على وقع التوتر القائم في مضيق تايوان بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي للجزيرة الأسبوع الماضي، والتي ردت عليها الصين بتنديد شديد اللهجة ووجهت تهديدات مباشرة، كما أعلنت عن سلسلة من المناورات العسكرية المكثفة في المياه المحيطة بالجزيرة، بدأ الجيش التايواني الثلاثاء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية شملت محاكاة للدفاع عن الجزيرة من غزو صيني محتمل.
بدأ الجيش التايواني الثلاثاء مناورات عسكرية بالذخيرة الحية شملت محاكاة للدفاع عن الجزيرة من غزو صيني محتمل
وأكد المتحدث باسم الجيش الثامن التايواني الجنرال لو ووي-جيي أن "المناورات بدأت في مقاطعة بينغتونغ الجنوبية بُعيد الساعة الرابعة بتوقيت غرينتش، عبر إطلاق قنابل مضيئة وقذائف مدفعية"، مضيفًا أنها "ستختتم قرابة الساعة الواحدة والنصف بتوقيت غرينتش". وأشار لو ووي-جيي أن "المناورات التي تجري يومي الثلاثاء والخميس، ستشمل نشر مئات الجنود ونحو 40 مدفع هاوتزر".
وأجرى الجيش التايواني سابقًا مناورة لصدّ هجمات من البحر، حيث تجرى في الجزيرة مناورات عسكرية بشكل دوري.
دافع عن نفسك مثل النيص
وإدراكًا منها أنها في حرب غير متكافئة، تتبنى تايوان "استراتيجية النيص" التي تقول إن "الذئب يستطيع التهام النيص، لكن فم الذئب سيتهشم من أشواكه"، وتتمثل هذه الاستراتيجية في "التهرب من نقاط قوة العدو، واستغلال نقاط ضعفه". وتستند هذه الخطة الدفاعية على ثلاث طبقات، وهدفها النهائي هو المحافظة على "الأصول الدفاعية واستيعاب الهجوم الصيني، وتنظيم جدار ناري يمنع الجيش الصيني من تنفيذ الغزو بنجاح".
الطبقة الأولى تتمحور حول العمل الاستخباري والاستطلاعي لوضع القوات الدفاعية، وضمان أنها في حالة استعداد تام قبل وقوع الهجوم الصيني. أما الطبقة الثانية فتتركز حول حرب عصابات بحرية مع دعم جوي من طائرات متطورة مقدمة من الولايات المتحدة. أخيرًا، فإن الطبقة الثالثة هي الطبقة الأعمق في العقيدة الدفاعية التايوانية، وهي تعتمد على جغرافيا الجزيرة والقوة البشرية التايوانية.
وتوضح صحيفة تايبيه تايمز في افتتاحيتها أن "ألم الدوس على شوك الحيوان يصبح العقبة الرئيسية أمام سحقه"، وإذا قرر المفترس مهاجمة النيص على أي حال، فسوف يعاني من عقاب مؤلم ويستسلم في النهاية.
ويقول زينو ليوني المتخصص في النظام الدولي والدفاع والعلاقات بين الصين والغرب في كلية كينجز اللندنية، في مقال نشرته مجلة "The Conversation"، بأن الطبقات الثلاث التي تشكل "استراتيجية النيص" التايواني ستمنع أسطول الجيش الصيني من الوصول إلى الأراضي التايوانية، وإذا نجحت القوات الصينية في الوصول للجزيرة فسوف تدفع ثمنًا باهظًا من الخسائر البشرية والمادية.
ويوضح ليوني: "تشكل الجغرافيا والسكان العمود الفقري للطبقة الدفاعية الثالثة، تضاريس فورموزا المعقدة، مع الجبال الوعرة، وعدد قليل من شواطئ الإنزال المناسبة، والكثير من أراضيها الحضرية، ستمنح المدافعين ميزة ويمكن أن تضاعف خسائر الغزاة". بالإضافة إلى ذلك وعلى الرغم من أن "حجم جيش الصين القوي يصل إلى 12 ضعف حجم القوات التايوانية، إلا أن لديها أكثر من 1,5 مليون جندي احتياطي سيخوضون المعركة، إذا حاولت القوات الصينية غزو البلاد، وستكون الأسلحة المتنقلة ومتعددة الاستخدامات والتي يمكن إخفاؤها بسهولة حاسمة أيضًا في الطبقة الثالثة، وأثبتت الحرب في أوكرانيا أن أنظمة الصواريخ المحمولة جافلين وستينغر كانت بمثابة كابوس للطائرات والدبابات الروسية".
في سياق متصل قال وزير خارجية تايوان جوزيف وو الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي في تايبيه، إن "الصين استخدمت المناورات وخططها العسكرية للإعداد لغزو تايوان"، مضيفًا أن "نية الصين الحقيقية هي تغيير الوضع القائم في منطقة آسيا-المحيط الهادئ"، مؤكدًا أن "الصين تجري تدريبات عسكرية واسعة النطاق وإطلاق صواريخ بالإضافة إلى هجمات إلكترونية وحملة تضليل وضغط اقتصادي من أجل إضعاف الروح المعنوية في تايوان".
وجدد وزير الخارجية التايواني إدانته "للمناورات الصينية التي استمرت حتى الإثنين رغم ادعاء بكين في البداية أنها ستنتهي في اليوم السابق"، مشيرًا إلى أنها "أعاقت أحد أكثر طرق الشحن البحري ازدحامًا في العالم". وشكر جوزيف وو الحلفاء الغربيين وفي مقدمتهم نانسي بيلوسي لأنها صمدت في وجه الصين، قائلًا "هذا يبعث أيضًا برسالة واضحة إلى العالم بأن الديموقراطية لن تخضع لترهيب الاستبداد".
أجرى الجيش التايواني سابقًا مناورة لصدّ هجمات من البحر، حيث تجرى في الجزيرة مناورات عسكرية بشكل دوري
وأثار حجم المناورات الصينية وكثافتها تنديدًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية، إلا ان بكين دافعت عن الخطوات التي أقدمت عليها بأنها الرد "الحازم والمناسب في وجه الاستفزاز الأمريكي". وقال الناطق باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين خلال مؤتمر صحافي "نحن نكتفي بتوجيه تحذير إلى المسؤولين عن هذه الأزمة"، متوعدًا بأن الصين "ستحطم بحزم أوهام السلطات التايوانية بالحصول على الاستقلال بواسطة الولايات المتحدة".