18-ديسمبر-2021

(Getty Images)

 ألترا صوت – فريق التحرير

اُفتتحت الأسواق في تركيا صباح اليوم السبت على سعر صرف جديد لليرة التركية أمام الدولار، حيث تخطت حاجز 16 ليرة مقابل دولار واحد في تدهور وصف بالتاريخي.

جاء هذا التراجع في قيمة الليرة عقب قرارين الاول صادر عن البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة، والثاني برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة تفوق 50% لعام 2022

 جاء هذا التراجع في قيمة الليرة عقب قرارين الاول صادر عن البنك المركزي بتخفيض سعر الفائدة، والثاني برفع الحد الأدنى للأجور بنسبة تفوق 50% لعام 2022.

فقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس عن زيادة الحد الأدنى للأجور في تركيا بنسبة 59% لتصل إلى 4250 ليرة أي ما يعادل 260 دولارًا أمريكيًا تقريبًا وفق سعر الصرف لليوم السبت.

وأكد أردوغان في خطاب ألقاه بالمجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة بحضور وزير العمل وداد بيلغين وممثلي نقابات العمال وأصحاب الأعمال على عزم حكومته  وضع حد في أقرب وقت للغموض السائد في الفترة الأخيرة جراء التقلبات في أسعار الصرف وغلاء الأسعار. وقال الرئيس التركي "أعتقد أننا سنقطع مسافة مهمة للغاية على طريق تعزيز أجواء الثقة والاستقرار من خلال إجراءات اقتصادية جديدة سننفذها"، وأضاف "لا المضاربين على أسعار الصرف والفائدة ولا أعداء تركيا في الداخل والخارج ولا الطامعين الجشعين بمقدورهم تحديد مستقبل بلادنا وشعبنا"، وأردف قائلًا " في عام 2022 سيكون أقل رقم للحد الأدنى للأجور هو 4250 ليرة وهذا الرقم سيرتفع اعتمادًا على ما إذا كان الموظف أو العامل متزوجًا ووفقًا لعدد أطفاله". وأعرب أردوغان عن اعتقاده أنهم عبر هذه الزيادة أثبتوا عزمهم بخصوص عدم سحق العاملين أمام ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن العاملين يستحقون أكثر من ذلك في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها البلاد.

وشدد الرئيس التركي على أن حكومته ستواصل اتخاذ الخطوات المطلوبة من أجل تسريع النمو الذي يركز على الاستثمار والتوظيف والإنتاج والتصدير.

تجدر الإشارة إلى أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور تضمن أيضًا إلغاء ضريبتين اثنتين كانتا ترهقان أصحاب العمل وتؤثر على قيمة رواتب العاملين.

وقوبل صدور قرار رفع الحد الأدنى للأجور بمزيج من الترحيب والسخرية لاسيما في ظل ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية والانخفاض المستمر لسعر صرف الليرة، ففي حين أعرب كثيرون عن تقديم لإعلان الرئيس التركي رفع الحد للأجور، غرد آخرون معبرين عن عدم ثقتهم بالإجراءات الحكومية، وقالوا إن الحد الأدنى للأجور في تركيا عام 2021  كان 2825 ليرة وهو ما يعادل 362 دولارًا، أما زيادات اليوم فلم يتعد الحد الأدنى للأجور ما قيمته 274 دولار أمريكي.

وتزامن الإعلان عن الزيادة في الأجور مع إعلان  البنك المركزي التركي في بيان له يوم الخميس عن خفض سعر الفائدة بنسبة 1% على الرغم من التحذيرات من آثار ذلك على سعر الليرة، وأوضح البيان أن اللجنة المكلفة قررت خفض سعر الفائدة من 15 إلى 14% بعد تقييم العوامل التي تؤثر في السياسة النقدية مثل الطلب والعرض والتضخم الأساسي، وأشار البيان إلى أن استمرار التحسن في ميزان الحساب الجاري المدفوع بالطلب الأجنبي يساهم في هدف تحقيق استقرار الأسعار، وأكد البنك المركزي أنه سيواصل بحزم استخدام جميع الأدوات المتاحة له حتى تظهر مؤشرات قوية تشير إلى انخفاض دائم في التضخم ويتم تحقيق هدف 5% على المدى المتوسط بما يتماشى مع الهدف الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار.

وعقب اتخاذ القرار بخفض نسبة الفائدة هوى سعر الليرة إلى أدنى مستوى له إذ بلغ 15,6 ليرة مقابل دولار واحد يوم الخميس، ليواصل الهبوط ويصل إلى عتبة 17 ليرة مقابل الدولار. 

وكان البنك المركزي قد خفض سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 400 نقطة أساس إلى 15% في أيلول/سبتمبر الماضي بموجب خطة الرئيس رجب طيب أردوغان لمنح الأولوية للصادرات والإقراض على الرغم من أن الاقتصاديين والمشرعين المعارضين انتقدوا السياسة على نطاق واسع ووصفوها بأنها متهورة.

وتشير المعطيات وتصريحات أردوغان والأوساط المقربة منه إلى أنه لا تراجع بشأن السياسة الحالية القائمة على خفض سعر الفائدة على الرغم من أن ذلك ينعكس بشكل مباشر على سعر صرف الليرة، فقد أكد الرئيس التركي أنه سيواصل معركته التي يعتبرها جزءًا من "حرب الاستقلال الاقتصادي".

وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية خفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس على الرغم من اقتراب التضخم في البلاد من نسبة 20%من أجل وقف هبوط سعر صرف الليرة في سوق العملات.

 لكن تذهب بعض الاوساط المرتبطة بالدوائر المالية  إلى ان تركيا نجحت في التحدي وفي تحقيق نسب نمو مرتفعة، وأن انخفاض العملة ليس ضرر وإنما قيمة مضافة لجعل المنتجات التركية بأسعار تنافسية حول العالم، كما يذهب محللون إلى ان هدف الحكومة ليس معالجة التضخم فحسب بل رفع مستوى أصحاب الدخل المحدود ليكونوا ضمن الطبقة الوسطى، وأن قرار رفع الأجور سينعكس بشكل إيجابي ويدعم النفقات وسيكون هناك استهلاك ويعزز الصرف وبالتالي ستتعزز عجلة النمو.

فيما ذهب محللون آخرون إلى أن لا أحد قادر على التنبؤ بالتطورات القادمة على المدى القريب والمتوسط. فتواصل انخفاض سعر صرف الليرة التركية بهذا المعدل الكبير وبشكل يوحي بان الليرة أصبحت عملة مضاربة وليست عملة استقرار، وتعنت الحكومة التركية بتخفيض نسبة الفائدة يعطي ردة فعل عكسية اتجاه السوق، وبما أن السوق اقتنع برغبة الحكومة بتخفيض الفائدة بشكل مستمر فهو اقتنع أيضًا أن التدهور طبيعي، وهو ما جعل الناس في الوقت الحالي تحول أموالها إلى الدولار لأنها تعلم أن الفائدة ستستمر بالانخفاض، وأن قيمة العملة المحلية ستواص التدهور في قيمتها. 

يرى اقتصاديون أن تدهور الأوضاع الاقتصادية في تركيا لا تحدث بمعزل عن التطورات التي تشهدها اقتصادات العالم الأخرى التي تعاني هي الأخرى من ارتفاع في معدلات التضخم وتراجع الأجور

إلا أن اقتصاديين يرون أن اقتصاد تركيا ليس بمعزل عن باقي اقتصادات العالم التي تشهد ارتفاعات حادة في معدلات التضخم بسبب تعافي الطلب واضطرابات سلاسل التوريد والارتفاع الكبير في أسعار منتجات الطاقة وغيرها من العوامل ذات الصلة بتفشي وباء فيروس كورونا، والتحذير من موجات جديدة خلال الشتاء بسبب متحوّر أوميكرون. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أردوغان.. "مُقدمون على تعزيز العلاقات مع مصر وإسرائيل"

اتفاق بين واشنطن وأنقرة على شروط سحب ضريبة الخدمات الرقمية التركية