17-يناير-2023
gettyimages

الغارديان تحدثت عن زيادة 40% في رواتب السياسيين خلال العام الماضي (Getty)

تزايد الحديث عن الانتخابات الليبية المتعذّر إجراؤها منذ ما يزيد عن العام، بسبب عدم التوافق على قاعدة دستورية لإنجازها، ومع فشل الأطراف المتخاصمة في الوصول إلى اتفاق بدأت أوساط سياسية وإعلامية داخل ليبيا وخارجها في اتهام المسؤولين في غرب ليبيا وشرقها بعدم الجدية في الذهاب نحو الانتخابات والمحافظة بدلًا من ذلك على الوضع الراهن.

تزايد الحديث عن الانتخابات الليبية المتعذّر إجراؤها منذ ما يزيد عن العام، بسبب عدم التوافق على قاعدة دستورية لإنجازها

وأشارت صحيفة الغارديان البريطانية إلى أنّ صبر قادة الدولة الغربية بدأ ينفد بعد إخفاق الطبقة السياسية الليبية المتكرر في التوصل إلى اتفاق حول القاعدة الدستورية التي تجري وفقها الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي كان من المقرر عقدها في نهاية عام 2021، وإنهاء الانقسام الموجود حاليًا والذي بمقتضاه أصبحت ليبيا تدار من طرف حكومتين وأجسام تنفيذية متعددة غير منتخبة شعبيا تعاقبت على إدارة شؤون البلاد لقرابة عقد من الزمان، "خشية المشاركة في عملية ديمقراطية يستأثر الفائز فيها بكل شيء مما قد يجعلهم يفقدون القدرة على التحكم في السلطة ووظائف الخدمة المدنية وفقا لنظام المحسوبية"، بحسب صحيفة الغارديان.

وتشهد ليبيا في هذه الأيام حراكًا سياسيًا يسعى إلى إنهاء الأزمة الراهنة، ومحاولة التوصل إلى اتفاق يفضي للوصول إلى عملية انتخابية، تتجاوز الأزمة، التي تتعقد في الآونة الأخيرة، مع طرح عدة مبادرات للحل دون توافق كافة الأطراف أو المقدرة على تنفيذها.

وفي الوقت الذي تستفحل فيه الأزمة السياسية في ليبيا، كشفت الغارديان عن أن بند الميزانية المخصص لرواتب السياسيين في ليبيا، أظهر ارتفاعًا خلال العام المنصرم بما نسبته 40%، مشيرةً إلى أن أطرافًا دوليةً عدة من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا ممتعضة من هذه الوضعية التي لا ينبغي أن تستمر. ووفق ما نقلته الغارديان عن مبعوثين دوليين، شكّكوا في توفر إرادة لدى هذه الطبقة السياسية لتغيير الواقع الحالي الذي يبدو أن استمراره يخدم مصالحهم الضيّقة.

كما ذكر تقرير الغارديان أن مبعوثين خاصين من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة يدرسون حاليا "خطواتهم التالية بعد فشل الفرقاء في ليبيا، الأسبوع الماضي، في التوصل إلى اتفاق نهائي في القاهرة بشأن الأساس الدستوري للانتخابات النيابية والرئاسية".

ونقلت الغارديان في هذا السياق تصريحًا لدبلوماسي غربي فضل عدم الكشف عن هويته قولَه "السمة الغالبة على السياسيين الليبيين، من طرفي الخلاف، هو التشدق بأن الانتخابات ضرورية، ثم يفعلون كل ما بوسعهم لمنع إجرائها حتى يتمكنوا من الاستمرار في ملء جيوبهم بالأموال بطرق غير مشروعة".

وكانت البيانات الجديدة للمصرف المركزي في ليبيا بيّنت أن إجمالي الإنفاق الحكومي قد ارتفع العام الماضي إلى 127.9 مليار دينار ليبي، بزيادة قدرها 9 مليارات دولار عن عام 2021.
وأشارت إلى أن مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح، الذي انتخب آخر مرة في 2016 تلقى 144 مليون دينار أو 30 مليون دولار. كما تلقى المجلس الأعلى للدولة بقيادة خالد المشري، 49 مليون دينار ، أو 10 ملايين دولار، بحسب أرقام الصحيفة.

وارتفعت رواتب موظفي الدولة -بما في ذلك رواتب السياسيين- بنسبة 42%، أي بوصولها إلى 47 مليار دينار لعام 2022، مقارنة بـ 33 مليار دينار العام السابق. ويعد هذا أكبر بند إنفاق منفرد، وكل ذلك يحدث دون وجود رقابة شعبية من خلال أجسام نيابية منتخبة.

وقال الخبير في شؤون ليبيا في معهد تشاتام هاوس تيم إيتون للغارديان إن: "أرقام البنك المركزي هذه لا تزال غامضة، لكن من الواضح أن الإنفاق على الرواتب مرتفع بشكل مذهل. بالنظر إلى حجم الأموال التي يُفترض أن تُنفق على الخدمات العامة، فإن الناس العاديين في ليبيا لا يتلقون ببساطة مستوى كافٍ من الخدمة".

قال الخبير في شؤون ليبيا في معهد تشاتام هاوس تيم إيتون للغارديان إن أرقام البنك المركزي هذه لا تزال غامضة، لكن من الواضح أن الإنفاق على الرواتب مرتفع بشكل مذهل

في الأثناء أفادت معلومات قادمة من ليبيا أنّ المجلس الأعلى للدولة (المشري) بدأ بمقره في العاصمة طرابلس جلسة لمناقشة بنود القاعدة الدستورية المتعلقة بالانتخابات دون أن تكون ثمّة مؤشرات إيجابية على قرب الاتفاق على تلك القاعدة. بالإضافة إلى مجلس النواب بقيادة صالح، ويدور الخلاف تحديد حول بند ترشح مزدوجي الجنسية، واستقالة من يرغب بالترشح من مناصبه الأخرى. وحتى الآن يرفض المبعوث الأممي الخاص في ليبيا فرض تصور أو خريطة طريق للحل بشكلٍ منفرد.