27-فبراير-2018

اعتقال بوعشرين يزيد المخاوف على مصير حرية المصحافة في المغرب (مواقع التواصل الاجتماعي)

من جديد، ضجّ الرأي العام و الوسط الإعلامي في المغرب، بخبر اعتقال صحفي آخر، يتعلق الأمر هذه المرة بمدير الصحيفة اليومية، أخبار اليوم، توفيق بوعشرين، والذي تعرض للاعتقال من مقر عمله، ما أشعل حملة تضامن واسعة معه، وهو الذي عرف بقلمه الناقد للسلطة.

قبل أيام، اعتقل الصحفي المغربي توفيق بوعشرين من مقر عمله بعد مداهمة قوات الأمن له، ودون أن يعرف سبب اعتقاله

مداهمة مقر "أخبار اليوم"

الساعة الخامسة مساء يوم الجمعة 23 شباط/فبراير، قام قرابة 20 عنصرًا من قوات الشرطة المغربية بتطويق عمارة الأحباس بشارع الجيش الملكي بالدارالبيضاء، والتي يتواجد بها مقر صحيفة أخبار اليوم، قبل أن تداهم العناصر الأمنية المكان وتخلي مقر الصحيفة من الصحفيين والعاملين بها، ليتم اعتقال مدير الجريدة توفيق بوعشرين ونقله في سيارة شرطة، بدون أن يدرك الأخير والرأي العام معه سبب القبض عليه.

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة المغربية تستقبل 2018 بتتبع صحفيين وفق القانون الجنائي!

في لحظتها تم وضع الصحفي المعتقل رهن الحبس الاحتياطي ومُنع محاموه وزملاؤه الذين ذهبوا إلى مكان اعتقاله بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من زيارته، دون أن تفصح الأخيرة عن التهم الموجهة إليه، مكتفية بالتعليل بـ"طابع السرية وخصوصية التحقيق"، وهو ما أشاع الغموض والارتياب حول ما يحدث حقيقة في البلاد، حيث فتح البعض باب التكهنات.

لكن مع صباح السبت، أعلنت النيابة العامة في بلاغ لها، أن "البحث القضائي الجاري في حق السيد توفيق بوعشرين، من أجل شكايات تتعلق باعتداءات جنسية، سبق للنيابة العامة أن توصلت بها"، وأضافت أن مدير صحيفة أخبار اليوم توفيق بوعشرين تم وضعه رهن الحراسة النظرية.

في نفس اليوم، تم توقيف مديرة نشر موقع "سلطانة"، ابتسام مشكور، بعد أن انتقلت عناصر الأمن إلى بيتها الموجود بالرباط، كما تم استدعاء موظفتين بجريدة أخبار اليوم، وهما أسماء حلاوي وأنيسة بداح، للاستماع إلى إفادتهما، وتم الإفراج عن النساء الثلاث فيما بعد، وفي صبيحة اليوم الأحد، استدعت الشرطة القضائية كلًا من حنان بكور، رئيسة تحرير موقع "اليوم 24"، ومرية مكريم، مديرة نشر موقع "فبراير"، على خلفية البحث القضائي الجاري المشار إليه.

في حين بقي توفيق بوعشرين رهن الاعتقال، وبعد إجراء استنطاق لهذا الأخير حول الأفعال المنسوبة إليه، قررت النيابة العامة إصدار أمر، مساء 26 شباط/فبراير، بإحالته على غرفة الجنايات في حالة اعتقال، تمهيدًا لمحاكمته من أجل جنايات ثقيلة، بينها "الاشتباه في ارتكابه لجنايات الاتجار بالبشر باستغلال الحاجة والضعف والهشاشة"، و"استعمال السلطة والنفوذ لغرض الاستغلال الجنسي عن طريق الاعتياد"، و"هتك عرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب"، بالإضافة إلى جنح متعلقة بـ "التحرش الجنسي وجلب واستدراج أشخاص للبغاء من بينهم امرأة حامل، واستعمال وسائل للتصوير والتسجيل"، وهي الأفعال التي تزعم السلطات ارتكابها "في حق ثماني ضحايا وقع تصويرهن بواسطة لقطات فيديو يناهز عددها 50 شريطًا مسجلًا على قرص صلب ومسجل فيديو رقمي"، على حد ديباجة بلاغ النيابة العامة.

الصحافة ليست جريمة

منذ اللحظات الأولى التي تم فيها اعتقال توفيق بوعشرين، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بحملات التنديد ضد الاعتقالات المتوالية للصحافيين في المغرب، وانتشر هاشتاغ "#الصحافة_ليست_جريمة" على نطاق واسع بين النشطاء والإعلاميين، مرفقًا بالتدوينات والمنشورات المتضامنة مع الصحفي المعني، لكن بمجرد صدور اتهامات بـ"اعتداءات جنسية" في حق توفيق بوعشرين، تحوّل رأي جزء كبير من المتضامنين إلى الطرف الآخر.

وبينما تنفي النيابة العامة أن يكون الاعتقال مرتبطًا بالصحافة، وإنما بشأن شكايات متعلقة باعتداءات جنسية ضده، إلا أن مراقبين للمشهد، لا يخفون توجسهم من أن اعتقاله كان بدافعٍ "انتقامي" ضد قلم توفيق بوعشرين المزعج للسلطة، مستدلين بالطريقة الهوليوودية التي تمت أثناء القبض عليه، حيث تطلب الأمر قوات أمنية وتطويق للمكان واقتحام لمقر الصحيفة وإخلائها، من أجل اعتقال صحفي!

أبدى مراقبون تخوفهم من أن يكون اعتقال بوعشرين واتهامه، "انتقاميًا"، بسبب كتاباته وآرائه الجريئة في انتقادها للسلطة

اقرأ/ي أيضًا: الحكم على صحفي مغربي بالسجن والغرامة.. محنة الحقوق والحريات تتفاقم

فيما صرح النقيب المحامي، محمد زيان، قائلًا إن "الاعتقال الذي طال توفيق بوعشرين له علاقة وطيدة بالصحافة وبآرائه وكتاباته أبى من أبى وكره من كره"، مضيفًا أن "المشكل ليس مع الفرقة الوطنية القضائية، ولكن مع الأجهزة التي تفبرك التهم".

وقد قررت هيئة تحرير يومية "أخبار اليوم" ترك افتتاحية مدير نشرها المعتقل توفيق بوعشرين فارغة بيضاء، كتعبير عن التضييق على الصحافة وحرية التعبير الذي تتعرض له.

ويعتبر توفيق بوعشرين من أبرز كتاب الرأي في المغرب، ومؤسس المجموعة الإعلامية التي تضم كل من جريدة "أخبار اليوم" وموقع "اليوم 24"، بالإضافة إلى الموقع النسائي "سلطانة"، ويكتب افتتاحية في صحيفته بشكل يومي، يتناول فيها الأوضاع السياسية للبلاد بجرأة وسلاسة. 

وسبق للصحفي توفيق بوعشرين أن واجه متابعات قضائية عديدة بشأن كتاباته المزعجة لأطراف في السلطة. ومن المقرر أن يمثل توفيق بوعشرين أمام المحكمة في الثامن من آذار/مارس 2018 لمحاكمته حول "اعتداءات جنسية" موجهة إليه.

هذا ويخشى متابعون للقضية، أن تكون "التهم ملفقة" من جهات معينة في السلطة، لضرب الصحافة الجريئة المنتقدة للسلطة في مقتل، ما قد يثير جوًا من الرعب داخل الأوساط الصحافية، ويزيد سمعة البلاد القاتمة تشويهًا بخصوص حرية التعبير، خاصة أنها ليست المرة الأولى خلال الشهور الأخيرة التي يُعتقل فيها صحفي في المغرب.

احتل المغرب المركز 133 من بين 180 دولة، في مؤشر حرية الصحافة ليدخل ضمن فئة البلدان "ذات الوضع الصعب" 

وسبق أن احتل المغرب الرتبة 133 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة، ضمن فئة البلدان ذات "الوضع الصعب"، وفق آخر تقرير لمنظمة "مراسلون بلا حدود". لتأتي قضية الصحافي بوعشرين معيدة النقاش حول الحريات إلى الواجهة، بينما تقف منظورة أمام القضاء إلى أن يأخذ مجراه العدلي. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

حصاد المغرب في 2017.. فورات شعبية وصحافة مقيدة وتدهور حقوقي

في المغرب.. التدوين على فيسبوك قد يدفع بك إلى السجن بتهمة "الإرهاب"!