28-يناير-2025
أشخاص يبعيون المحروقات في شوارع دمشق

(Getty) انتشر بيع المحروقات في الشوارع بكثرة بعد سقوط نظام الأسد

 

في تموز/يوليو 2023، أتى حريق ضخم على مستودعات للمحروقات في منطقة السومرية على مشارف العاصمة دمشق. دفع هذا الحريق باللواء غسان بلال، الذي كان يشغل منصب رئيس مكتب أمن الفرقة الرابعة، إلى تغيير سياسة تجارة المحروقات في العاصمة بوصفه القائم على أعمال التهريب الخاصة بماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة. 

وبحسب المعلومات التي جرى تداولها آنذاك، فإن الحريق كان مفتعلًا لإخفاء حجم السرقات التي نفذها المشرفون على تجارة المحروقات قبل أن يكتشف بلال أمرهم. وقد ازدادت سرية العمل في بيع المحروقات بالسوق السوداء فيما بعد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار.

وكان الباعة الذين يحصلون على كميات قليلة من البنزين والمازوت والغاز المنزلي يخافون، في ذلك الوقت، من سلطات النظام على الرغم من أنهم يحصلون على بضاعتهم من تجار مرتبطين بالفرقة الرابعة نفسها. والمفارقة أن غالبية الدوريات التي كانت تعمل على ضبط المحروقات هي تابعة لـ"أمن الرابعة"، وهو ليس جهازًا أمنيًا معترفًا به من قِبل الحكومة السورية، ومن المفترض أنه الجهاز الأمني الخاص بالفرقة التي كان يقودها ماهر الأسد، وتعتبر ذراعه الضاربة للتحكم في الأسواق.

وتمتع هذا الجهاز بصلاحيات واسعة، حيث كان قادرًا على اعتقال دوريات من الجمارك، والأمن السياسي، وشرطة المرور، وغيرهم كما يقول أحد المصادر، مضيفًا أن هؤلاء لم يكن يُطلق سراحهم إلى أن يتدخل الوزير المسؤول عنهم لدى ماهر الأسد بصفة شخصية، مشيرًا إلى أن كل ما يتم مصادرته من المهربات يعود إلى المستودعات، ويتم بيعها لتجار الجملة مجددًا.

من كان يحمل عبوة بسعة 9 ليترات ليؤمّن قدرة سيارته على الحركة، كان يلتفت حوله وكأنه يحمل نوعًا من الممنوعات الخطرة

هكذا كان ماهر الأسد يمسك بسوق المحروقات، وهو سوق كان الخوف العامل الأساسي الذي يحكمه، فمن يحمل عبوة بسعة 9 ليترات ليؤمّن قدرة سيارته على الحركة، كان يلتفت حوله وكأنه يحمل نوعًا من الممنوعات الخطرة، والأمر نفسه بالنسبة إلى من يحمل "غالون" من المازوت لتدفئة منزله.

وكان السوق يستفيد من تقنين بيع المحروقات عبر البطاقة الذكية، التي تسمح لأصحاب السيارات الخاصة بمرتين أو ثلاث مرات تعبئة شهريًا، وكذلك بالنسبة لأصحاب سيارات النقل العمومي "تاكسي". ولأن الأخيرة كانت بحاجة إلى البنزين بشكل يومي، وفي ظل منعها من الحصول عليه من خلال محطات "أوكتان 95"، بات أصحابها من الزبائن الدائمين في السوق السوداء.

 

تجارة رابحة

في حديثه لموقع "الترا صوت"، قال أحد العناصر السابقين في "الفرقة الرابعة"، وقد تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته: "كانت لدينا تعليمات مشددة بخصوص عبور أي كمية من المحروقات من لبنان لبيعها في الأسواق من قبل المهربين. كنا نقوم بمصادرة هذه الكميات واعتقال المهرب وتسليمه لـ(مكتب أمن الرابعة)، الذي كان يوقفه لأسبوع أو 10 أيام قبل إطلاق سراحه بعد تعريضه للضرب والتحقيق بهدف خلق حالة من الخوف لديه تمنعه من الحديث عن اعتقاله أساسًا. يكتفي المكتب بمصادرة المهربات ونقلها إلى المستودعات التي كانت تحت إشراف مباشر من قبل قائد أمن الرابعة غسان إسماعيل، والأمر لا يقتصر على المحروقات وحسب، بل كان يشمل كذلك المواد الغذائية والأجهزة الإلكترونية وخاصةً الهواتف. كان مهربو هذه المواد يعملون بالطريقة ذاتها، ولم يكن مهمًا حجم المهربات سواء كانت جهازي هاتف، أو عبوتين بنزين فقط. كان يتم تحويل كل شيء إلى الحاجز".

أحد العناصر السابقين في "الفرقة الرابعة" لـ"الترا صوت": كان مكتب الفرقة يقوم بمصادرة المهربات ونقلها إلى المستودعات التي كانت تحت إشراف مباشر من قبل قائد أمن الرابعة غسان إسماعيل، والأمر لا يقتصر على المحروقات فحسب، بل كان يشمل كذلك المواد الغذائية والأجهزة الإلكترونية وخاصةً الهواتف

ويضيف العنصر، الذي يفضل أن يتم التعريف به باسم "أبو محمد"، قائلًا: "في بعض الأحيان، كنا نحس بنوع من التعاطف مع المهرب إذا كان يحمل كميات قليلة من المهربات، لكن الخشية من (كتبة التقارير)، هي التي كانت تجبرنا على اتخاذ الإجراءات التي يفرضها مكتب أمن الرابعة الذي كان يستمد سطوته وقوته من كونه تابعًا لماهر الأسد بشكل مباشر، وأي عنصر على الحاجز كان يقول لنفسه إنه سيكون هو المعتقل والمتهم بالشراكة في حال قرر أن يسمح للمهرب بالمرور".

الإجراءات كانت تطبق بحق المدنيين غالبًا. مع ذلك، وقع عدد قليل من العسكريين في مشكلة مع مكتب "أمن الرابعة"، إذ يقول حمزة لـ"الترا صوت": "كنت وأخي المتطوع في الأمن العسكري نعمل على نقل البنزين من منطقة (جديدة يابوس)، أو من (الديماس)، على دراجتين ناريتين. كان عناصر الحاجز غالبًا ما يقومون بتركنا نعبر لكونهم يعتبرون أنهم شركاؤنا في الفقر، إذ إن العمل في المؤسسات العسكرية والأمنية كان يقيّد الواحد منهم براتبه الشهري الذي وصل في آخر أيام النظام إلى 350 - 450 ألف ليرة سورية (22 - 32 دولارًا في ذلك الوقت)".

وأضاف: "لأننا لا نملك رفاهية الوقت الذي يسمح لنا بالعمل الإضافي كما حال الموظفين المدنيين، كنا نضطر للعمل بالتهريب، إلى أن تم اعتقالي من قبل دورية تابعة لـ(أمن الرابعة) في منطقة السومرية التي كنت أبيع فيها ما أنقله من محروقات. وفي داخل المكتب، وبعد التعرض للتعذيب، كانت الجمل التي أسمعها، مثل (عم تخرب اقتصاد الوطن) أو "إنتو أوسخ من الإرهابيين"، تثير رعبي مما ستنتهي إليه الأمور فيما لو تم نقلي إلى القضاء العسكري، لكن حين تم إطلاق سراحي مقابل مصادرة كمية الـ60 لترًا التي كنت أعرضها للبيع بعد نقلها من منطقة الديماس، اعتبرت إن خسارتي المادية هي الفدية التي كسبت فيها نفسي".

سائق تاكسي في دمشق لـ"الترا صوت": "كان البحث عن بنزين من المسائل الخطرة نسبيًا، حينما كنت أتصل بمن يؤمن لي المادة من السوق السوداء لم أكن استخدم كلمة (بنزين)، عبر الهاتف، بل أقول له مثلًا (عندك مي؟)، أو أقول بشكل مباشر (رح تقطعني السيارة وين صف؟)

يقول ماجد المصطفى، الذي ظل يغامر بتهريب كميات قليلة من البنزين من منطقة الديماس ليعيل أسرته الصغيرة، إنه كان يشعر بأنه يبيع "أفيونًا" وليس بنزينًا. ويقول لـ"الترا صوت": "مرت فترات طويلة وأنا أخشى نقل البنزين على دراجتي النارية من الديماس إلى دمشق وكأنني أنقل المخدرات". ويتابع ساخرًا: "لو أنني نقلت المخدرات بشكل فعلي لكان الأمر أسهل من الوقوع بيد "أمن الرابعة"، أو أي فرع أمني كان سيحملني مسؤولية الفشل الاقتصادي في كل سوريا. اليوم، أحس فعليًا أنني أبيع المحروقات وليس أي مادة ممنوعة أو محرمة أو تؤذي الناس".

ويضيف الشاب الثلاثيني قائلًا: "كنا نغامر بحياتنا وعوائلنا في بيع المحروقات خارج منظومة أمن الرابعة التي تسيطر على السوق للحصول على هوامش ربح معقولة تمكننا من الحياة بشكل لائق. لو أنني تعاملت مع أي من تجار المحروقات المرتبطين بالفرقة التي كان يسيطر عليها ماهر الأسد، لربحت ربع ما أربحه بالعادة، وذلك لأن هؤلاء التجار لا يقبلون بأقل من أن يكون الجزء الأكبر من الأرباح لهم، على الرغم من أن الوقوف على الطرقات والتعرض المحتمل للاعتقال من قبل السلطات الأمنية، أو حتى من دوريات أمن الرابعة أنفسهم، ستعني خسارة مادية ومعنوية كبيرة للبائع، لكن الأمر غالبًا ما كان تنتهي مناقشته مع التاجر بالقول: (السعر مو من عندي)".

الرابعة تكافح التهريب؟

يؤكد العامل في محطة لبيع المحروقات في مدينة دمشق، علي العلي، أن العمل بالبطاقة الذكية التي كان قد أقرها النظام المخلوع للحصول على المحروقات، توقف منذ اليوم الأول لسقوطه. وفي اليوم التالي، توافرت في كامل المحطات العاملة كميات من البنزين تباع للناس بسعر يحدد من قبل وزارة النفط ووزارة التجارة الداخلية في كل يوم على حدة تقريبًا، لكن هناك استقرار نسبي في السعر بين 20 - 21 ألف للتر البنزين الواحد".

ويشرح الرجل الذي يقترب من العقد الخامس من العمر في حديثه لـ"الترا صوت": "لا أعرف على وجه التحديد مصدر المحروقات التي توزع على المحطات، لكنها ممتازة وسليمة، ويبدو أنها مستوردة ويتم نقلها من إدلب التي تشهد وفرة في المحروقات منذ سنوات، لكن ما يهم اليوم هو الارتياح الكبير والاستقرار الذي تشهده الأسواق بسبب توافر المحروقات، وهذا ما هو مهم بالنسبة للسكان".

بدروها، تقول بدور الأسعد لـ"الترا صوت" إنها كانت تتجنب التوجه إلى محطات البنزين والوقوف الطويل في طابور الانتظار للحصول على كمية البنزين المخصصة لها عبر "البطاقة الذكية"، وكانت تلجأ إلى دفع أحد أشقائها للتوجه إلى المحطة. وغالبًا ما كان شقيقها يقوم بدفع مبلغ مالي بين 5000 - 10000 ليرة سورية (35 - 70 سنتًا أميركيًا)، لمن تخصصهم وزارة الداخلية من العناصر بهدف تنظيم "الدور" على المحطات لكي يقوم بمنحه دور أحد غيره، وقد وصل الأمر في آخر أيام النظام إلى 50 ألف ليرة سورية (3.3 دولار أميركي)، كرشوة لتجاوز الطابور.

علي العلي، عامل في محطة لبيع المحروقات في مدينة دمشق لـ"الترا صوت": "لا أعرف على وجه التحديد مصدر المحروقات التي توزع على المحطات، لكنها ممتازة وسليمة، ويبدو أنها مستوردة ويتم نقلها من إدلب التي تشهد وفرة في المحروقات منذ سنوات، لكن ما يهم اليوم هو الارتياح الكبير والاستقرار الذي تشهده الأسواق"

وتضيف: "بعد سقوط النظام وتوافر المحروقات لم أعد أجد مانعًا من المرور بشكل شخصي إلى المحطة، ولم أعد أحتاج لدفع أي مبلغ لتجاوز الطابور، وأعتقد أن توافر المحروقات في الأسواق بهذه الكميات كشف كذب نظام الأسد المستمر في هذا الخصوص لأنها كانت واحدة من مصادر ضخ المال إلى خزائنه، أو إنه كان صادقًا بالفعل في صعوبة الوصول للمحروقات لأنها كانت ورقة ضغط من قبل من اختارهم كحلفاء ليبتزونه بين الحين والآخر". 

من جهته، يقول محمد أبو صالح الذي يبيع المحروقات، بنزين ومازوت وغاز منزلي، عبر بسطة على أوتوستراد المزة، إن السلطات الحالية لا تتعرض لهذا النوع من العمل نهائيًا: "اليوم نحن نساعد على توفير المادة في الأسواق بكميات كبيرة، وفي أوائل أيام السقوط كان هناك باعة لبنانيون، يأتون محملين بمادة البنزين بالاستفادة من عدم وجود رقابة على الحدود لبيع ما ينقلوه من بلدهم في العاصمة السورية".

ويقول صاحب الـ45 عامًا: "كنت أعاني من قلة الدخل حتى سقوط النظام، أعمل في سوق الهال على بسطة لبيع الخضار في سوق الحرامية، وبعد السقوط استدنت من أحد أقاربي مبلغ 5 ملايين لأعمل في بيع البنزين. اليوم سددت المبلغ وأستطيع أن أعيل أسرتي، ولو أنني فكرت بالأمر قبل سقوط النظام لوجدت صعوبة كبيرة في تأمين المبلغ ذاته، وذلك لأن لا أحد سيقوم بإعطائي مبلغًا للمغامرة ببيع المحروقات واحتمال الاعتقال في أي لحظة موجود، ولكن ما أخشاه أن يكون هناك قانون يمنع تجارة هذه المواد على الطرقات العامة لاحقًا، إن طلب مني عدم الوقوف هنا ربما أتجه للوقوف على الطرقات التي تربط بين المحافظات لتأمين المحروقات للسيارات التي قد تحتاجها، لكن إن عاد الأمر وأصبح ممنوعًا سأعود للعمل في سوق الهال وبالتالي الحاجة مرة أخرى".

 

خجل من التسعيرة

أحمد الحسن، سائق تاكسي يعمل في العاصمة السورية، يقول في حديثه لـ"الترا صوت": "وصلت في مراحل عدة إلى مرحلة الخجل من طلب الأجرة المناسبة من الراكب بسبب ارتفاعها، فكيف لي أن أقول لمواطن إن رحلة تمتد على مسافة 15 كم إلى خارج العاصمة ستكلفه 120 ألف ليرة سورية (10 دولارات)، وأنا أعرف أنها ثلث راتب الموظف في أي مؤسسة حكومية؟ لكن ارتفاع أسعار المحروقات والحصول عليها من السوق السوداء بأسعار مرتفعة وصلت لـ 30 ألف ليرة سورية لكل ليتر (2 دولار أميركي)، كان يجبرنا على رفع أسعار النقل، فلا خيار لدينا في ذلك الوقت".

ويشرح الشاب، الذي يحمل إجازة في الحقوق دون الاستفادة منها إلى الآن، بالقول: "كان البحث عن بنزين من المسائل الخطرة نسبيًا، مثلًا حينما كنت أتصل بمن يؤمن لي المادة من السوق السوداء لم أكن استخدم كلمة (بنزين)، عبر الهاتف، بل أقول له مثلًا (عندك مي؟)، أو أقول بشكل مباشر (رح تقطعني السيارة وين صف؟)، فيكون جوابه رمزيًا أيضًا: (تعا شراب قهوة)، بمعنى تعال البنزين متوفر. أو (عندي ضيوف اصبر شوي)، أي إنه لا يملك أي كمية من البنزين وعليّ الانتظار".

وأضاف: "حافلات النقل العامة الصغيرة التي كانت تعمل في دمشق لم تكن أفضل حالًا، فالحصول على أي كمية من المازوت، خارج مخصصات البطاقة الذكية، والتي باتت محكومة في الفترة الأخيرة من حياة النظام بنظام المراقبة جي بي إس، كان يعد من المسائل الصعبة".

ويقول نورس خليل الذي يعمل على أحد خطوط النقل في دمشق، في حديثه لـ "الترا صوت"، إنه لم يكن يسمح لهم بمغادرة الخط إذا أرادوا الحصول على الوقود في نهاية النهار، إذ إن: "مسار الحافلة محكوم بما حدد لها، لكن أغلب أصحاب الحافلات (السرافيس) يتعاقدون مع المدارس والروضات، وأحيانًا مع سكان من منطقتهم لنقل الأطفال إلى المدارس، وبالتالي لدينا مسارات خارج الخط المخصص لنا، ولن نحصل على الوقود، ما يجبرنا على شراء المازوت من السوق السوداء، وغالبًا ما يكون التجار صغارًا كانوا أم موردين، من المرتبطين بـ(أمن الرابعة)، أو بعض العسكريين الذين يغامرون في بيع المازوت، مقابل 17 ألف ليرة لليتر الواحد (1.2) دولار أميركي، وهذا ما ينعكس سلبًا على عملنا، إذ نضطر إلى العمل في الليل بأجر مضاعف لنقل الركاب، ونخالف التسعيرة. لكن الناس لم يشتكوا من الأمر لسببين، الأول معرفتهم بأننا نحصل على الوقود من السوق السوداء، والثاني حاجتهم لاستمرارنا بالعمل لتأمين تنقلهم قدر الإمكان".

يذهب عباس الفرج إلى أبعد من ذلك في حديثه لـ"الترا صوت"، حيث يقول: "أعمل على سيارة لنقل الخضار من ريف دمشق الجنوبي الغربي باتجاه السوق المركزي في منطقة الزبلطاني شرق العاصمة دمشق. كانت أسعار النقل مرتفعة لعدة أسباب، منها أننا كأصحاب سيارات شحن لم نكن مخصصين بكميات كافية من الوقود لنقل الخضار بشكل يومي، وبالتالي نحتاج للحصول على المادة من الأسواق القريبة مننا، وهذه الأسواق كانت تغذى بالمحروقات من قبل بعض الضباط الفاسدين في زمن النظام، إذ يقومون ببيع مخصصات التدفئة والنقل التي تقدم من إدارة المحروقات في الجيش زمن النظام للقطعات العسكرية".

ويضيف: "حينما تحصل على المحروقات بسعر غال، مع اضطرار دفع مبالغ مالية للحواجز لتسهيل المرور، تصل الخضار وقد زاد سعرها الحقيقي أضعافًا، وسيتم نقلها مرة أخرى من السوق إلى المحال التجارية، وبالتالي زيادة على أسعارها. وعلى سبيل المثال، لو أن سعر الكيلو غرام من أي مادة في المزارع يبلغ دولارًا واحدًا، فإنه سيباع في سوق الجملة بما يعادل ثلاث دولارات، وسيصل لاحقًا إلى المواطن بسعر ما بين 4 - 5 دولار أميركي، وهذا ما تخلص منه المواطن بسقوط النظام، حيث باتت المحروقات متوفرة بسعر مقبول يصل لـ10 - 13 ألف ليرة، ولا يوجد حواجز تتقاضى رشاوى، المسألة باتت أهون علينا أيضًا، فنحن اليوم نعرف مصدر المحروقات التي نشتريها، إما مهربة من أسواق لبنان، أو من المحطات الرسمية".