24-سبتمبر-2022
احتجاجات مستمرة في طهران (Getty)

احتجاجات مستمرة في طهران (Getty)

استمرت الاحتجاجات المنددة بمقتل الشابة مهسا أميني أثناء اعتقالها من قبل شرطة الآداب الإيرانية، وسط تقارير عن تزايد وتيرة القمع، واستمرار تعطيل خدمات الإنترنت، إضافة إلى مظاهرات مؤيدة للنظام، ودعاية رسمية بشأن أيادٍ خارجية تتحكم بالاحتجاجات المعارضة لسياسات النظام.

استمرت الاحتجاجات المنددة بمقتل الشابة مهسا أميني أثناء اعتقالها من قبل شرطة الآداب الإيرانية، وسط تقارير عن تزايد وتيرة القمع

وشهدت العاصمة الايرانية وعدد من المدن الأخرى مظاهرات مؤيدة للحكومة بعد أيام من الاحتجاجات المناهضة للحكومة. ووصف المجلس الإسلامي لتنسيق التنمية المكلّف بتنظيم التظاهرات الرسمية، المحتجين على مقتل الشابة مهسا أميني بـ"المرتزقة الذين أهانوا القرآن الكريم والنبي، وأحرقوا مساجد وعلم الجمهورية الإسلامية المقدس، ودنّسوا حجاب النساء والأماكن العامة ومسّوا بالأمن العام".

وندد المتظاهرون بالاحتجاجات التي عمت البلاد مؤخرًا، ووصفوا المحتجين بأنهم "جنود إسرائيليون"، ورددوا شعارات "الموت لأمريكا"، و"الموت لإسرائيل"، وهي شعارات يستخدمها الموالون للنظام لإظهار دعمهم للسلطات، فيما دعا آخرون إلى "إعدام مثيري الشغب". وهي دعاية لم تؤثر على استمرار الاحتجاجات، التي انطلقت من جديد ليل أمس الجمعة.

الى ذلك أصدر الجيش الإيراني بيانًا ندد فيه بـ"قيام مثيري الشغب بتخريب الممتلكات العامة، والإخلال بالأمن العام"، مؤكدًا أن "الجيش بكامل قواته مستعد لمواجهة المؤامرات المختلفة التي يحيكها العدو"، معربًا عن دعمه لقوى الأمن الداخلي، حيث ندد البيان بالاعتداء على من وصفهم بـ "خدام الشعب في قوى الأمن الداخلي والشرطة، الذين يعملون دائمًا باجتهاد وإخلاص لتوفير الأمن والراحة للشعب، ويتعرضون للاعتداء ظلمًا"، كما أدان الجيش "الإساءة للقرآن الكريم، والمقدسات، وعلم الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

واعتبر بيان الجيش المظاهرات المنددة بمقتل الشابة مهسا أميني بأنها "أعمال مشينة ومخزية، واستراتيجية شريرة يتبعها العدو، لإضعاف مكانة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعزة الشعب الإيراني وتلاحمه، والمحافظين على أمن البلاد والشعب في قيادة الشرطة".

وكان الحرس الثوري الإيراني قد دعا السلطة القضائية في بيان نشر يوم الخميس مع تصاعد الاحتجاجات، إلى محاكمة من ينشرون أخبارًا، وشائعات كاذبة. وجاء في البيان "عبرنا عن تعاطفنا مع أسرة وأقارب الفقيدة مهسا أميني، وطلبنا من السلطة القضائية تحديد من ينشرون أخبارًا، وشائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك في الشارع، والذين يعرضون السلامة النفسية للمجتمع للخطر، والتعامل معهم بكل حاسم". واتهم الحرس من وصفهم بـ "الأعداء وتيار النفاق الجديد (..) الذين يحرضون الأعداء على توسيع دائرة الحظر، ويشجعون حتى على شن هجوم عسكري على البلاد".

إلى ذلك، حذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي المتظاهرين الغاضبين من مقتل الشابة أميني بأن "أعمال الفوضى غير مقبولة". وخلال حديثه في مؤتمر صحفي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ، قال إنه "أمر بفتح تحقيق في قضية مهسا أميني". وأضاف رئيسي "توجد حرية تعبير في إيران، لكن أعمال الفوضى غير مقبولة". وأشار إلى أن "حجم التغطية لقضية أميني جاء نتيجة ازدواج المعايير"، وتابع "كل يوم في بلدان مختلفة منها الولايات المتحدة نرى رجالًا ونساء يموتون في مواجهات مع الشرطة، لكن لا نرى حساسية بخصوص السبب والتعامل مع هذا العنف".

هذا وردًا على الاستعمال المفرط للعنف ضد المتظاهرين في إيران، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها فرضت عقوبات على "شرطة الأخلاق" في إيران، بتهمة "الإساءة للنساء واستخدام العنف ضدهن"، وحملت واشنطن "الشرطة الإيرانية مسؤولية وفاة مهسا أميني"، متهمة "شرطة الأخلاق" في ايران بـ"انتهاك حقوق المتظاهرين السلميين". وقالت وزارة الخزانة الأمريكية بأنها فرضت عقوبات على سبعة من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين الايرانيين، وهم رئيس "شرطة الأخلاق" محمد روستامي، ورئيس قسم طهران بـ"شرطة الآداب" أحمد ميرزائي، وقائد القوات البرية بالجيش الإيراني كيومارس حيدري، ووزير المخابرات إسماعيل خطيب، ونائب قائد قوات الباسيج سالار ابنوش، ونائب قائد قوات الأمن الداخلي  قاسم رضائي، وقائد الأمن في محافظة تشهارمحال وبختیاري مانوشهر أمان الله. وأضافت الوزارة أنه "نتيجة لإجراءات اليوم، يُحظر التعامل على جميع ممتلكات، ومتعلقات هؤلاء الأشخاص الواقعة تحت الاختصاص القضائي الأمريكي، ويجب إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة عنها".

وأشارت الوزارة إلى أن الولايات المتحدة اتخذت "إجراءات لدعم التدفق الحر للمعلومات، والوصول إلى المعلومات القائمة على الحقائق للشعب الإيراني"، وذلك عن طريق الطلب من "شركات التكنولوجيا بتزويد الشعب الإيراني بمزيد من الخيارات من المنصات والخدمات الخارجية الآمنة".

من جانبها وصفت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين الشابة مهسا أميني بأنها "كانت امرأة شجاعة، وأن موتها في حجز لشرطة الأخلاق كان عملًا وحشيًا آخر لقوات أمن النظام الإيراني ضد شعبه". وأدانت يلين بـ "أشد العبارات هذا العمل المشين"، ودعت الحكومة الإيرانية إلى "إنهاء العنف الذي تمارسه ضد النساء، وكذلك حملتها العنيفة المستمرة على حرية التعبير والتجمع". 

وتواصلت الاحتجاجات المنددة بمقتل الشابة مهسا أميني لليوم السابع على التوالي ليل الجمعة، ونقلت منظمة "هنكاو" الحقوقية أنباء عن القيام بإضراب عام بعدد من القرى الكردية شمال إيران، في حين سجلت المنظمة اعتقال عدد من النشطاء والمدنيين في أنحاء متفرقة من البلاد.

كما لا تزال شبكة الإنترنت والاتصالات شبه مقطوعة بالكامل عن البلاد، حيث أفادت مجموعة "نتبلوكس" المعنية بمراقبة انقطاع خدمات الإنترنت أنه "تم تسجيل تعطل جديد للإنترنت عبر الهاتف المحمول في إيران". وفي تغريدة لشركة "واتساب" على تويتر كتبت إنها "تعمل على إبقاء المستخدمين الإيرانيين على اتصال"، مضيفة أنها "لا تحظر الأرقام الإيرانية".

أفادت مجموعة "نتبلوكس" المعنية بمراقبة انقطاع خدمات الإنترنت أنه "تم تسجيل تعطل جديد للإنترنت عبر الهاتف المحمول في إيران"

ويعتبر تطبيقا "إنستغرام" و"واتساب" الأكثر استخدامًا في إيران منذ حجب منصات يوتيوب، وفيسبوك، وتلغرام، وتويتر، وتيك توك في السنوات الماضية، بالإضافة إلى أن استخدام الإنترنت في البلاد يخضع لقيود مشددة من قبل السلطات.