28-يوليو-2022
People line up in front of a bakery to buy bread in Lebanon's southern city of Sidon

تفاقمت أزمة الخبز في لبنان على نحو غير مسبوق (Getty)

تفاقمت أزمة الخبز في لبنان وبلغت حدًّا غير مسبوق، مع انخفاض كميات ربطات الخبز الموزّعة يوميًا من قبل الأفران، في ظلّ تقاذف الاتهامات والاتهامات المضادة بين الأطراف المعنية. أما النتيجة فهي عودة طوابير الخبز لتظهر من جديد أمام المخابز والأفران، في مشهدية تعيد إلى أذهان جيل من اللبنانيين طوابير الخبز إبان الحرب الأهلية.

لا خبز في لبنان للجميع قبل رفع الدعم

منذ أشهر طويلة، يعاني المواطنون اللبنانيون، إضافةً إلى النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، صعوبة في الحصول على العدد الكافي من أرغفة الخبز يوميًا لسد رمق عائلاتهم. لكن الأمور تفاقمت باتت أشد صعوبة في الأيام الأخيرة، مع توقف عدد كبير من الأفران عن إنتاج الخبز بسبب عدم حصولها على مادة الطحين، ولجوء بعض المحتكرين إلى بيع الخبز في السوق السوداء بأسعار مضاعفة، ما تسبب بزيادة الإشكالات أمام الأفران، والتي شهد بعضها تضاربًا بالعصي والسكاكين في أكثر من منطقة لبنانية.

LEBANON-WHEAT-LOANS-ECONOMY-CRISIS

يدرك اللبنانيون أن أزمة الخبز لن تنتهي إلا برفع الدعم الحكومي عن الحكم، ما سيرفع سعر ربطة الخبز إلى الضعف تقريبًا، وهي الطريقة نفسها التي انتهت بها أزمة المحروقات في الصيف الماضي، وقد وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام إلى الأمر، الذي وعد أيضًا بلحلة قريبة للأزمة مع وصول شحن إضافية من القمح نهاية الأسبوع إلى لبنان، من ضمن القرض طويل الأمد المقدم إلى لبنان من البنك الدولي، والبالغة قيمته 150 مليون دولار أميركي.

وزير الاقتصاد يحمل النازحين مسؤولية الأزمة!

وكان سلام أشار مطلع الشهر الحالي، إلى أن النازحين السوريين يساهمون في مفاقمة أزمة القمح في لبنان، حيث يستهلكون أكثر من 400 ألف ربطة خبز يوميًا بزعمه، وهو ما يكلّف الخزينة مبالغ كبيرة. وقد أحدث كلام سلام انقسامًا وجدلًا واسعًا، ففيما البعض موقفه الذي وصفه كثيرون بالشعبوي والعنصري، رأى آخرون أن وزير الاقتصاد ومن خلفه الحكومة اللبنانية تُحاول استخدام قضية النازحين للتعمية على فشلها في إدارة قضية الخبز، مشيرين إلى أن وجود النازحين في لبنان يُسهل على الدولة حصول القروض والمساعدات الدولية، والتي يستخدم جزء منها في دعم القمح.

LEBANON-WHEAT-LOANS-ECONOMY-CRISIS

وسم #الخبز يغزو مواقع التواصل في لبنان

أخبار رغيف الخبز المفقود واحتشاد المواطنين أمام الأفران أو ما أطلق عليه اللبنانيين مصطلح " طوابير الذل " تصدّرت اهتمامات ناشطي مواقع التواصل في لبنان، وانتشر بشكل واسع وسم #الخبز الذي استخدمه الناشطون للتعبير عن غضبهم من انقطاع الخبز، ونشروا الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر الطوابير والإشكالات التي تقع بسبب السباق للحصول على الخبز.

في أبرز التعليقات، نشرت الناشطة سحر الأطرش صورة تظهر حشودًا أمام أحد الأفران، وصورة أخرى تعود لمواطنين أمام فرن السندباد إبان الحرب الأهلية، وعلّقت بالقول : " أزمة الخبز في زمن الحرب والسلم ".

ونشر الممثل المسرحي زياد عيتاني صورة لافتة من أحد المحال التجارية كُتب عليها : " لا يوجد خبز ... الخبز عند زعيمك "

واعتبر عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللبناني صادق علوية أن " قمة الفجور هو الكلام عن رفع ثمن ربطة الخبز في حال رفع الدعم عنها لتصل إلى 40 ألف ، أسوأ ما كان يمكن أن يحصل ان تصبح ربطة الخبز بدولار واحد فقط اي 30 ألف بعد ان كانت 1500 ليرة ....ولكن ليس هناك من يراقب أو يقرر بضمير...".

وكتب الباحث الاقتصادي محمود الجباعي " من جديد يتم افتعال أزمات من أجل زيادة الأسعار وهذه المرة جاء دور الطحين والخبز أما الحقيقة فهي أنهم يريدون رفع سعر الربطة حتى يتخطى ٢٠ ألف ليرة بعد الاتفاق على ذلك بين المعنيين وكل ما ينقص فقط هو إخراج الفيلم الجديد من قبل السلطة الوقحة التي لا تكترث حتى للقمة الفقير "

وتوقّف الناشط بلال خالد عند مفارقة نزول اللبنانيين بالآلاف ليقفوا بطوابير الذل وشراء البنزين والمحروقات والأدوية والخبز، لكنهم لا ينزلون للتظاهر والمطالبة بحقوقهم.

في المقابل انتشرت بعض التغريدات العنصرية التي دعت إلى منع النازحين السوريين من الحصول على الخبز، وصلت حد المطالبة بالاعتداء عليهم وضربهم وانتزاع ربطات الخبز منهم، محملين إياهم مسؤولية الأزمة، في وقت اعتبر آخرون أن أصحاب هذا الخطاب يحاولون تجهيل الفاعل الحقيقي المسؤول عن الأزمة، أي الدولة اللبنانية،  ويتغاضون عن عمليات تهريب القمح والطحين عبر المعابر غير الشرعية إلى سوريا ولصالح النظام فيها، بدون أن تقوم الدولة اللبنانية بالإجراءات اللازمة لمنع هذا الأمر.

ارتفع سعر ربطة الخبز في لبنان بشكل تدريجي منذ صيف 2019 مع انفجار الأزمة المالية والمعيشية، ليصل اليوم إلى قيمة عشرة أضعاف ما كان عليه قبل الأزمة

وقد ارتفع سعر ربطة الخبز في لبنان بشكل تدريجي منذ صيف 2019 مع انفجار الأزمة المالية والمعيشية، ليصل اليوم إلى قيمة عشرة أضعاف ما كان عليه قبل الأزمة، بالرغم من أن الدولة لا تزال تدعم سعر ربطة الخبز وإن بشكل جزئي فيما تم رفع الدعم عن العديد من السلع الأخرى، نتيجة للشحّ في العملات الصعبة لدى مصرف لبنان، وبالمحصلة فإن اللبنانيين ينتظرون اليوم قرارًا موجعًا إضافيًا سيصيب قدرتهم الشرائية، وهو رفع الدعم نهائيًا عن الخبز وربط سعره بسعر دولار السوق السوداء ما يعني المزيد من الإفقار.