29-يونيو-2020

إحراق العلم الأمريكي في جنوب لبنان سنة 2018 (محمود الزيات/أ.ف.ب/Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير 

استدعت الخارجية اللبنانية السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا بعد ظهيرة  الاثنين 29 حزيران/يونيو2020، بناءً على دعوة وجهها لها وزير الخارجية ناصيف حتّي، الأحد 28 حزيران/ يونيو الجاري، على خلفية تصريحاتها الأخيرة في مقابلة أجرتها معها شاشة العربية الحدث التلفزيونية. اتهمت شيا أثناء المقابلة المعنية حزب الله اللبناني بمنعه الإجراءات الاقتصادية المقترحة لإنعاش الاقتصاد اللبناني، في ظل أخطر أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ عام 1990 مؤدية بالليرة اللبنانية إلى  تسجيل أدنى مستوى لسعر صرفها  مقابل الدولار الأمريكي.

تباينت مواقف الأطراف السياسية اللبنانية بشأن تصريحات السفيرة الأمريكية الموجهة ضد حزب الله إلا أن وضوح الموقف الحكومي الرافض لها لا يحتمل التأويل

كانت شيا قد أشارت في مقابلة بثتها قناة الحدث قبل أيام إلى أن واشنطن "تشعر بقلق كبير حيال دور حزب الله" الذي تصنفه الولايات المتحدة على أنه "منظمة إرهابية"، وأضافت في سياق هجومها على الحزب متهمةً إياه بأنه "حال دون إجراء بعض الإصلاحات الاقتصادية التي يحتاج إليها الاقتصاد اللبناني إلى حد بعيد"، مشيرةً إلى أن الحزب "بنى دولة داخل الدولة، استنزفت لبنان وكلفت الدولة اللبنانية مليارات الدولارات التي ذهبت إلى دويلة حزب الله بدلًا من خزينة الدولة".

اقرأ/ي أيضًا: هل نجحت عقوبات واشنطن بتحجيم نفوذ حزب الله في لبنان؟

فيما بدا واضحًا أن تصريحات السفيرة الأمريكية قوبلت بهجوم من طرف حزب الله الذي وصف حديثها عبر النائب عن كتلة الحزب في البرلمان اللبناني حسين فضل الله بـ"الوقح"، غير أن التصعيد الأكبر من جانب أنصار الحزب جاء من خلال قاضي الأمور المستعجلة في مدينة صور محمد مازح الذي أصدر قرارًا يمنع أي "وسيلة إعلامية لبنانية أو أجنبية تعمل على الأراضي اللبنانية" من إجراء أي مقابلة أو حديث مع شيا لمدة عام كامل "تحت طائلة وقف الوسيلة الإعلامية المعنية عن العمل لمدة مماثلة"، وتغريمها بمائتي ألف دولار أمريكي، وهو ما لقي دعمًا من الجهات السياسية المتحالفة مع الحزب.

غير أن قرار قاضي الأمور المستعجلة قوبل بانتقادات حادة من الخارجية الأمريكية التي نقلت على لسانها وكالة الأنباء الفرنسية اتهامها حزب الله بـ"بمحاولة إسكات الإعلام اللبناني"، واصفةً القرار بأنه "أمر مثير للشفقة"، ومضت بالقول وفقًا للوكالة الفرنسية إنه "حتى التفكير في استخدام القضاء لإسكات حرية التعبير وحرية الصحافة أمر سخيف"، قبل أن تشدد على وقوف بلادها "مع الشعب اللبناني وضد رقابة حزب الله".

في موقف قد يؤدي لمواجهة دبلوماسية بين السفارة الأمريكية في بيروت والحكومة اللبنانية الراهنة، نفت وزير الإعلام اللبنانية منال عبد الصمد ما ورد في تصريحات شيا بخصوص تقديم الحكومة اللبنانية اعتذارًا عن قرار قاضي الأمور المستعجلة، مشيرةً إلى أنه بعد تواصلها مع رئيس الحكومة حسان دياب بالإضافة للوزراء اللبنانيين "تبيّن أن أحدًا لم يعتذر للسفيرة الأمريكية"، وأكدت في الوقت عينه على احترام الحكومة للسلطة القضائية.

لم يقدم موقف قناة  LBCI ومعها قناة MTV أي جديد بشأن موقفهما من حزب الله أو علاقتهما بالسفارة الأمريكية في بيروت على السواء

بينما كانت عبد الصمد في تعليقها على قرار قاضي الأمور المستعجلة قد أشارت في تغريدة نشرتها على حسابها الرسمي عبر تويتر إلى تفهمها "غيرة القضاء على أمن الوطن من تدخل بعض الدبلوماسيين في شؤونه الداخلية"، قبل أن تضيف مؤكدة على أنه"لا يحق لأحد منع الإعلام من نقل الخبر والحدّ من الحرية الإعلامية"، مطالبةً أن يكون حل الإشكالات مع وسائل الإعلام عبر الجهات الرسمية، ونقلت الوكالة الوطنية في وقت لاحق تصريحًا عن الخارجية اللبنانية يشير لاستدعاء حتّي للسفيرة الأمريكية  عند الثالثة من بعد ظهر  الاثنين على خلفية تصريحاتها الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: عقوبات بريطانية ضد حزب الله والحكومة اللبنانية تنأى بنفسها

من الجدير التنويه إلى دعم حزب الله المعلن لحكومة حسان دياب التي تشكّلت في 11 شباط/فبراير الماضي، بعدما قدم رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري استقالته من منصبه، على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر  2019 للمطالبة بإصلاحات جذرية للنظام السياسي، والتحسين من الأوضاع الاقتصادية التي ازدادت تدهورًا خلال الأسابيع الماضية متأثرة بالجائحة العالمية وافتقار البلاد للسيولة المالية.

في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع الأولية بشكل غير مسبوق نتيجة انهيار الليرة اللبنانية بنسبة وصلت لمائة بالمائة، حيث سجل سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي في سعر الصرف الموازي/السوق السوداء ثمانية آلاف ليرة، بعدما كانت حتى ما قبل اندلاع الاحتجاجات بيوم عند حدود تسعيرة 1515 ليرة، رفقة وجود شح بالعملة الأجنبية في الأسواق المحلية ومكاتب الصيرفة.

وفيما يبدو أنه محاولة لاحتواء قرار مازح، تداولت وسائل إعلام محلية أمس الأحد خبر إحالة القاضي مازح من قبل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات "للتفتيش القضائي بسبب عدم الأهلية"، وهو ما نفاه عويدات في وقت لاحق مؤكدًا على أنه "لم يطلب إحالة قاضي الأمور المستعجلة في صور محمد مازح على التفتيش القضائي على خلفية قرار العجلة" الذي أصدره سابقًا. 

فيما نقلت الوكالة الوطنية للأنباء في بيان صادر عن مازح تأكيده عدم تبلغه أي قرار مرتبط بالقضية، قبل أن يختم بيانه بالقول إنه في حال كان القرار صحيحًا فإنه  "استنادًا إلى أحكام القانون التي أوردتها في القرار، أقدم طلب إنهاء خدمتي في القضاء على أن أتقدم بها في صورة رسمية نهار الثلاثاء الموافق في 30/6/2020".

كما رفضت كل من قناتي LBCI وMTV القرار الصادر عن قاضي الأمور المستعجلة بتأكيدهما عدم التزامهما بالقرار الصادر، في الوقت الذي قامت MTV بإجراء لقاء هاتفي مع شيا في وقت لاحق من أول أمس السبت، وصفت خلاله شيا القرار بأنه "إلهاء وتشويش"، مشددةً على "أن تبقى حرية التعبير لدى الشعب اللبناني غير مكبوحة"، بينما غردت مجمل المحطات التلفزيونية اللبنانية في سرب مغاير يتفق مع موقف الحكومة وحزب الله.

وصولًا للإشارة إلى  تقارير إعلامية كانت قد أشارت قبل أشهر نقلًا عن مصادر مطلعة في واشنطن إلى أن قرار تعييّن شيا سفيرة لواشنطن في بيروت خلفًا لإليزابيث ريتشارد في آذار/مارس الماضي، يأتي باعتبار أنها ستكون بمثابة "توأم الرئيس دونالد ترامب في لبنان"، وشددت المصادر على أن شيا ستكون "أكثر تشددًا وحزمًا في علاقاتها مع القوى السياسية ولا سيما المقربة من "حزب الله"، لافتًا إلى أنها "تحمل أجندة خاصة تتضمّن الكثير من الشروط القاسية التي على الحكومة اللبنانية أن تلتزم بها".

 

اقرأ/ي أيضًا: