07-أكتوبر-2017

مر أكثر من 59 يومًا على اعتقال المعارض الموريتاني محمد ولد غده (مواقع التواصل الاجتماعي)

دخلت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، على الخط في قضية اعتقال المعارض الموريتاني وعضو مجلس الشيوخ المنحل، محمد ولد غده، مُدينةً استمرار اعتقاله لشهور، ومتهمةً النظام الموريتاني بـ"إسكات المعارضين".

منذ شهور ولا يزال المعارض الموريتاني محمد ولد غده قيد الحبس الاحتياطي دون التحقيق معه، في مخالفة للقوانين المحلية والدولية

ودعت المنظمة الحقوقية، السلطات الموريتانية إلى الإفراج عن ولد غدة، أو "تقديمه لمحاكمة سريعة وعادلة، إن كان لديها ما يكفي من الأدلة لمحاكمته على جريمة جنائية معترف بها"، بحسب ما جاء في بيانٍ لها، قائلًا: "كلما طال أمد سجن ولد غده من دون إجراء قضائي عادل وشفاف، كلما بدا الأمر أن قضيته عرض عضلات لإسكات معارضي الرئيس".

اقرأ/ي أيضًا: تعديلات ولد عبد العزيز الدستورية.. الشارع الموريتاني يرفض عبث الرئيس

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "كلما ظل محمد ولد غده محتجزًا من دون أن توضح المحكمة التهم الموجهة إليه، كلما بات ظاهرًا أن هذه القضية تتعلق بإسكات المعارضين للرئيس بدلًا من تحقيق العدالة".

وكانت السلطات الموريتانية قد اعتقلت ولد غده في 10 آب/أغسطس 2017، بعد خمسة أيام من إجراء استفتاء لحل مجلس الشيوخ، الذي كان ولد غده عضوًا فيه، وناضل بشدة للإبقاء عليه ضمن تحالف من قوى المعارضة وأعضاء المجلس نفسه.

وبحسب محامي ولد غده، أحمد سالم ولد بوحبيني، الذي صرح لهيومن رايتس ووتش، فإنّ "هناك قاض يحقق في قضية ولد غده بتهمة فساد موظف حكومي، بموجب المادة الثالثة من قانون مكافحة الفساد لعام 2016. وينص قانون مكافحة الفساد على السجن بين 10 و20 سنة لأي مسؤول منتخب يقدم أو يقبل رشوة".

وأوضح المحامي أنه مع مثول ولد غده أماما لقاضي في 31 آب/أغسطس، لم يسأله القاضي عن مضمون القضية، وإنما استجوبه بشأن دعم مالي مزعوم من قبل رجل الأعمال الموريتاني المعارض محمد ولد بوعموتو. بعد تلك الجلسة، قرر القاضي المضي في تحقيقات تهم الفساد المزعومة، ومن وقتها وحتى الآن لم يُستدعى ولد غده للتحقيق معه في القضية المنسوبة إليه، وذلك رغم أنّ "قانون العقوبات يتطلب إجراء محاكمة فورية عندما يكون المتهم محتجزًا في الحبس الاحتياطي"، وفقًا لبيان المنظمة.

ويذكر أنه بموجب المادة التاسعة من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه موريتانيا عام 2004، فإن "أي شخص يلقى القبض عليه أو يحتجز بتهمة جنائية، يجب عرضه أمام قاض، ويحق له أن يحاكم في غضون فترة زمنية معقولة، أو أن يُفرج عنه"، كما تنص المادة 14 من نفس العهد على أنه "لكل شخص يواجه تهمة جنائية الحق في جلسة استماع أمام محكمة مستقلة ونزيهة من دون تأخير لا داع له".

سياسة العصا

 وصفت المعارضة الاستفتاء الذي أجري في آب/أغسطس الماضي بأنه "انقلاب جديد" وخطوة من قبل الرئيس محمد ولد عبد العزيز لتعزيز سلطانه، وربما لإعداد تغييرات دستورية تسمح له بالحصول على ولاية جديدة بعد ولايته الحالية الثانية. وبعد الاستفتاء، شهدت موريتانيا اعتقالات عديدة في صفوف المعارضة أو وسط الصحفيين.

وصفت المعارضة الموريتانية إصرار الرئيس محمد ولد عبدالعزيز على تمرير التعديلات الدستورية، بـ"الانقلاب الجديد"

وفي السياق نفسه، قال موسى أفال، نائب رئيس منتدى المعارضة سابقًا، إن نظام محمد ولد عبدالعزيز "يصر منذ أشهر على خنق كل معارضة في الوقت الذي تلوح في أفق 2019 انتخابات رئاسية جديدة، لا يحق له الترشح لها، لأن الدستور الموريتاني يمنعه، بحكم مواد لا يمكن تعديلها".

اقرأ/ي أيضًا: معارضة موريتانيا: أي تعديل للدستور هو انقلاب جديد

 ومن أجل اختبار مدى القبول بتمرير مأمورية ثالثة من خلال الاستفتاء، أقدم الرئيس الموريتاني على تعديلات دستورية جديدة "لا تكتسي أي أهمية ولا أي طابع استعجالي: تغيير العلم الوطني، إلغاء مجلس الشيوخ.. إلخ. وذلك في الوقت الذي لا تزال مشاكل جوهرية، مثل العبودية والوحدة الوطنية والفقر، مطروحة بإلحاح ودون علاج"، حسبما قال موسى أفال.

كما أن النظام باعتقاله محمد ولد غده، فكأنه يستهدف المعارضة، بحسب موسى أفال، مُوضحًا: "خصوصًا وأن ولد غده عضو في مجلس الشيوخ، ناضل ضد هذه التعديلات، وكان يرأس لجنة التحقيق البرلمانية حول صفقات التراضي"، مُضيفًا: "لقد تم اعتقاله مرة أولى غداة تصويت الشيوخ رغم حصانته البرلمانية، وتمت مصادرة هواتفه وقرصنتها لاستخراج معلومات شخصية سرية، انتهاكا للحريات التي يكرسها الدستور والقانون الدولي".

ووفقًا لأفال فقد اعتُقل ولد غده من قبل أشخاص مجهولي الهوية يرتدون زيًا مدنيًا وبدون مذكرة احتجاز أو اتهام، وقد ظل مختفيًا قسريًا لعدة أيام، "وبعد أن تلقى النظام الكثير من الضغوط من جهات متعددة، أمر بتحويله للنيابة في محاولة لإضفاء الشرعية على جريمته"، يقول أفال.

ووفقًا لمصادر إعلامية، فبعد ثلاثة أسابيع من اعتقال ولد غده، استدعت السلطات 12 عضوًا آخرين في مجلس الشيوخ، وأربعة صحفيين مستقلين واثنين من قادة النقابات، واستجوبتهم، وكانت العديد من الأسئلة متصلة بتمويل مزعوم من ولد بوعموتو، المعارض المقيم في المغرب، ووضعتهم المحكمة جميعًا قيد الإشراف القضائي في انتظار توجيه تهم محتملة لهم.

وفقًا لموسى أفال فقد اعتقل ولد غده من قبل أشخاص مجهولي الهوية بزي مدني وبلا مذكرة احتجاز، وأُخفي قسريًا عدة أيام

وكجزء من التحقيق نفسه في الفساد المزعوم، أصدر المدعي العام الموريتاني في الأول من أيلول/سبتمبر، مذكرة توقيف دولية بمزاعم فساد ضد ولد بوعموتو وأحد شركائه التجاريين، وهو محمد ولد دباغ، والمتواجديْن حاليًا في المغرب، وفقًا لهيومن رايتس ووتش.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تمرير التعديلات الدستورية "يهدد الوحدة الوطنية" في موريتانيا

استدعاءات أمنية لصحفيين موريتانيين.. استمرار لمسلسل انتهاك حرية الصحافة