29-يوليو-2017

شابات مصريات في شارع المعز بالقاهرة (Getty)

بسبب الحجاب، تعرضت مصرية وعائلتها لمضايقات على شاطئ منتجع "هاسيندا" بالساحل الشمالي. انتشرت التدوينة التي تروي القصة إلى وصولها إلى 10 آلاف مشاركة على موقع "فيسبوك". وتقول التدوينة إن شخصًا ضرب زوج المرأة المحجبة وابنتها الصغيرة، اعتراضًا على خامة "البوركيني" (مايوه المحجبات) الذي ترتديه؛ لأنها "تلوث المياه". وأضافت التدوينة: "انتهى الاشتباك بوصول عربة غولف لإخراج العائلة إلى الخارج".

بسبب الحجاب، تعرضت مصرية وعائلتها لمضايقات على شاطئ منتجع "هاسيندا" بالساحل الشمالي

فتح الاعتداء على محجبة مصرية، لأسباب تتعلق بالحجاب تحديدًا في شاطئ أغلب مرتاديه يرتدون "البيكيني"، الباب لحديث طويل وجدل دائر بالقاهرة بشأن اضطهاد المحجبات، يحلو لمجموعات من المتدينين ترويجه لادعاء المظلومية، ورغبة فئات أخرى في طردهم من تجمعاتها.

صراع شرائح يدفع بغير المحجبات في الشوارع إلى مواجهة إلقاءهن بمياه النار ومسحوق الكلور أحيانًا، ويطيح بالمحجبات من الساحل الشمالي ومارينا، ففي بيئات طاردة للمختلفين، يتحول الأمر إلى شيء عادي، وفقًا لعدة آراء، ليس اضطهادا للمحجبات، إنما عداء فردي للآخر المختلف.

اقرأ/ي أيضًا: ماذا كان مصير "نساء داعش" الأجنبيات بعد تحرير الموصل؟

قصص اضطهاد غير المحجبات تجد رواجًا لدى مجموعات مدافعة عن الحرية بشكل عام، بينما قصص قهر المحجبات وطردهن والتسويق لحجابهن باعتباره شكلًا من أشكال الإرهاب تنتشر بشكل واسع على صفحات المجموعات المتدينة، أو التي تدعي التدين، فالمجال العام مقسم طبقيًا، والحجاب سمة من سمات طبقة من الطبقات.. تنال كراهية لأسباب عدة.

يعتبر العديد من المنتمين للتيارات العلمانية في مصر والعالم العربي الحجاب مظهرًا من مظاهر التشدد الإسلامي، ويرفض بعضهم كونه من الفروض الإسلامية، معتبرين أنه قراءة للنص القرآني ليست بالضرورة قاطعة، ويتم فرضها من قبل السلطة الدينية، كميرفت التلاوي، رئيسة المجلس القومي لحقوق المرأة التي صرحت بأن الحجاب ليس فرضَا دينيًا في أيار/مايو 2015، وكذلك فريدة الشوباشي، الكاتبة المصرية، ومصطفى راشد، الشيخ الأزهري الذي أفتى بعدم فرضية الحجاب، بل دعا إلى خلعه، وهو الآن يعيش في أستراليا ويطلق فتاواه من هناك.

في الحالة الثانية، لا يمكن التغافل عن التحريض ضد الإسلاميين، والحجاب باعتباره أحد أشكال الطابع الإسلامي أخذ حصته من الاحتقان رغم إنه شكل غير مسيس.. فلكل قصص احتقار المحجبات في مصر أسباب حقيقية، ودوافع خفية، لكن أغلبها تؤكد إنها ليست ظاهرة إنما سلوك فردي.

تنتشر صص قهر المحجبات وطردهن والتسويق لحجابهن باعتباره شكلًا من أشكال الإرهاب بشكل واسع على صفحات المجموعات المتدينة بمصر

وإليكم بعض الحالات الفردية.. وعليكم أن تأخذوا قراركم.. هل أصبح حالة عداء فرديًا أم أن المجال العام أصبح معاديًا للحجاب:

1. لا سباحة بالبوركيني.. "اقلعي"
بعد قرار منع السلطات الفرنسية السيدات من ارتداء "البوركيني" على بعض الشواطئ، وقعت سيدة من مصر في الموقف ذاته.

هذه السيدة تدعى نادين عبد العزيز، تعرضت لمنع مشابه حين طلب مدير إحدى القرى السياحية بمنطقة رأس سدر على البحر الأحمر من صديقتها الخروج من حمام السباحة بسبب البوركيني، وقال: "ينفع تنزلوا الحمام بالقرف ده؟، انزلوا في أي حتة إلا هنا".

توجهت نادين إلى قسم الشرطة وسجلت محضرًا بالواقعة روت فيه تفاصيل على هامش الواقعة حين رفضت الخروج من الحمام، أمر المدير عددًا من العمال بالنزول في المسبح بالملابس الداخلية لمضايقتها، ثم سكب الكلور داخل الماء لإجبارها على الخروج.

قبل ذلك بقليل، أشعل غضب نادين ودفعها إلى تقديم بلاغ بالواقعة فيديو شاهدته على موقع "فيسبوك"، وأذاعته عدة قنوات مصرية، لأربع محجبات منعوا من دخول مطعم في مارينا لتناول وجبة غداء بحجة أن "المطعم لا يسمح بدخول المحجبات"، فحررن محضرًا بالواقعة ليفتحنَ منجم الأسرار حول الساحل الشمالي.

هناك، في تلك المنطقة التي تؤمن بالطبقية ولا تسمح لغير الأثرياء بالدخول، مشترطةً "مواصفات معينة"، فلا ترحيب بالمحجبات "ممنوعات من دخول المطاعم والشواطئ والكافيهات"، وهناك منتجعات لا تؤجر وحداتها لرجال زوجاتهم أو بناتهم من المحجبات.

أثار منع المحجبات من دخول شواطئ ومطاعم ضجة كبيرة على مواقع التواصل في مصر، ودشن بعضهم هاشتاغ #مش_من_حقك_تمنعني على تويتر وكذلك صفحة "Hijab Racism" التي حكى عليها عدد من المحجبات عن تجاربهن السلبية في أماكن الترفيه، وكانت أبرزها ما روته إحدى الفتيات كشاهدة عيان على إجبار فتاة على الخروج من حمام السباحة لأسباب تجاوزت الحجاب إلى كونها "محتشمة" ولا ترتدي بيكيني، لكن المايوه الذي ترتديه كان طويلًا: "أجبرها المسؤول على الخروج من حمام السباحة، والبديل أن تطرد أسرتها من الفندق فورًا".

وظهر من روايات الفتيات أن مظاهر التمييز تنوعت بين المنع من نزول الشواطئ أو حمامات السباحة في الفنادق بحجة أن "المايوه الشرعي" يفسد المظهر الجمالي للمكان ويلوث المياه بخاماته، وبين منع المحجبات من دخول المطاعم والمقاهي.

2. منقبات أم حسن.. وقوة النصب على السوشال ميديا
بعيدًا عن الساحل، وفي التجمع الخامس بغرب القاهرة، وتحديدًا داخل فندق كمبينسكي، اشترطت الشركة المنظمة لحفل عمرو دياب في أذار/مارس 2016 على الراغبين عدم دخول المحجبات والشباب تحت 21 سنة.

حالة من الغضب انتابت جمهور عمرو دياب وخاصة الفتيات تصاعدت إلى دعوات بمقاطعة الحفل، الذي واجه اتهامًا بالتمييز بين الجمهور، لأول مرة في تاريخ الهضبة الفني.

اقرأ/ي أيضًا: "سودانيات ضد الحجاب".. اغتيال المعارِضات بالفبركة

أخذ الأمر عدة أشكال أكثر تطرفًا ضد المحجبات، ففي مطعم أم حسن بالقاهرة، تحرش "الكاشير" بمجموعة من المنتقبات كانت تتناول الإفطار، وانقلب الأمر إلى مشاجرة انتشرت على السوشيال ميديا، ووجد كلًا من الطرفين من يقف في صفه، المنتقبات وجدن من يدافع عنهن دفاعًا طبقيًا، أو فئويًا، أو إسلاميًا.. من باب المظلومية.

المطعم، من باب طبقي أيضًا، وجد من يقف في صفه معتبرًا مجموعة المنتقبات هي من تحرشت بالمطعم وزبائنه، وانتهى الأمر إلى لا شيء، لم ينته الكلام على فيسبوك وتويتر، لكن المطعم أصدر بيانًا ونشر فيديو أظهر فيه حقيقة ما جرى.. فالمنتقبات تسوق للأمر من أرضية دينية، يروجن لمظلومية ما تجري معهن، على العكس، كان الفيديو يشير إلى أن المجموعة تحرشت بالعاملين والزبائن وافتعلن مشاجرة دون سبب. استمرارًا في حالة الاستقطاب، أعلن مطعم منافس، فتح أبوابه مجانًا للمنتقبات لتناول وجبة الإفطار.

في مطعم أم حسن بالقاهرة، تحرش "الكاشير" بمجموعة منتقبات كانت تتناول الإفطار، وانقلب الأمر إلى مشاجرة انتشرت على السوشيال ميديا

3. نفيسة بكوغتي.. ممنوعة من "إم بي سي"
نورهان أبو بكر، المعروفة على تويتر بـ"نفيسبة بكوغتي"، تخرجت في كلية الإعلام جامعة القاهرة، وكانت على وشك أن تقدم برنامجًا على فضائية إم بي سي السعودية. في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، ارتدت الحجاب، وكان ذلك التغيير الأهم في حياتها، حصدت إعجابات، ودعوات، وموافقات على فيسبوك، إلا أن القناة لم تفرح بذلك.

بعد الاهتمام الكبير، اختفت الاتصالات، لم يعد أحد من إم بي سي يطلب مداخلاتها أو يعاود الاتفاق معها على تفاصيل البرنامج. كانت تقدم حفلات ومؤتمرات وبرامج عابرة، وتصل إليها فرص عمل مغرية في الإعلام. تدريجيًا، انتهى كل شيء، سألت، واستفسرت، فعرفت إن السبب الوحيد لذلك، إنها "محجبة".

قالت في تدوينة على فيسبوك روت فيها ما جرى: "مش بسبب فارق الخبرة أو الشهادة، إنما الفرق الوحيد.. إني محجبة.. تبقى مرفوضة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"الحجاب" في مدرسة بغزة يساوي "أمن الدولة"

المنشور 108.. عن انتهاك حرية اللباس في تونس