26-مايو-2020

تستهدف الحملة مؤسسة البرلمان التونسي التي هي إنجاز للتحول الديمقراطي (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

بدأت الإمارات حملة مضادة في تونس بعد أيام من سلسلة من الهزائم التي تكبدتها قوات خليفة حفتر المدعوم من عواصم عربية وغربية بما فيها أبوظبي أمام ضربات قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا وتتلقى دعمًا عسكريًا من تركيا، واستهدفت أبوظبي في حملة عبر وسائل إعلام عربية تعمل على تمويلها، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي محليًا وخارجيًا.

استهدفت أبوظبي في حملة عبر وسائل إعلام عربية تعمل على تمويلها، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي محليًا وخارجيًا

ومهدت أبوظبي لحملتها بنشر مجموعة من وسائل الإعلام الموالية لها في الرياض والقاهرة بالإضافة للإمارات تقارير تزعم بتحقيق الغنوشي لثروة مالية طائلة منذ عودته إلى تونس في عام 2011، وجاءت الحملة بحسب ما ذكرت وكالة الأناضول بهدف تشويه صورته وإثارة زوبعة داخل البيت السياسي التونسي، وزعمت التقارير أن ثروة الغنوشي وصلت إلى ثمانية مليارات دولار، رغم أن موازنة البلاد لا تزيد عن 16.5 مليار دولار.

اقرأ/ي أيضًا: ابتهاج وترقب في تونس بعد حملة اعتقالات لحيتان فساد

 وتداولت وسائل إعلام مدعومةً بحملة منظمة نفذها الذباب الإلكتروني المدعوم إماراتيًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عريضة إلكترونية تزعم أن آلاف التونسيين وقعوا عليها تطالب السلطات التونسية بالتحقيق بالثروة الشخصية للغنوشي بتحوله فجأة من رجل عادي إلى أحد أغنياء تونس، فيما ذكرت قناة العربية السعودية أن الحملة شملت شخصيات أخرى من حركة النهضة مثل نورالدين البحيري ومحمد بن سالم وﻧﺠﻞ ﺍﻟﻐﻨﻮﺷﻲ وﺑﻨﺎﺗﻪ وأصهاره.

وأعربت حركة النهضة في بيان لها عن استنكارها "لحملة التشويه والتحريض الممنهجة التي يتعرض لها عدد من قياداتها وفي صدارتهم" الغنوشي، معبرةً عن أسفها لما وصلت إليه الحملة من "إسفاف وأكاذيب لا تمتّ إلى الواقع بصلة، ومن محاولة لبث الفتنة بين التونسيين، باستخدام مواقع مشبوهة وأقلام مأجورة"، وأوضحت الحركة في بيانها أن "الحملة غير المسبوقة مؤشر جدي على انزعاج هذه الأطراف من نجاح تونس في الحفاظ على استقرارها، وسعيها المحموم والفاشل لإعادة إرباك تجربتنا الفتية وتشويه رموزها".

وكانت النائبة بالبرلمان التونسي يمينة الزغلامي قد كشفت قبل أيام عن قائمة ممتلكات الغنوشي كجزء من رد الحركة على مزاعم وسائل الإعلام الإماراتية، مشيرةً إلى أن الحملة التي يتعرض لها زعيم النهضة تهدف "لإلصاق تهمة السرقة والإثراء غير المشروع دون تقديم أي دليل يُذكر"، وأضافت بأن مملتكاته تقتصر على منزل في مدينة بن عروس ترجع ملكية أرضه لأواسط السبعينات.

وتابعت النائبة التونسية موضحة أن الغنوشي لا يملك إلا سيارة من نوع "كيا" أدخلها إلى تونس كسيارة بتصريح يمنح للعائدين إلى تونس من المقيمين خارجها بعد عودته النهائية عام 2011، فضلًا عن عدم امتلاكه أسهمًا في أي مؤسسات داخل تونس ولا خارجها وليس لديه أي حساب بنكي خارج البلاد، وأن دخله الوحيد هو الراتب الذي خصصته له الحركة لقاء تفرغه فيها منذ الثمانينات، والذي يتم إيداعه في حساب باسمه في "بنك الزيتونة"، قبل أن تقوم بإيقاف راتبه الشهري في وقت لاحق بسبب تحصله على راتب آخر من البرلمان التونسي، لافتةً إلى أن الغنوشي تقدّم للنيابة العامّة بعدد من القضايا العدلية في حق بعض الأشخاص والمؤسسات التي تعمدت نشر الإشاعات والأكاذيب.

ويشهد البرلمان التونسي في الوقت الراهن انقسامًا بين أحزابه السياسية، حول السياسة الخارجية والملفات الدبلوماسية، فيما نددت بعض الأحزاب بما وصفته "تجاوز الغنوشي لصلاحياته"، في حين وقف ائتلاف الكرامة إلى جانب النهضة في صف النواب المدافعين عن الغنوشي.

وجاء الهجوم على الغنوشي بعد أقل من 24 ساعة على إجراءه اتصالًا هاتفيًا مع رئيس المجلس الرئاسي للحكومة الليبية فائز السراج يهنئه خلالها "باستعادة حكومة الوفاق لقاعدة الوطية الاستراتيجية"، ومعربًا عن "ارتياحه لعودة القاعدة القريبة من حدود تونس إلى الشرعية"، وشدد الدبلوماسي التونسي في اتصاله على ضرورة عودة العمل للمسار السياسي نظرًا لما يشكله ذلك من أهمية لاستقرار وأمن تونس، فيما أشاد السراج في الاتصال "بعمق العلاقات وحرص تونس على أمن واستقرار ليبيا".

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات البلدية في تونس.. اختبار صعب لديمقراطية ناشئة

وتعليقًا على الحملة التي بدأتها الإمارات إعلاميًا للتأثير على الرأي العام التونسي سلبيًا اتجاه حركة النهضة، فإن محللون اعتبروا أن مساعي أبوظبي في وقتها الراهن "أصبحت أكثر وضوحًا" عن السابق بعدما "كانت تظهر وتختفي فجأة"، وبينوا أن الحملة لا تستهدف الغنوشي لوحده، إنما تستهدف "كل ما يرمز للثورة التونسية والمؤسسات الديمقراطية المنتخبة، مثلما تعرض رئيس الجمهورية قيس سعيد بدوره لحملة تشويه سابقًا"، فيما اعتبر آخرون أن اقتران الحملة بدعوات حل البرلمان وتغيير النظام السياسي الذي كان نتاج الثورة التونسية ليس إلا استهداف للتجربة الديمقراطية في تونس.

 الحملة لا تستهدف الغنوشي لوحده، إنما تستهدف كل ما يرمز للثورة التونسية والمؤسسات الديمقراطية المنتخبة

وكانت شخصيات سياسية وحزبية وحقوقية من أيديولوجيات فكرية متنوعة قد أصدرت بيانًا الاثنين موقعًا بـاسم "قوى الوسطية والاعتدال" تدعو في نصه جميع القوى السياسية التونسية إلى تغليب منطق الحكمة والسعي إلى تهدئة الأجواء وإعلاء المصالح العليا للوطن على حساب المصالح الفردية والفئوية الضيقة، وشددت في بيانها على "ضرورة التفريق بين ممارسة النقد المكفول دستورًا وقانونًا وعرفًا"، ورفض "حملات السب والشتم وهتك الحرمات والأعراض وسائر الاعمال المشبوهة التي تهدف إلى المس من مكانة رموز الانتقال الديمقراطي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

عدوى التسريبات تنتقل إلى تونس.. بلطجة وهوس الزعامة

تعويم العملة.. الغول الذي أطاح بوزيرة المالية لمياء الزريبي في تونس