10-يناير-2023
gettyimages

ترفض السلطات المصرية تحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية في مصر (Getty)

يواجه الاقتصاد المصري مع بداية عام 2023 تعقيدات جديدة تزيد من الأزمة الاقتصادية التي يعد غلاء الأسعار وانهيار الجنيه وارتفاع معدلات التضخّم أبرز معالمها، حيث سجّل الدولار أمس الإثنين ارتفاعًا إلى 27.65 مقابل الجنيه المصري.

يواجه الاقتصاد المصري مع بداية عام 2023 تعقيدات جديدة تزيد من الأزمة الاقتصادية التي يعد غلاء الأسعار وانهيار الجنيه وارتفاع معدلات التضخّم أبرز معالمها

وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، والصادرة اليوم الثلاثاء، أن التضخم السنوي للمستهلك في مصر ارتفع في شهر كانون أول/ ديسمبر إلى 21.3% من 18.7% في تشرين الثاني/ نوفمبر، ليقترب من معدل التضخم الأعلى الذي سجل في كانون أول/ ديسمبر 2017 عندما بلغ 21.9%.

ويعود هذا الارتفاع في نسبة التضخم حسب بنك غولدمان ساكس بصورة أساسية إلى "الآثار الناجمة عن خفض قيمة الجنيه في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، بالإضافة إلى استمرار انخفاض قيمة العملة في السوق الموازية حتى كانون الأول/ ديسمبر".

إلى جانب ما سبق، تواجه القاهرة أزمةً كبيرةً في توفير العملة الأجنبية المطلوبة للوفاء بالتزاماتها، مما اضطرها للتوجه إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض للمرة الرابعة في غضون ست سنوات. وينعكس ارتفاع سعر صرف الدولار على الأسعار بشكلٍ كبير، وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بما نسبته 4.6% على أساس شهري، بما في ذلك الخبز ومنتجات الألبان واللحوم.

getty

أمام هذه الوضعية المتأزمة أصدرت رئاسة الوزراء في مصر، أمس الإثنين، قرارات جديدة تضيق الخناق على الإنفاق العام من الموازنة العامة للدولة، والهيئات العامة الاقتصادية، من جهاز إداري وإدارة محلية وهيئات عامة خدمية وهيئات عامة اقتصادية، بعد تراجع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي إلى نحو 34 مليار دولار بنهاية كانون الأول/ديسمبر 2022، مقارنة مع 40.93 مليار دولار في نفس الشهر من العام 2021.

وتشمل الإجراءات وقف المشاريع الجديدة التي تحتاج إلى تمويل بالدولار، واشتراط حصول كيانات الدولة على موافقة وزارة المالية والبنك المركزي قبل تخصيص العملية الأجنبية لتمويل المشاريع. لكن هذا القرار، الذي جرى تبريره بالترشيد، استثنى مشاريع القوات المسلحة وأجهزتها ووزارة الداخلية، بالإضافة إلى وزارة الخارجية ووزارة الصحة، بحسب ما ورد في وكالة بلومبرغ.

"بطلوا هري"

في ظل قتامة هذا المشهد اقتصاديًا واجتماعيًا، والأزمة المعيشية الخانقة التي يعاني منها الشعب المصري، استمر عقد المؤتمرات الترويجية للرئيس المصري، وخلال مؤتمر عقد يوم الإثنين، خاطب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الشعب المصري للمرة الثانية مستعملًا عبارة "بطلوا هري"، في "أمر للمصريين" بالتوقف عن مناقشة أوضاعهم السياسية والاقتصادية.

حيث قال السيسي خلال انعقاد المؤتمر الأول للتحالف الوطني: "هو احنا دخلنا حروب ضيعنا فيها أموال مصر؟ هو احنا دخلنا مغامرات ضيعنا فيها أموال مصر؟ الظروف صعبة جدًا على الدنيا كلها، بطلوا هري بقى (كلام غير نافع)، واسمعوا منا ليس لأننا أصدق من الآخرين، ولكن لأننا ندرك حجم التحدي أكثر من غيرنا"، بحسب قوله.

وتابع السيسي حديثه، قائلًا: "أي اجتهاد من الآخرين بشأن الأزمة الحالية ليس مكروهًا أو مرفوضًا، ولكنه يتسبب في بلبلة، ويزعج الناس. ومصر لم تدخل حروبًا أو مغامرات ضيعت فيها أموالها، ولكنها أحداث خارجية دفعت البلاد ثمنها، وإذا كانت الظروف صعبة، فإن المصريين لن يتخلوا عن وطنهم".

getty

وتابع حديثه: "المتغيرات الاقتصادية عالميًا تضغط على الأوضاع في مصر، وبالتالي يشعر الناس بهذا الضغط، ولو نشرت الخوف بينكم، ما هي النتيجة؟ وهل ستكون في صالح المصريين؟ الإجابة هي لا. هل لا نستطيع حقًا الصمود أمام أي تحد كدولة وشعب معًا؟".

وأضاف السيسي: "لو مصر ظروفها صعبة، أهلها لن يتخلوا عنها، والحرب الجارية في أوكرانيا، مصر ليست طرفًا فيها، ولكنها تدفع الثمن مثل جميع دول العالم. الظرف الحالي صعب جدًا، وحين أرى الناس تتحدث أشعر أنهم ينشرون الخوف بينهم، لأن حديثهم ليس منظمًا أو مرتبًا، بل هو حديث أناس لا تعرف شيئًا!"، على حدّ قوله.

وأثارت العبارة موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، حيث اعتبرها النشطاء مواصلة من السيسي في الانفصال عن واقع المصريين الذين يواجهون واحدة من أشرس الأزمات الاقتصادية.

يأتي ذلك، وسط رفض مصري رسمي لتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية في البلاد، والإشارة باستمرار للحرب الروسية على أوكرانيا أو جشع التجار وغيرها من الأسباب دون تحميل أيّ مؤسسة رسمية مسؤولية الظرف المعيشي الخانق في مصر.

يأتي ذلك وسط رفض مصري رسمي لتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية في البلاد، والإشارة باستمرار للحرب الروسية على أوكرانيا أو جشع التجار وغيرها من الأسباب دون تحميل أيّ مؤسسة رسمية مسؤولية الظرف المعيشي

يشار إلى أن التوجه الرسمي المصري يذهب نحو تقليل التعامل مع الأخبار الاقتصادية، بعد صدور قرار عن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية (تابعة للمخابرات)، تعليمات بمنع نشر أي أخبار أو تقارير عن طلب مصر الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، والتغيرات على أسعار الذهب، والالتزام بنشر السعر الرسمي للدولار.