1. سياسة
  2. سياق متصل

احتجاجات قابس تتصاعد.. المحتجون متمسكون بمطالبهم والحكومة تواصل الإنكار

16 أكتوبر 2025
قابس
أوقفوا التلوث في قابس (Getty)
الترا صوت الترا صوت

شهدت مدينة قابس، جنوب تونس، مساء الأربعاء، مسيرة حاشدة شارك فيها آلاف المواطنين، احتجاجًا على تواصل الانبعاثات الملوِّثة للبيئة والمضرّة بصحة السكان، الناتجة عن المجمع الكيميائي الواقع قرب شاطئ شطّ السلام، حيث يُعالج المجمع الفوسفات، أحد أهم الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها تونس في جلب العملة الأجنبية.

وجاءت المسيرة، التي انطلقت من ساحة الشهداء نحو منطقة شطّ السلام، استجابةً لدعوة أطلقتها حملة "أوقفوا التلوث".
وقد وجد حراك قابس صداه في العاصمة تونس، التي شهدت بدورها وقفة مساندة أمام المسرح البلدي، دعمًا لحقّ سكان قابس في بيئة نظيفة.

كما أعلنت أحزاب تونسية، من بينها جبهة الخلاص وحزب العمال، تأييدها لمطالب سكان قابس.

ومن المقرر تنفيذ "يوم غضب جهوي" بولاية قابس، اليوم الخميس، بدعوة من الاتحاد الجهوي للشغل وفرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، وقد بدأ المواطنون منذ الساعات الأولى من صباح اليوم في التجمّع أمام المجمع الكيميائي، وسط محاولات من قوات الأمن لقطع الطرق المؤدية إليه.

تعاني قابس من تهميش تنموي واقتصادي فما تعانيه ليس مجرد أزمة بيئية بل أزمة تنموية على كافة الأصعدة

يُشار إلى أن قابس تمثّل نقطة تلاقي بين العدالة البيئية والعدالة الاجتماعية، إذ تعاني أيضًا من تهميش اقتصادي وتنموي مزمن. فما تعيشه الجهة، وفق بيان صادر عن مجموعة من الجمعيات والمنظمات المحلية، "ليس مجرد أزمة بيئية، بل هو وجه صارخ للّامساواة واللامواطنة، حيث تُقدَّم مصالح اقتصادية ضيّقة على حساب الحق في الحياة والكرامة والعدالة البيئية".

وندد بيان حملة "أوقفوا التلوث" بالمقاربة الأمنية التي تنتهجها الحكومة في التعامل مع الحراك الاحتجاجي، في إشارة إلى ما تعرّضت له مسيرة الأربعاء من مضايقات وعنف من قِبل قوات الأمن، بهدف تفريقها، رغم طابعها السلمي والتزام المحتجين بضبط النفس وتغليب المصلحة الجماعية، وفق ما أكده المنظمون. وجاء في البيان أن "الغازات المسيلة للدموع انهالت لتزيدهم فوق الاختناق حرقة وصعوبة استنشاق، كردٍّ على ممارستهم حقهم المكفول بالدستور".

وأطلقت الحملة على المظاهرة الحاشدة اسم "مسيرة إجلاء الوحدات الملوِّثة"، في إشارة إلى المطلب الرئيسي لسكان قابس بتفكيك وحدات التلوث التابعة للمجمّع الكيميائي.

واعتبرت حملة "أوقفوا التلوث" أن الحشد الهائل الذي لبّى نداءها دليلٌ على نجاح المسيرة، مشيرةً إلى أن نحو 40 ألف شخص شاركوا في تظاهرة مساء الأربعاء، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ احتجاجات سكان قابس على "الإرهاب البيئي والصحي المنبعث من المجمّع الكيميائي منذ تركيزه قبل 53 عامًا".

أبرز المطالب

يمكن تلخيص مطالب الحراك الاحتجاجي في قابس بعبارات وجيزة: "صحة كاملة دون مساومة، وهواء نقي لا تكدره السموم، وعيش طبيعي دون رهبة الاختناق وشبح الشلل، وحق الأبناء والبنات في علاج لائق وردّ اعتبار لا للأهالي المتضررين من انبعاثات المجمع الكيميائي فحسب، بل لجهة كاملة منكوبة ترزح تحت إجرام بيئي ممنهج منذ 53 سنة".

وجاءت الهتافات والشعارات التي رفعها المحتجون في مسيرتهم معبّرة بوضوح عن تلك المطالب، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: "الشعب يريد تفكيك الوحدات"، و"قابس يا مظلومة من المجمع والحكومة"، و"قابس حرة والتلوث على برّه"، و"وزير بلا قرار يمشي يشدّ الدار"، في إشارة إلى مطالبتهم بإقالة وزيرة الصناعة، كما دعا إلى ذلك حراك "أوقفوا التلوث" في بيان سابق له.

وأعلنت حملة "أوقفوا التلوث" التي دعت إلى المظاهرات عن: 

  • تنديدها بالتجاهل و التعنت المستمر من السلطة القائمة التي تتواجد في وضعية الإنكار المطلق للأزمة الصحية و البيئية اللاحقة بالولاية والتي صيرتها ولاية منكوبة مناخيًا واقتصاديا واجتماعيًا.
     
  • مقاطعة أعمال اللجنة الموفدة إلى المجمع الكيميائي بغرض القيام بالإصلاحات الفنية اللازمة و محاولة إعادة تهيئة المجمع الكيميائي المهترئ إذ نعتبر ذلك ضربا من ضروب التسويف و الترقيع و هي سياسات هاوية لا تواجه الأزمة بل تحاول التعتيم عليها.

كما أعلنت الحملة عن تمسكها المستمر والمتجدد بجملة المطالب الواقع رفعها في مسيرة مساء يوم الأربعاء وسابقاتها وهي: 

  • تفكيك وحدات المجمع الكيميائي المتهالك والمهترئ تطبيقًا لقرار 29 حزيران/يونيو 2017 والوقف الفوري لنشاط الوحدات المسؤولة عن التسربات الأخيرة وحالات الاختناق الجماعي.
     
  • التراجع عن قرارات 5 آذار/مارس 2025 القاضي بمضاعفة الإنتاج وتركيز صناعات الهيدروجين وإنشاء وحدة جديدة للأمونيا الخضراء وإخراج مادة "الفوسفوجيبس" من قائمة المواد المسرطنة الخطرة.
     
  • محاسبة كل من ثبت تورطه و تعمده تعريض صحة مئات الآلاف من أرواح أهالي قابس للخطر والمرض والمعاناة ، وجراء التقاعس عن أداء المهام أو خدمة للأرباح الملوثة على حساب الأرواح والمتضاربة مع المصلحة الفضلى لسكان المنطقة.

ودعت الحملة: "عموم المواطنات والمواطنين و كل القوى الحية وطنيًا وجهويا ، لمواصلة النضال والتحركات المدنية والمؤطرة إلى حين تحقيق حلم أجيال عانت من الظلم والجرائم الكيميائية". 

وذَكر الناشط في حملة "أوقفوا التلوث" خير الدين دبية أن التحركات تشمل المتساكنين والفلاحين والبحارة المتضررين أيضًا، وكذلك عمال المجمع الكيميائي، الذين يساندون مطالب المتساكنين في حقهم في بيئة سليمة. 

وتضامنت العاصمة تونس مع قابس بتنظيم وقفة أمام المسرح البلدي رُفعت فيها شعارات مساندة من قبيل: "الشعب يريد تفكيك الوحدات"، و"تفكيك الوحدات واجب"، و"فكك الوحدات، قابس تستحق الحياة"، و"من أجل قابس جنة الدنيا، أوقفوا التلوث". 

وتشهد قابس منذ أيام احتقانًا شعبيا إثر تجدّد حالات الاختناق والإصابات الناتجة عن تلوّث المحيط وتسمّم الهواء بفعل الانبعاثات والنفايات الصادرة عن نشاط المجمّع الكيميائي التونسي، وأثارت هذه المخاطر الصحية غضبًا لدى المتساكنين الذين يتمسكون بتنفيذ القرار الوزاري لسنة 2017 المتعلق بتفكيك الوحدات الملوثة للمجمع. 

الاحتجاج في مدينة قابس يسلّط الضوء على "الضغوط المتنامية على حكومة الرئيس قيس سعيّد، المثقلة أصلًا بأزمة اقتصادية ومالية خانقة

يوم غضب جهوي 

من المقرر أن يشهد، اليوم الخميس، "يوم غضب جهوي، دعا إليه الاتحاد الجهوي للشغل بقابس وفرع قابس للرابطة التونسية لحقوق الإنسان. 
ومن المتوقع أن تعرف قابس مسيرات ووقفات احتجاجية أخرى للضغط على السلطات حتى تستجيب لمطالب القوابسية في عدالة بيئية واجتماعية.

وتطالب الفعاليات المشاركة في يوم الغضب الجهوي "إدارة المجمع الكيميائي التونسي والسلطة الجهوية والمركزية بالإيقاف الفوري لنشاط الوحدات الصناعية الملوثة".

وقد تجمع عشرات الأشخاص، مع ساعات الصباح الأولى، أما المجمع الكيميائي التونسي، وذلك قبل التوجه في مسيرة نحو وسط المدينة.

ونقل موقع "الترا تونس" عن رئيس فرع رابطة حقوق الإنسان في قابس أحمد شلبي، قوله إنه "تم قطع الطرقات على الراغبين في الالتحاق بمقر المجمع الكيميائي في قابس، بفعل التمركز المكثف للوحدات الأمنية في الجهة"، ولفت إلى أن "يوم الغضب موجه أساسًا إلى عمال المجمع الكيميائي الذين بدؤوا بالتوافد حاليًا أمام المجمع، للتعبير عن مساندتهم لتحركات المتساكنين المتضررين من الانبعاثات الغازية الملوثة للمجمع وللمطالبة بإيقاف نشاط الوحدات الملوثة التي تسبب أضرارًا لهم كعمال أيضًا".

الموقف الحكومي

وذكرت وكالة "رويترز" أنّ الاحتجاج في مدينة قابس يسلّط الضوء على "الضغوط المتنامية على حكومة الرئيس قيس سعيّد، المثقلة أصلًا بأزمة اقتصادية ومالية خانقة"، مشيرةً إلى أنّ هذا الاحتجاج يضع حكومة سعيّد "في موقف صعب بين تلبية مطالب الصحة العامة والحفاظ على قطاع الفوسفات، أحد أهم صادرات تونس ومصدرها الحيوي للعملة الأجنبية".

وحاول الرئيس التونسي، قيس سعيّد، احتواء الأوضاع في البداية، لكن مساعيه لم تكلل بالنجاح بعد، حيث استدعى في وقت متأخر من مساء السبت الماضي، كلًّا من وزير البئية والطاقة، وطلب منها "إرسال وفود إلى قابس لإجراء الإصلاحات اللازمة في وحدة الحامض الفسفوري بالمجمع". 

كلمات مفتاحية
حرب السودان

حرب السودان.. احتمالات التصعيد تطغى على فرص الهدنة

يتراجع الحديث داخل الأوساط السودانية عن الهدنة لصالح التوجّه نحو التصعيد العسكري

دمار في غزة

شهر على الهدنة في غزة: خروقات إسرائيلية وأزمة إنسانية متواصلة

رغم مرور شهر على إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، لا تزال الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة جد متردية

نيكولاس ساركوزي

القضاء الفرنسي يُفرج عن نيكولاس ساركوزي

أصدرت محكمة الاستئناف في باريس، اليوم الاثنين، قرارًا بالإفراج عن الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، بعد 20 يومًا قضاها في سجن لاسانتيه

كوليج دو فرانس
قول

"كوليج دو فرانس" إذ ينقلب على نفسه

أن يلغي "كوليج دو فرانس"، مؤتمرًا عن فلسطين مع المركز العربي للأبحاث تحت ضغط لوبيات يمينية وإسرائيلية، فهذا خبر يستحق التوقف

سجن صيدنايا (شبكة تواصل اجتماعي)
مناقشات

من داخل سجن صيدنايا.. رحلة افتراضيّة في تاريخ القمع السوري

متحف وجولة افتراضية داخل سجن صيدنايا

الشاعر اليوناني يانيس ريتسوس - Museum of Cycladic Art
أدب

35 عامًا على رحيله.. يانيس ريتسوس شاعر التفاصيل اليومية والنَفس الملحمي

الشاعر اليوناني يانيس ريتسوس

حرب السودان
سياق متصل

حرب السودان.. احتمالات التصعيد تطغى على فرص الهدنة

يتراجع الحديث داخل الأوساط السودانية عن الهدنة لصالح التوجّه نحو التصعيد العسكري