29-مارس-2018

وصفت صحف أجنبية الانتخابات الرئاسية المصرية بالصورية (راجي ماجد/ الأناضول)

انتهت مساء 28 آذار/ مارس عملية الاقتراع في الانتخابات الرئاسية المصرية، وبدأت على الفور عملية فرز الأصوات المحصورة بين مرشحين اثنين، أولاهما والفائز بلا شك هو عبدالفتاح السيسي، والثاني الذي مثّل دور الكومبارس كما وصفته عديد التقارير، رئيس حزب الغد، موسى مصطفى موسى.

غابت عن الانتخابات المصرية المنافسة، وكانت أقرب لكونها استفتاء لولاية ثانية للسيسي، لذا ركزت الدولة على زيادة الإقبال على التصويت

بدورها أبدت الصحافة الأجنبية بعض الاهتمام بالانتخابات التي لم يهتم بها الشعب المصري كثيرًا، كون النتيجة محسومة سلفًا. فأعطت بعض الصحف الأجنبية تغطية بانورامية الطابع عن الأوضاع في مصر، ومثّلت الانتخابات جزءًا من هذه الصورة العريضة، فيما ركزت تغطيات أخرى على المشهد الانتخابي كعملية جرت في عزلة من الشباب الذي يمثل 61% من المصريين.

اقرأ/ي أيضًا: السوشال ميديا في مصر.. سخرية واسعة من انتخابات المرشح الوحيد

لا يتعلمون من التاريخ

شهدت مراكز الاقتراع إجراءات أمنية مشددة من انتشار مكثف لقوات الجيش والشرطة. كما أن كثيرًا منها شهدت تجمعات احتفالية ووصلات رقص من النساء والرجال. 

من بين هذه الحالة، ركزت صحيفة الغارديان على ندرة مشاركة الشباب في العملية الانتخابية، في مقابل زيادة أعداد الناخبين المسنين، وإجمالًا قلة المشاركين في الانتخابات التي استمرت ثلاثة أيام كل يوم من الساعة التاسعة صباحًا بالتوقيت المحلي، وحتى السادسة مساءً.

في إحدى اللجان الانتخابية، أكّد القاضي المشرف على اللجنة، والذي كان يستمع إلى الأغاني التي ظهرت بعد الثالث من تموز/يوليو 2013، بعضها ظهر مؤخرًا يحث على المشاركة في الانتخابات، على أن أعداد الناخبين المسجلين في مركز الاقتراع الذي يشرف عليه ثلاثة آلاف ناخب، لم يحضر منهم سوى 500 ناخب فقط.

الرقص كان سمة أساسية في المشهد الانتخابي المصري الأخير (APA)
الرقص كان سمة أساسية في المشهد الانتخابي المصري الأخير (APA)

ولأن الانتخابات غابت عنها المنافسة الحقيقية وبدت وكأنها استفتاء على شعبية السيسي أكثر من أي شيء آخر، وكان مقياس نجاحها بالنسبة للنظام هو زيادة الإقبال على التصويت، تنافست على ضوء ذلك أجهزة الدولة للضغط على المواطنين للمشاركة في العملية الانتخابية. 

ولذا لفتت الغارديان إلى ما صرح به محافظ البحيرة في 25 آذار/مارس الجاري، من أن القرى الأكثر تصويتًا ستُكافأ بحل مشاكل المياه والصرف الصحي! كما أوردت ما ذكرته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية من أن الممتنعين عن التصويت سيتوجب عليهم دفع غرامة مالية قدرها 500 جنيه مصري، أو ما يعادل 30 دولارًا تقريبًا.

رصدت عدة صحف أجنبية غياب المشاركة الشبابية في الانتخابات المصرية، وتحايل الإعلام المؤيد للنظام على ذلك بصور قديمة أو مفبركة

وبالعودة إلى إحجام الشباب عن المشاركة في الانتخابات، نقلت الغارديان عن شابة في الثانية والعشرين من عمرها، قولها: "لا أريد أن أحكم على الأشخاص الذين يصوتون. لكن كبار السن الذين يصوتون ويرقصون في مراكز الاقتراع لا يتعلمون شيئاً من التاريخ".

اقرأ/ي أيضًا: "وهم الرئيس".. فيلم السيسي الممل لإقناع المصريين بشبه الانتخابات

ورصدت صحيفة تليغراف البريطانية أعمار الناخبين من أمام بعض مراكز الاقتراع، لتجد أن أغلبهم كانوا في منتصف العمر أو أكبر. ومع أنها قالت إن الشباب عادة ما يكونون الأقل في المشاركة بالانتخابات حول العالم، بما في ذلك بريطانيا، إلا أن الأمر في الانتخابات المصرية كان غير مسبوق.

وفي محاولة لتفسير ذلك، أرجعت تليغراف ندرة المشاركة الشبابية في الانتخابات، إلى أنّ المصريين الذين ولدوا عام 1961 أو قبل ذلك، عاشوا نحو نصف قرن في ظل حالة ركود استبداد الديكتاتورية العسكرية، بينما مواليد التسعينات مثلًا، فقد عايشوا الثورة المصرية في 2011، وساهموا بقوة فيها، كما أنهم عاشوا انتخابات حقيقية في 2012، لذلك يصعب عليهم المشاركة في الترسيخ للديكتاتورية.

وعليه يمكن فهم الاستماتة في محاولة تصوير الشباب من قبل السلطات والإعلام الموالي للنظام، كأحد الفئات الفاعلة التي شاركت فيما يمكن تسميته مجازًا بالانتخابات، حتى أن الصحيفة البريطانية رصدت كيف وضعت إحدى القنوات الفضائية المصرية صورة لمجموعة من الفتيات المصريات وهن يلوحن بأصابعهن علامة على مشاركتهم في الانتخابات، رغم أن صاحبة الصورة الأصلية، أكدت أنها ملفقة وأنها تخصها مجموعة من صديقاتها وتعود إلى عام 2011، ولا علاقة لها بانتخابات 2018. 

تحديات أمام قمع السيسي  

تصدرت مقال مجلة فورين أفيرز عن الانتخابات الرئاسية المصرية، صورة كبيرة لسوق شعبي تتوسطها لافتات دعم وتأييد للسيسي، كتلك التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، سخريةً وتندرًا.

ركز مقال فورين أفيرز على حملات القمع غير المسبوق التي سبقت الانتخابات المصرية، والتي اعتبرها أمرًا معتادًا لدى المصريين خاصة خلال السنوات القليلة الأخيرة، لكن ليس بتلك القسوة التي سبقت انتخاب السيسي.

ولفتت فورين أفيرز إلى أن "قوة" السيسي واستمراره في الحكم يتهدده العديد من التحديات القاسية القادمة، أولها سد النهضة الذي سيؤثر بشكل كبير جدًا على حياة المصريين وأنصبتهم من المياه التي بالفعل تتصف بالشح في بلد النيل، خاصة وأن السد يهدد بتقليل التدفق المائي إلى مصر بنسبة 25%.

وأكد المقال على أن القمع الذي يمارسه نظام السيسي لإحكام قبضته على السلطة، قد لا يجعله في نهاية الأمر، في أمان تام، طالما استمرت القضايا المهددة، مثل ما يسميها إجراءات الإصلاح الاقتصادي، أو بالأحرى إجراءات التقشف والغلاء المعيشي، وما يعنيه ذلك من ضغوطات هائلة على الشعب، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى فورات غضب، بحسب فورين أفيرز.

من جانبها، اعتبرت صحيفة فاينانشال تايمز أن أخطر ما يهدد السيسي على ما يبدو هو وجود انقسامات داخل المؤسسة العسكرية حول شخصه، ما يمكن قراءته في خروج مرشحين من داخل المؤسسة العسكرية، تعرضوا للتنكيل والاعتقال على إثر ذلك، على رأسهم رئيس هيئة الأركان الأسبق سامي عنان.

القمع المشدد الذي يمارسه نظام السيسي لإحكام قبضته على السلطة، قد لا يجعله في أمان تام، طالما استمرت القضايا المهددة لوجوده

في النهاية، اتفقت تقريبًا الصحف الأجنبية في تغطياتها للانتخابات الرئاسية المصرية، أنها كانت انتخابات صورية، ومجرد محاولة غير ناجحة تمامًا، لتصوير أن ثمة ديمقراطية في مصر!

 

اقرأ/ي أيضًا: 

من حكايات الجنرال الخطير

هل يهدد السيسي الجيش بالجيش؟.. مصر تتساءل عبر السوشيال ميديا