19-نوفمبر-2018

تستمر حالات الاغتيال في البصرة وسط تواطؤ رسمي (Getty)

فريق التحرير ـ ألترا صوت

منذ نهاية التظاهرات الغاضبة التي خرجت في البصرة، جنوب العراق، في مطلع تموز/يوليو الماضي، بدأت مسلسلات الاغتيال في المحافظة، إذ قتلت الناشطة والمؤيدة للاحتجاجات، سعاد العلي في 25 أيلول/سبتمبر، ومن ثم شهدت البصرة ثلاث حالات اغتيال للناشطين في الاحتجاجات واحدة منها فشلت فقط، ليأمر بعدها رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، وزارة الداخلية وجهاز المخابرات بفتح تحقيقات حول هذه الجرائم، ويقول في بيان صادر عن مكتبه في 30 أيلول/ سبتمبر، إن "المسؤولين سيبحثون في صلات محتملة بين مقتل المودل تارة فارس وعمليات الخطف والقتل في بغداد والبصرة". واصفًا عمليات القتل بكونها "تعطي انطباعًا بأنّ هنالك خطة وراء هذه الجرائم".

لم تظهر حتى الآن أية نتائج للتحقيقات حول مقتل الناشطين والمتظاهرين في محافظة البصرة، بالرغم من مرور أشهر 

لم تظهر حتى الآن أية نتائج للتحقيقات حول مقتل الناشطين والمتظاهرين في محافظة البصرة، بالرغم من مرور أشهر على حالات القتل، ما كشف أن الجهات الأمنية لا تستطيع إظهار التحقيقات بالرغم من حصولها على بعض الخيوط، التي تتصل بقادة من فصائل الحشد الشعبي، حسب ما أشار مصدر من وزارة الداخلية لـ"ألترا صوت"، رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية.

اقرأ/ي أيضًا: آلاف حالات التسمم في البصرة.. مشهد مكتمل لمدينة منكوبة

حادثة قتل جديدة لمتظاهر ورجل دين بارز!

أثناء انتظار هذه التحقيقات وسط سخط بين الناشطين، قتل رجل الدين العراقي، الشيخ وسام الغراوي في البصرة، وهو شخصية بارزة في الاحتجاجات المطالبة بالمياه وتحسين الواقع الخدمي بالمحافظة، بعد وصول الإصابات بالتسمّم جرّاء تلوّث المياه إلى أكثر من 100 ألف إصابة.

فيما علقت الجهات الرسمية والأمنية في البصرة، بشكل صحفي، بحسب وصف نشطاء من المحافظة، إذ اكتفت شرطة البصرة ببيان مقتضب صادر عنها في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، قالت فيه، إن "رجل الدين وسام الغراوي قتل بالرصاص خارج منزله وسط مدينة البصرة على يد مجهولين في وقت متأخر من ليلة السبت"، 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

فيما قال مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة، مهدي التميمي، أن "التحقيق لا يزال مستمرًا بشأن اغتيال أحد أبرز ناشطي المظاهرات الأخيرة في البصرة الشيخ وسام الغراوي"، مبينًا أننا "لا نستطيع أن نحدد الجهة التي تقف وراء هذه الحادثة".

 وأضاف التميمي، أن "مكتب مفوضية حقوق الإنسان شكل لجنة تقصي حقائق للوقوف على ملابسات اغتيال الشيخ وسام الغراوي لحين الوقوف على أساب القتل ودوافعه"، مشيرًا إلى أن "المكتب يتابع بقلق ليس فقط مقتل الشيخ وإنما عدة حوادث تحدث في المحافظة"، لافتًا إلى أن "هذه ثاني حادثة غريبة تحدث في المحافظة؛ الأولى مقتل الناشطة سعاد العلي والحادثة الثانية الشيخ وسام الغراوي".

الدعوة إلى الجهاد!

كان وسام الغراوي، بارزًا في التظاهرات، ويعتبر قائدًا فيها، وبعد اغتيال المتظاهرين من قبل القوات الأمنية وجهات مجهولة في البصرة، ظهر وسام الغراوي في مقطع فيديو تم تصويره خلال إحدى تظاهرات الجمعة بالمحافظة، وتم تداوله على منصات التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر"، قال فيه وسام الغراوي، إن "مجموعة من رجال الدين سيصدرون خلال أيام فتوى بالجهاد وحمل السلاح، بالتنسيق مع مرجعين دينين".

ورأى مراقبون، أن وسام الغراوي، باعتباره رجل دين بارزًا، لا يمكن أن يكون مقبولًا لدى السلطة كمحتج، وذلك لأن سلطة المحاصصة تستمد مشروعيتها بالأساس من المشاعر المذهبية التي يمثلها غالبًا رجال الدين، الذين يعزّزون من الشعور والانتماء الطائفي لدى الفرد، بالإضافة إلى أن المقربين من إيران يقابلون المتظاهرين دائمًا بتهم واضحة، مثل عملاء السفارة الأمريكية والبعثيين، وهذه التهم لا تنطبق على رجل الدين الذي قتل.

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة تتوسع في العراق.. سخط الجنوب يوحد الشارع

الخوف من تجدّد الاحتجاجات

وحتى الآن لم يتحقق أي شيء من مطالب أهل البصرة، ولهذا السبب تخاف السلطات المتنفذة في المحافظة من تجدّد الاحتجاجات، كما يوضح أحد قادة تنسيقية تظاهرات البصرة لـ"ألترا صوت"، رفض الكشف عن اسمه لذات الأسباب التي قتل فيها وسام الغراوي، موضحًا أن "كل متظاهر يريد الخروج من جديد سيكون عرضة للقتل، خاصة بعد تشكيل قوات التعبئة عقب حرق القنصلية الإيرانية ومقرات الأحزاب وفصائل الحشد الشعبي".

 لم يتحقق أي شيء من مطالب أهل البصرة، ولهذا السبب تخاف السلطات المتنفذة في المحافظة من تجدّد الاحتجاجات

وكان الحشد الشعبي، قد أعلن في 15 أيلول/ سبتمبر، عن تشكيل عشرة ألوية احتياطية من واجبها مساندة الحشد الشعبي والقوات الأمنية في البصرة، سميت بـ"قوات التعبئة"، وبعد تشكيل هذه القوات، ذهب نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، والمقرب من إيران، أبو مهدي المهندس، إلى البصرة، وهدد في كلمة ألقاها أمام عناصر الحشد في 28 أيلول/ سبتمبر، ما أسماهم بـ"أذناب أمريكا العراقيين"، بالقول، إنه "والله بهؤلاء الشباب وبهذه العزيمة، سنوقف المد الأمريكي وأذنابهم من العراقيين الذين يختبؤون في المكاتب ويوجهون إعلامنا وبعض سياساتنا"، متابعًا أنه "عبر عشرات السنين قاتلنا الأمريكان بأيدٍ خالية واليوم أيدينا مملوءة"، لافتًا إلى أنه "لن يكون لهم أمان بعد اليوم". ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف الاغتيالات في البصرة ضد المتظاهرين الذين أحرقوا مقرات الأحزاب بسبب العطش، فقالوا أنهم "مدفوعون من القنصلية الأمريكية".

وبحسب وصف القائد في الحركة التنسيقية ذاته، فإنه "ليس هناك متظاهر لا يتهم بأنه عميل للقنصلية الأمريكية حتى الأطفال الذين خرجوا بعد إصابة آبائهم بالتسمم".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أسد البصرة".. نمذجة الشخصية العراقية

احتجاجات البصرة في العراق.. النار لا تأتي إلا بالنار!