أصدر البنك الدولي، بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان "CNRS-L"، تقريرًا لتقييم الأضرار والاحتياجات في لبنان، مسلطًا الضوء على تأثير العدوان الإسرائيلي على القرى الواقعة في الحافة الأمامية للجنوب اللبناني المحاذي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023، قبل أن يتوسّع ليشمل مناطق لبنانية أخرى اعتبارًا من 23 أيلول/سبتمبر 2024.
يرصد التقرير، وفقًا للبنك الدولي، الفترة الممتدة من 8 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى 20 كانون الأول/ديسمبر 2023، ويهدف إلى تقدير حجم الأضرار والخسائر الاقتصادية، بالإضافة إلى تحديد الاحتياجات اللازمة للتعافي وإعادة الإعمار. وبحسب التقييم، تُقدَّر تكلفة إعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار أميركي.
قطاع الإسكان الأكثر تضررًا
بحسب تقرير البنك الدولي، بلغت الأضرار الناجمة عن العدوان الإسرائيلي 6.8 مليار دولار، مع تركزها بشكل أساسي في قطاع الإسكان، الذي استحوذ على 67% من إجمالي الأضرار، أي ما يُقدر بنحو 4.6 مليار دولار. ويليه قطاع البنية التحتية، التي تشمل الطاقة، النقل، الخدمات العامة، والمياه والصرف الصحي، حيث تكبدت هذه القطاعات مجتمعة 10% من إجمالي الأضرار. أما قطاعات التجارة، الصناعة، والسياحة، فقد استحوذت على 9% من إجمالي الخسائر.
يرصد تقرير البنك الدولي، بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان حجم الأضرار والخسائر الاقتصادية، بالإضافة إلى تحديد الاحتياجات اللازمة للتعافي وإعادة الإعمار
توزيع الأضرار الجغرافية
على مستوى الأضرار في المدن والقرى اللبنانية، سجلت محافظتا النبطية والجنوب أعلى نسبة من الخسائر، حيث بلغت الأضرار في النبطية 3.2 مليار دولار، ما يمثل 47% من إجمالي الأضرار الجغرافية، تليها محافظة الجنوب بـ1.6 مليار دولار، أي ما يعادل 23%. كما شهد جبل لبنان، بما في ذلك الضاحية الجنوبية لبيروت، خسائر كبيرة، حيث استحوذ على 16% من الأضرار.
أثر مدمر على التجارة والسياحة
قدّر التقرير حجم الخسائر الاقتصادية بـ7.2 مليار دولار، حيث كانت القطاعات الأكثر تضررًا التجارة والصناعة والسياحة، والتي سجلت خسائر بلغت 3.4 مليار دولار، أي ما يعادل 48% من إجمالي الخسائر، وذلك نتيجة الانخفاض الحاد في الأنشطة التجارية، السياحة الوافدة، والسفر المحلي.
على المستوى الجغرافي، كانت النبطية المحافظة الأكثر تضررًا في قطاعي التجارة والسياحة، حيث بلغت خسائرها 1.97 مليار دولار، تليها محافظة الجنوب بـ1.63 مليار دولار، ثم البقاع بـ1.15 مليار دولار.
الاحتياجات لإعادة الإعمار والتعافي
أشار البنك الدولي في تقريره إلى أن لبنان بحاجة إلى 11 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي، من ضمنها 8.4 مليار دولار على المدى القصير (2025-2027)، في حين سيتطلب 2.6 مليار دولار للتعافي على المدى المتوسط (2028-2030).
أما بالنسبة للقطاعات الأكثر احتياجًا في عملية إعادة الإعمار والتعافي، فإنها تُقدر، بحسب البنك الدولي، في قطاع الإسكان بـ6.3 مليار دولار، ما يعادل 57% من الإجمالي، يليه قطاع التجارة والصناعة والسياحة بـ1.8 مليار دولار (17%)، ثم البنية التحتية بـ1 مليار دولار (9%).
وجاءت النبطية في مقدمة المحافظات الأكثر احتياجًا للتعافي، حيث تحتاج إلى 4.7 مليار دولار، ما يعادل 43% من إجمالي المبلغ المطلوب لإعادة الإعمار. وفي المقابل، تُقدر كلفة التعافي في الجنوب بـ2.4 مليار دولار (22%)، فيما قُدرت كلفة إعادة الإعمار في جبل لبنان بـ1.77 مليار دولار (16%).
دور القطاعين العام والخاص في تمويل إعادة الإعمار
يشير البنك الدولي إلى أن جهود إعادة الإعمار والتعافي تتطلب استثمارات ضخمة، حيث يُقدر أن القطاع الخاص سيوفر بين 6 و8 مليارات دولار، خاصة في قطاعي الإسكان والتجارة، بينما يتعين على الحكومة اللبنانية تأمين 3 إلى 5 مليارات دولار من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية، الصحة، التعليم، والبيئة.
ويتوقع البنك الدولي انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.1% في عام 2024، مقارنة بتوقعات نمو بلغت 0.9% في حال عدم وقوع العدوان، مما زاد من تفاقم الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ 2019، حيث فقد لبنان 40% من ناتجه المحلي الإجمالي خلال خمس سنوات.
يؤكد الخبراء أن تداعيات العدوان الأخير على #لبنان ستظل قائمة لسنوات، سواء من حيث التأثير المباشر على القطاعات الاقتصادية المختلفة، أو من جانب التغيرات الديموغرافية التي طالت السكان.
اقرأ التقرير: https://t.co/nqIUvGKlLv pic.twitter.com/9ZmSpgIMMP— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) February 18, 2025
ويخلص البنك الدولي في تقريرخ إلى ضرورة تنفيذ مجموعة من التوصيات الرئيسية في إطار سياق جهود إعادة الإعمار والتعافي، والتي حددها بالتالي:
- تعزيز دور القطاع الخاص في تمويل إعادة الإعمار، خاصة في الإسكان والتجارة.
- إجراء إصلاحات مصرفية واستثمارية لتحفيز تدفق رأس المال.
- إعادة تأهيل البنية التحتية الحيوية، مع التركيز على النقل والمياه والطاقة.
- تعزيز الشراكة مع المنظمات الدولية لتوفير دعم مالي وتقني.
وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن الخبراء أكدوا أن تداعيات العدوان الأخير على لبنان ستظل قائمة لسنوات، سواء من حيث التأثير المباشر على القطاعات الاقتصادية المختلفة، أو من جانب التغيرات الديموغرافية التي طالت السكانز وأشارت التقارير إلى أنه لا يزال 115,234 نازحًا داخليًا غير قادرين على العودة إلى بلداتهم.
وبحسب مرصد الصراع والبيئة، يُقدر الحطام الناتج عن تدمير المباني بـ350 مليون قدم مكعب، ومن المحتمل أن يحتوي على مواد ملوثة سامة. وتؤكد البيانات وقوع 195 حادثة استخدام للفسفور الأبيض المحرم دوليًا في جنوب لبنان، وهو من الأسلحة الحارقة التي تسببت بحرائق واسعة النطاق، لها عواقب دائمة على المناطق الزراعية والموائل الطبيعية، فضلًا عن تدمير آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية.