06-يونيو-2018

نفى عزمي بشارة مرارًا علاقته بالعمل السياسي في قطر(ألترا صوت)

كشف الصدع الذي أحدثه حصار قطر، في الخامس من حزيران/يونيو 2017، عن مأزق فج في نهج كثير من وسائل الإعلام العالمية، حيث لعب المال الذي بذلته أطراف الحصار على عتبات شركات الدعاية والعلاقات العامة، دورًا محوريًا في التضليل، الذي كان سمة معظم ما كتب عن الخليج العربي في السنة الأخيرة.

هناك أسباب مهنية كثيرة، تجعل الوكالة الفرنسية مطالبة بتوضيح افترائها ا على عزمي بشارة

كان الاستقطاب الذي حاولت السعودية مع الإمارات وحلفاء لهما، فرضه على دول وحكومات، ينعكس في المشهد الإعلامي والصحافي، ليس في الوطن العربي فقط، ولكن في العالم. ومع صعود الإدارة السعودية الجديدة، بقيادة ولي العهد المثير للجدل، محمد بن سلمان، بدأت مدائح الصحافة الصفراء، تصير مادة يومية في صحف معروفة، مع أسماء لكتاب معروفين.

وفيما بدا أنه امتداد لأزمة الصحافة مع المال السياسي، نشرت وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، تقريرًا من دبي، عن ما قالت إنه دور المفكر العربي، عزمي بشارة، في الأزمة الخليجية. يبدأ التقرير الذي نشر أمس الثلاثاء، بعنوان إشكالي مدعيًا من البدء، عرض دور "عزمي بشارة من الكنيست إلى كواليس السياسة القطرية"، فيستخدم لغة غامضة، يعرفها المطلع على بروباغاندا الرياض وأبو ظبي، وينجر إلى المغالطات، ويستغل سوء الفهم، وقلة معرفة القراء بأوضاع  الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، وخصوصيتهم.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يزعج عزمي بشارة إعلام السيسي.. إلى هذا الحد؟

"أعاد تقديم نفسه كمفكر"، "أصبح مقربًا من دائرة القرار في قطر"، "دور بشارة مسلم به"، "غير آراءه". بهذه اللغة اليقينية، يخوض التقرير في مواضيع شائكة، من دون أن يطلب رأي بشارة نفسه، أو أي تصريح رسمي قطري. وللمفارقة، فإن التقرير أعد من الإمارات، بدون الأخذ بعين الاعتبار الخلافات بينها وبين الدوحة، أو العقوبات الصارمة التي تهدد عمل الصحافيين والناشطين هناك، وتحد من حريتهم.

يبدأ التقرير بسيرة عزمي بشارة في الداخل الفلسطيني، ويعرج على تأسيسه حزب التجمع، الذي لعب دورًا حاسمًا في بلورة وتعزيز الهوية الوطنية في الداخل الفلسطيني، ويوضح التهم التي بات في المنفى بسببها، ومع ذلك، فإن معد التقرير ينقل الاتهامات السعودية لبشارة، بأنه "عميل الموساد"، من دون أي إشارة ولو قصيرة إلى هذا التناقض الفج.

اقرأ/ي أيضًا: صحيفة الحياة تكذب نفسها.. نفي خبر كاذب عن عزمي بشارة

يستشهد التقرير بمجموعة ممن قال إنهم خبراء أجانب، ولا يعتمد على أي تصريح من جهة رسمية أو من أولئك الذين يتحدث عنهم. ومع أن القضية عربية، فإنه لم يتم الاستشهاد بأي خبير أو مختص عربي.

وقد صرح عزمي بشارة في أكثر من مقابلة، منذ بدء الأزمة الخليجية، أن لا علاقة له بأي جهة رسمية قطرية، وأنه باحث ومفكر، ورئيس مركز أبحاث، وأن كل ما يقال عن كونه مستشارًا للدوحة، ليس صحيحًا. مع ذلك، لم يظهر أي من هذا في التقرير، الذي استمر في تقديم شائعات أنظمة الحصار وكأنها معلومات مفهومة ضمنًا.

لا ينكر أحد على الوكالة مثل كل جهة صحفية أخرى، حقها في تغطية أي قضية، أو الكتابة عن أي شخصية، لكن غير المشروع وما ليس مهنيًا بالتأكيد، هو الكتابة عن موقف مفكر من الإرهاب مثلًا، بدون أخذ رأيه، وبدون الاطلاع على أي من شغله النظري والفكري غير القليل في هذا الشأن.

يستشهد تقرير الوكالة الفرنسية بشان عزمي بشارة بمجموعة ممن قال إنهم خبراء أجانب، ولا يعتمد على أي تصريح من جهة رسمية

لم تغط الوكالة من خلال التقرير المنحاز، سيرة عزمي بشارة، ولا الجدل حوله، ولكنها ببساطة غطت التهم السعودية والإماراتية حوله، مع لغة مائلة إلى التصديق، من دون عرض وجهة نظر فعلية أخرى، إلا كـ"ديكور" للموضوعية الغائبة.

هناك أسباب كثيرة، تجعل الوكالة الفرنسية المعروفة، مطالبة بتوضيح ما حدث، إلا إذا رضيت بأن يفهمه القارئ كتساوق مع الأنظمة الخليجية، التي بدأت حصارًا على قطر قبل سنة من الآن، وكتعاون مع مشروعها الذي لا يستند إلا إلى التشهير والتشويه، من دون أي أدلة. وهي بالتأكيد مطالبة أيضًا بإعادة النظر في مجمل ما يصدر عن مكتبها في دبي بشأن قطر، كون الامارات تحاكم كل من يخالف موقفها في الملف الخليجي بالحبس حتى لو كان صحفيًا، كما أنها مكان غير صالح، وبشهادة منظمات دولية، لعمل صحفي حر ومهني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عزمي بشارة.. في تشريح الإرهاب

مصادرة كتب عزمي بشارة في معرض الشارقة