06-أبريل-2019

تجدد احتجاجات المكفوفين المطالبين بالتوظيف الحكومي في المغرب (أ.ف.ب)

في الساعات الأول من صباح الثلاثاء الماضي، أقدم رئيس المنطقة الأمنية بساحة "جامع لفنا" بمدينة مراكش في المغرب، على استعمال مكبر الصوت لتوجيه نداء لعشرات من المكفوفين من حاملي الشهادات العليا، لفض اعتصام يقومون به أمام ولاية أمن المدينة منذ أسابيع، يوجهون من خلاله رسالة للمسؤولين ويطالبون بالتوظيف والإدماج في المجتمع.

تتجدد معركة المكفوفين من حاملي الشهادات العليا العاطلين عن العمل في المغرب، وذلك باعتصام جديد وتدخل أمني عنيف آخر لفضه

محاولات رئيس المنطقة باءت كلها بالفشل، فاضطر والي أمن المدينة إلى التدخل؛ حمل نفس مكبر الصوت وطالب بفض الاعتصام، الأمر الذي رُفض من طرف المحتجين مرة أخرى، فأعطيت أوامر للسلطات باستعمال القوة لتفريق المعتصمين، ما نتج عنه إصابة 15 شخصًا منهم من تعرضوا لكسور في مناطق متفرقة من جسدهم.

اقرأ/ي أيضًا: عنف دموي ضد اعتصام الأساتذة المتعاقدين في المغرب.. والإضراب مستمر

القصة أعلاه مقتطف لمعركة شذ وجذب بين الحكومة المغربية والمكفوفيين العاطلين، وهي المواجهة التي بدأت قبل سنوات، فاعتصامات المكفوفيين في جميع المدن المغربية لا تتوقف، وخصوصًا أمام البرلمان في العاصمة الرباط، فهناك المشهد بات مألوفًا.

معركة الظلام

في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قررت التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين من حاملي الشهادات العليا، تنظيم اعتصام أمام وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية. تحول الاعتصام إلى احتجاج فوق سطح بناية الوزارة وتسبب في فاجعة سقوط أحد المحتجين من السطح عندما كان يتحدث في الهاتف ويقف على الحافة.

المكفوفين في المغرب
كثيرًا ما تستخدم قوات الأمن المغربية العنف لفض اعتصامات المكفوفين

فجرت الفاجعة غضبًا كبيرًا وسط صفوف المكفوفين الذين قرروا التصعيد وإاتحاف الأرض منذ ذلك الحين، رغم التدخلات الأمنية لإنهاء الاعتصامات المتكررة، والتي تستعمل فيها الشرطة في أغلب الأحيان العنف.

الحسين أدلال، وهو الكاتب الوطني للتنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين، قال لـ"الترا صوت"، إن التدخل من قبل قوات الأمن في مدينة مراكش "كان همجيًا، مثله مثل باقي التدخلات التي تشهدها جميع اعتصامات المكفوفين في باقي المدن المغربية، وذلك بسبب الإقصاء من الحق في الوظيفة العمومية، على الرغم من توفر هذه الفئة على الكفاءة، والشهادات المؤهلة للإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية".

وأكد أدلال أن الغرض من الاعتصامات "ليس زرع الفوضى" كما تتهمهم السلطات، وإنما لـ"المطالبة بحقوقنا في شتى المجالات الاجتماعية والاقتصادية، خصوصًا التعليم والصحة، والتوظيف، باعتبارها حقوقًا ضامنة للعيش بكرامة، وإنسانية"، كما قال.

وأكد العضو القيادي في التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين، أن "جميع مؤسسات الدولة، وكل القوى السياسية الحزبية والنقابية والحقوقية، هي مساهمة بدورها الدستوري والمجتمعي لرفع الحيف، والظلم عن هذه الفئة".

تحرك غير كاف وحوار مفتوح

بعد أيام قليلة بعد سقوط محتج مكفوف من سطح بناية الوزارة، عقدت الفرق البرلمانية اجتماعات مكثفة لتدارك الوضع، حتى قدم حزب العدالة والتنمية مقترح تعديل قانون المالية لسنة 2019، والذي تم التصويت عليه بالإجماع. ويقتضي هذا التعديل تفعيل نسبة 7% من الوظيفة العمومية لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة. 

من جهتها دأبت وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، على إصدار بيانات تؤكد من خلالها على "حرصها منذ أول يوم على فتح كافة قنوات الحوار الممكنة مع المعتصميين، سواء بالتواصل المباشر مع ممثلي المعنيين أو بالمحادثات الهاتفية، قبل أن تباشر السلطات المحلية حوارها مع المعتصمين، نظرًا لخصوصية الوضع أمنيا، حيث تم عقد سلسلة من الاجتماعات الحوارية لم تفض إلى أي نتيجة جراء استمرار تشبتهم بمطلب التوظيف المباشر والاستثنائي".

المكفوفين في المغرب
يؤكد المكفوفون العاطلين عن العمل في المغرب، على استمرار احتجاجاتهم حتى تحقيق مطالبهم

أما في ما يخص الاتهام بتجاهل السلامة الجسدية للمعتصمين، كانت الوزارة التي تقودها بسيمة الحقاوي عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، قد أشارت إلى أنها "طالبت مرارًا بالجلوس إلى طاولة الحوار"، وأنها شددت على ضرورة نزولهم عن السطح خوفًا على سلامتهم، "خاصة أنهم قد أغلقوا الأبواب من الداخل، ما عقد من مهمة السلطات المعنية".

لا توظيف مباشر

ودائمًا ما تنتهي قنوات الحوار بين المكفوفين والوزارة المعنية بـ"لا حل"، ففي الوقت الذي يطالب فيه المعتصمين بالإدماج في الوظيفة العمومية، تؤكد الوزارة المعنية أنه لا توظيف مباشر بدون مباريات تحت إشراف اللجنة الوطنية الدائمة لدى رئاسة الحكومة، المكلفة بتتبع سير المباريات الخاصة.

في المقابل قالت الوزارة إنها ملتزمة بـ"تطوير خدمات صندوق دعم التماسك الاجتماعي المتعلقة بحقوق الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأيضًا بما ييسر الاستفادة من تمويل الأنشطة المدرة لدخل قد يصل إلى 60 ألف درهم، مع توسيع وعاء المستفيدين ومجالات المشاريع المقدمة، وكذا تطوير آليات العمل".

يؤكد المكفوفون العاطلون عن العمل في المغرب على استمرار احتجاجاتهم واعتصاماتهم إلى حين إدماجهم المباشر في الوظيفة العمومية

لكن كل تحركات الوزارة لم تصل لطموحات المكفوفين العاطلين، الذين لا زالت احتجاجاتهم مستمرة. وكما قال الكاتب الوطني للتنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين، لـ"الترا صوت"، إن "المكفوفين مستمرين في احتجاجهم إلى حين الاستجابة لجميع مطالبهم منها التوظيف المباشر والاستفادة من خدمات الدولة الاجتماعية لضمان دخل قار".

 

اقرأ/ي أيضًا:

أشهر محاولات انتحار في المغرب.. الظلم والبطالة هما العنوان

البطالة في المغرب.. توقعات متشائمة ومخاوف متزايدة