بشكل لافت تأتي مسألة انتشار "المعلومات الخاطئة والمغلوطة والمضللة والمزيفة" حول كوفيد 19. ليمكن القول أن انتشار مثل هذه "المعلومات" يعد من أهم المصاعب التي شكلت تحديًا للمؤسسات الصحفية والعمل الصحفي بشكل عام، خاصة بسبب سرعة تناقل هذه المعلومات في العصر الرقمي.

تعتبر هذه الفترة المهنية من ناحية صحفية الأكثر صعوبة للصحفيين، بفعل الضغط الهائل من النواحي المالية والجسدية والنفسية، إضافة إلى ارتفاع نسبة المعلومات الحساسة الواجب التأكد منها

وتعتبر هذه الفترة المهنية من ناحية صحفية الأكثر صعوبة للصحفيين بفعل الضغط الهائل من النواحي المالية والجسدية والنفسية، إضافة إلى ارتفاع نسبة المعلومات الحساسة الواجب التأكد منها، مما يشكل تحديًا إضافيًا للصحفيين والمؤسسات الصحفية لإيصال معلومات صحيحة للجمهور.

اقرأ/ي أيضًا: ما الذي يقترحه الخبراء لإنقاذ الصحافة الورقية من الانقراض؟

من أجل فهم تأثيرات الوباء بشكل أفضل على صناعة الأخبار في جميع أنحاء العالم، تعاون المركز الدولي للصحفيين مع مركز Tow Center للصحافة الرقمية في جامعة كولومبيا لإجراء مسح للصحفيين بسبع لغات. وصدرت النتائج الأولية لاستطلاع اللغة الإنجليزية، والذي يستند إلى ردود من 1406 من المستطلعين من 125 دولة.

ووفقًا للدراسة تبين أن من أكبر المصادر للمعلومات المضللة هي المؤسسات الحكومية وبعض السياسيين، مما خلف أزمة ثقة بين الناس والمسؤولين الحكوميين. كما يعتبر الفيسبوك والواتسآب والإنستغرام والتويتر مصادر غزيرة الإنتاج لنقل المعلومات المضللة، بينما يظل المواطنون العاديون هم المزود الأول للمعلومات المضللة.

يقوم المراسلون بإجراء عمليات تحقق من الحقائق، ويستخدمون أدوات التحقق الرقمية للتصدي الفعال للمعلومات الخاطئة/المضللة أثناء الوباء. واعتبر العديد من الصحفيين أنهم بحاجة إلى تدريب إضافي للقيام بالعمل الصحفي اللازم في ظل الوباء بشكل مناسب. واعتبر ما يقرب من 70٪ من المشاركين أن التدريب المتقدم في التحقق من الحقائق هو أكثر احتياجاتهم إلحاحًا.

ليبدو أن هذا الأمر مصدر إحباط، خاصة في وقت يمكن أن تعني فيه المعلومات حرفيًا الفرق بين الحياة والموت. وكانت الأمم المتحدة قد حذرت على لسان أمينها العام أنطونيو غوتيريش في تغريدة على تويتر من أن "العالم لا يحارب فيروسًا مميتًا فحسب، بل إنه يواجه أزمة معلومات". وأضاف "عدونا المشترك هو فيروس كورونا لكن عدونا كذلك هو "تفشي" المعلومات الخاطئة. 

وحذر بيان الأمم المتحدة من بيع علاجات فيروس كورونا عبر الإنترنت، وكذلك إلى هجوم عبر الإنترنت على أنظمة المعلومات الحيوية في المستشفيات، حيث يستغل المجرمون أزمة فيروس كورونا، في الوقت الذي تتكثف فيه المعركة ضد انتشار المعلومات الكاذبة حول الفيروس. وللتغلب على فيروس كورونا، يجب على وجه السرعة الترويج للحقائق العلمية والأمل والتضامن وعدم اليأس.

عندما يصل القلق لدى الجمهور إلى ذروته، يصبح الناس أكثر استعدادًا لمشاركة معلومات غير دقيقة ولتصديق الشائعات ونقلها والبحث عن أي قصة يمكن أن تؤمن الراحة لهم، مما يضع الصحفي أمام مهمات مضاعفة

وكانت منظمة الصحة العالمية قد نشرت إبان انتشار فيروس "السارس" مصطلح "الوباء المعلوماتي" للتفرقة بين المعلومات المؤكدة والمعلومات غير المؤكدة المتداولة. لوصف انتشار العديد من الشائعات والأساطير والخرافات والأكاذيب. بدءًا من معلومات حول "العلاجات" وصولًا إلى الحجر الصحي الإلزامي إلى نظريات المؤامرة حول أصل الفيروس وليس انتهاءً بمن يعتقدون بعدم وجود فيروس كورونا من أساسه مثلًا، وكذلك انتشار المعلومات المضللة المتلاعب بها عن قصد!

اقرأ/ي أيضًا: 4 وقفات في أرشيف الصحافة

في ذات الوقت يعمل فريق من منظمة الصحة العالمية مع شركات البحث ووسائل الإعلام مثل فيسبوك وجوجل وبنتريست وتينسنت وتويتر وتيك توك واليوتيوب وغيرها لمواجهة انتشار الشائعات التي تتضمن معلومات خاطئة مثل أن الفيروس لا يمكنه البقاء في الطقس الحار، وأن تناول جرعة عالية من دواء الكلوروكوين يمكن أن يحمي من الإصابة بالفيروس وأن استهلاك كميات كبيرة من الزنجبيل والثوم يمكن أن يمنع الفيروس. وتقوم هذه الشركات، بتصفية شديدة للمشورة الطبية التي لا أساس لها، والخدع وغيرها من المعلومات الكاذبة التي تقول إنها قد تعرض الصحة العامة للخطر. 

ليبقى القول أن طريقة التعامل مع الأكاذيب والمعلومات المضللة أثناء هذا الوباء هي واحدة من العديد من المهام الصعبة التي تواجه الصحفيين والإعلاميين. فعندما يصل القلق لدى الجمهور إلى ذروته، يصبح الناس أكثر استعدادًا لمشاركة معلومات غير دقيقة ولتصديق الشائعات ونقلها والبحث عن أي قصة يمكن أن تؤمن الراحة مما يضع الصحفي أمام مهمة كبيرة لتوجيه الرأي العام إلى المعلومة الصحيحة وإلى محاربة الوباء من خلال فضح الأكاذيب والشائعات والتكهنات عبر التقارير  الصحفية بواسطة نشر معلومات دقيقة للجمهور.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الرجل الذي شوّه الصحافة

عصر "النيومكارثية".. عشق أمريكي للتجسس على الصحافة