06-أغسطس-2018

قد تتصعد الأمور في مدينة السماوة إلى إعلان العصيان المدني (تويتر)

تشهد محافظات الوسط والجنوب في العراق منذ مطلع تموز/ يوليو الماضي، احتجاجات غاضبة، اختلفت من محافظة لأخرى، نظرًا للأوضاع المحلية ومستوى الخدمات والحالة الاقتصادية وطبيعة المجتمعات فيها. لكن هذه التظاهرات تطورت إلى اعتصامات مستمرة في محافظتين، هما البصرة والسماوة.

لم يكتف المحتجون في مدينة السماوة  بالتظاهر بعد أن واجهتهم الحكومة بالإهمال، فأعلنوا الاعتصام 

لم تكن السماوة في حساب أقطاب نظام المحاصصة في بغداد، رغم إرثها في الاحتجاج السلمي والمسلح. فقد انطلقت ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني على العراق، من هذه المدينة التي تقع على ضفاف نهر الفرات، وفي مركز محافظة المثنى.

بدأت السماوة مع مدن عراقية أخرى في الجنوب والوسط، في تظاهرات تطالب بتحسين الخدمات ومحاسبة الفاسدين وتوفير فرص العمل، لكن القوات الأمنية واجهتها بمزيد من القمع والرصاص الحي، أفرز عن قتل محتجَّين اثنين ووقوع إصابات بين صفوف المتظاهرين. لكن هذا القمع لم ينه الاحتجاجات في المحافظة، إذ رد المتظاهرون بالتصعيد، واقتحموا مبنى المحافظة وحطموا محتوياته، ثم أحرقوا مقر شركة المدرار المتعاقدة مع وزارة الكهرباء. ثم ذهبوا نحو مكاتب أحزاب الفضيلة والدعوة ومنظمة بدر فأحرقوها، إلى أن وصلوا إلى مقر تلفزيون السماوة، التابع لمنظمة بدر هو الآخر، فأحرقوه أيضًا.

اقرأ/ي أيضًا: الديوانية تخرج عن صمتها.. فقراء العراق في قلب الحركة الاحتجاجية

ولم يكتف المحتجون بالتظاهر بعد أن واجهتهم الحكومة بالإهمال، فأعلنوا الاعتصام الذي يدخل الإثنين يومه التاسع، وهو ما حاولت الحكومة استغلال أجواء تموز/ يوليو، وآب/ أغسطس الحارة من أجل القضاء عليه، إذ يشهد العراق في هذين الشهرين درجات حرارة تصل إلى 50 درجة. 

منعت القوات الأمنية المعتصمين من إدخال خيم يستظلون بها من حرارة الشمس اللاهبة، فلم يتأثر المحتجون بهذه الخطوة، إذ ناموا على الرصيف وإسفلت الشوارع الحار. بينما كان المشهد الذي اعتبره العراقيون صورة رمزية عن الدور الوطني الذي تلعبه الاحتجاجات ضد المحاصصة والنظام التوافقي، عندما رفع المتظاهرون مع ارتفاع حرارة الأجواء بشكل كبير، العلم العراقي فوق رؤوسهم، ليظللهم من أشعة الشمس الحارقة، جاعلين منه خيمة للاعتصام في مدن تعاني من شح المياه والكهرباء.

ولم تمنع السلطات العراقية الخيم فقط عن المعتصمين، ولكنها منعت أيضًا الغذاء ومياه الشرب، فيما لا يحق الدخول إلى محيط الاعتصام المحاط بالقوات الأمنية، بالرغم من أنهم حتى الآن مستمرون في الاحتجاج السلمي.

بعد أن يأس المعتصمون في السماوة من تحقيق مطالبهم بدأوا بالتهديد بإعلان العصيان المدني في المحافظة

وتستمر القوات الأمنية بشتى أجهزتها في تخويف المعتصمين، حيث يتم تصويرهم وبث إشعاعات تقول إن "من يتم تصويره سيعتقل"، فيما لا يزال الاعتصام مستمرًا رغم ذلك. وما زال المعتصمون عند مطالبهم الثابتة، التي منها إقالة قائد الشرطة ورئيس لجنة العشائر ومحاسبة من اعتدى على المتظاهرين، فضلاً عن محاسبة الفاسدين بشتى مناصبهم وأماكنهم في الدولة، بالإضافة إلى توفير الوظائف وتحسين الواقع الخدمي في المحافظة.

دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء

رفع الناشط خزعل خشان في السماوة، وهو من ضمن النائمين على الرصيف في الاعتصام، دعوى قضائية على أربعة مسؤولين، بينهم رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقائد شرطة المحافظة والمحافظ، وقائد عمليات الرافدين، لأنهم منعوا المعتصمين من إدخال الخيم أثناء ممارسة حقهم الدستوري في التظاهر والاعتصام.

اقرأ/ي أيضًا: "جمعة الحقوق" في العراق.. صرخة لتفكيك المحاصصة

وبحسب الوثيقة التي رفعت فيها الدعوى، قال خزعل خشان إن "منع الخيم خرق للدستور والقانون وقد عرّض المعتصمين لخطر الإصابة بضربة الشمس وأمراض أخرى"، مضيفًا: "تسبب ذلك بخطر على صحتي إضافة إلى الأضرار المعنوية"، مطالبًا بـ"اتخاذ كافة الإجراءات القانونية" بحق الذين رفعت عليهم الدعوى.

عصيان مدني

وبعد أن يأس المعتصمون في السماوة من تحقيق مطالبهم بدأوا بالتهديد بإعلان العصيان المدني في المحافظة. وقال أحد المعتصمين لـ"ألترا صوت"، إننا "جربنا التظاهر والاعتصام ولم تتحقق مطالبنا"، مضيفًا أنه "لم يبق أمامنا إلا العصيان المدني"، مشيرًا إلى أن "الحكومة تواجهنا بعدم الاهتمام، وهي منشغلة بالفساد" على حد تعبيره.

وقد تسير الأمور في المحافظة نحو التصعيد وإعلان العصيان المدني، في حال استمرت الحكومة ورئيسها حيدر العبادي، في نفس التعامل بنفس الطريقة مع المحتجين منذ بداية التظاهر. حيث لم تدرك السلطات حتى الآن، كما يرى مراقبون، أن الاهمال قد يؤدي إلى التصعيد، وفعل ما لم يتوقعه أحد، فتجاهل الاحتجاج يجعل كل الاحتمالات مفتوحة أمام المتظاهرين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

احتجاجات الكهرباء في كربلاء.. أيادٍ حزبية وراء الفوضى وتشويش الحراك

حلف المليشيات وسلطة المحاصصة.. جدار الحرس القديم ضد الشارع العراقي