08-أغسطس-2021

احتجاجات عمت المدن الفرنسية (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

شهدت العاصمة الفرنسية باريس نهاية هذا الأسبوع جولة جديدة من الاحتجاجات رفضًا لقرارات الحكومة بفرض الشهادة الصحية وإلزامية التطعيم على مقدمي الرعاية، التي جاءت بأوامر من الرئيس إيمانويل ماكرون في إطار إجراءات مواجهة كورونا.

شهدت العاصمة الفرنسية باريس نهاية هذا الأسبوع جولة جديدة من الاحتجاجات رفضًا لقرارات الحكومة بفرض الشهادة الصحية وإلزامية التطعيم على مقدمي الرعاية

وللأسبوع الرابع على التوالي، تشهد أكثر من 150 منطقة فرنسية مظاهرات احتجاجية على قرار فرض الشهادة الصحية والتطعيم الإلزامي، وتجري هذه المسيرات غداة نداء أطلقه الرئيس إيمانويل ماكرون بضرورة أخذ اللقاح، بينما تلقى أكثر من 44 مليون شخص جرعة واحدة منه على الأقل، وقال عدد من المتظاهرين أنهم يرفضون أن يكونوا "فئران تجارب" للقاحات الجديدة بالرغم من أن عددًا منهم  تلقى اللقاح، لكن قسمًا كبيرًا من المتظاهرين يرون في فرض التصريح الصحي إجبارًا مستترًا على تلقي اللقاح وفرض "مجتمع رقابة".

اقرأ/ي أيضًا: من الإصلاحات الاقتصادية إلى رفض شهادة اللقاح.. الاحتجاجات الشعبية تعود للواجهة

وفي باريس، نظمت مظاهرة حاشدة بالرغم من الأحوال الجوية السيئة، بدعوى من جهات مختلفة من ضمنها "أصحاب السترات الصفراء" ومجموعات من "اليمين المتطرف" في 4 مواقع من العاصمة الفرنسية، احتجاجًا على قرار المحكمة الدستورية الذي سيدخل حيز التنفيذ غدًا الإثنين. وتعد مظاهرات باريس الأكبر من ناحية العدد مقارنة بالأسابيع الماضية، حيث تجمَّع آلاف الأشخاص بمنطقة "بونت دي نويي"  وساروا باتجاه شارع "فيكتوريا" وسط تدابير أمنية مشددة، وبعد محاولة المتظاهرين خرق الطوق الأمني، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والعصيّ في محاولة لتفريقهم.

أحد المتظاهرين قال في تصريح لوكالة "الأناضول" "إن عدد الذين نزلوا إلى الشوارع في باريس أكبر مما كان يتوقعه" وأضاف: "ألاحظ أن عددنا كبير للغاية، سيقولون كان هناك 15 ألف متظاهر، لكن أنتم انظروا وشاهدوا بأنفسكم، اليوم نزل أناس من مختلف الشرائح إلى الشوارع في فرنسا"، وأكد اعتقاده بنزول قرابة 300 ألف متظاهر إلى الشوارع في المدن الفرنسية التي شهدت المظاهرات الرافضة للقانون، واتهم الحكومة بالعمل على زرع الانقسام بين الناس.

أما المتظاهرة "خالدة" العاملة في مجال رعاية المرضى فقالت إنها شاركت في المظاهرة احتجاجًا على الشهادة الصحية والتطعيم الإجباري، واعتبرت أن تشريع إلزامية التطعيم والشهادة الصحية هو "قانون يقتل الحريات ويزعزع قيم الجمهورية". وبحسب التشريع  فإنه من  بداية من أيلول/ سبتمبر القادم سيكون التطعيم ضد كوفيد-19  إلزاميًا على العاملين بالمستشفيات الفرنسية والمراكز الصحية ودور العجزة، ومن يرفض سيتم طرده من عمله.

 وفي تقرير لقناة "تي آر تي" التركية حول إلزامية التلقيح والرفض الذي يلاقيه في الوسط الصحي، تقول جودي وهي ممرضة فرنسية "أريد أن أكون حرة، فضلت الاستقالة على القبول أن يفرض علينا التطعيم بالقوة"، مضيفة: "لا أريد أن يفرض علي الأمر بهذه الطريقة، وأن  أوضع في خانة الملقحين أو غير الملقحين، فلكل واحد منا الحق في أن يفعل ما يريد". وتواصل أنها عقب القرار الحكومي، حاولت التواصل مع إدارة المستشفى الذي تشتغل به للتوصل إلى فراق بالتراضي، لكن إدارة المشفى رفضت بدعوى أن الوضعية لا تسمح بفقدان عنصر إضافي من فريقها الذي يعاني أساسًا نقصًا في عدد العاملين، دافعين إياها أمام خيار وحيد هو الاستقالة، متنازلة عن كل حقوقها المهنية.

 ويضيف التقرير أن جودي لا تمثل حالة شاذة، ففي مشفى "لاريبوازيير"، أحد مستشفيات باريس الكبرى، أكد رئيس قسم الإنعاش أن "40% من فريق التمريض قرروا الاستقالة الشهر القادم"، موضحًا أن "هؤلاء الناس جرى استنزافهم، وهم يحسون الآن بأنهم لم يلقوا الاعتراف اللازم لما قدموه من تضحيات طوال فترة الوباء، حيث لم تتحسن وضعيتهم المادية ولم يعرف راتبهم الشهري زيادة لما يفوق 5 سنوات، وليست هناك أدنى إرادة من الحكومة  لتحسين وضعيتهم".

 في حين يذهب الأمين العام لفدرالية نقابات قطاع الصحة الفرنسي إلى أن القرارات الحكومية الجديدة هي من أججت الوضع وقال: "بالأمس كانوا يجبروننا على العمل ولو كنا مصابين بكوفيد-19 دون أن تظهر علينا أعراض، واليوم يرغموننا على التلقيح لأنهم خائفون من العدوى، إنها حقًا مهزلة". ليضيف "من قبل كانوا يطلبون منا العمل حتى دون قفازات وكمامات واقية، بدعوى أنه لا يوجد منها ما يكفي بالمخازن، بالمقابل ومنذ بداية الوباء، وحدها جهود القطاع الصحي والعاملين فيه هي من أنجحت المرحلة دون أي مساعدة من المسؤولين".

هذا وأعلنت فيدرالية نقابة القطاع الصحي بالإضافة إلى نقابات عمالية أخرى في فرنسا، عن إضراب عام بداية من يوم غد الإثنين 9 آب/ أغسطس الجاري رفضًا لإلزامية فرض الشهادة الصحية والتطعيم الإلزامي، وبحسب تلك الجهات الداعية للإضراب، فإن "النقابات الصحية الفرنسية خاضت ومنذ  2018 احتجاجات عديدة منددة بظروف العمل المزرية، ومطالبة بضرورة تحسين أوضاع القطاع الصحي، في وقت كان الرد على مطالبها بالقمع البوليسي بالاعتداء على أعضائها بالهراوات في الشوارع ورشقهم بقنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، لا لشيء إلا لأنهم أرادوا إنقاد الصحة العمومية الفرنسية من تعنت رئيس الجمهورية".

كانت  المحكمة الدستورية قد صادقت، الخميس، على فرض الشهادة الصحية وإلزامية التطعيم، بدءًا من مساء غد الاثنين

وكانت  المحكمة الدستورية قد صادقت، الخميس، على فرض الشهادة الصحية وإلزامية التطعيم، وبدءًا من مساء غد الاثنين، سيُسمح فقط لحاملي الشهادة الصحية أي الأشخاص الملقّحين بالكامل أو الذين يحملون فحصًا لكوفيد-19 نتيجته سلبية أو شهادة التعافي من المرض، بدخول المقاهي والمطاعم وزيارة المتاحف والمسارح ودور السينما وصالات العروض والمعارض المهنية والمهرجانات والحدائق العامة ومدن الترفيه أو ركوب الطائرة والقطار والحافلات لمسافة طويلة.