09-مايو-2017

احتجاجات في الحسيمة بالقرع على الأواني (أ.ف.ب)

مازالت تتواصل حركة الاحتجاجات بمنطقة الريف بالمغرب، آخرها كان احتجاجًا بقرع الآواني، وذلك قبل أيام قليلة، تحديدًا في مدينة الحسيمة شمال شرق المغرب. من جانبها تُؤكد السلطات أنها فتحت حوارًا مع الساكنة، وأن إيقاع المدينة مستقر، متوعدةً قادة الاحتجاجات بالمحاسبة القضائية بتهمة "نشر أخبار كاذبة". 

ولم يتأخر رد الحراك في شخص ناصر الزفزافي، الذي أصبح متزعمًا للحراك في الحسيمة، بأن السلطات تناقض نفسها، وأن الجماهير لا تثق في السلطات لأنها "سبق أن وعدت لكنها لم تف"، حسبما قال.

مطالب اجتماعية

في كل مسيرة احتجاجية بمدينة الحسيمة، تجد ناصر الزفزافي، شاب في آوخر الثلاثينات من عمره، يترأس الاحتجاجات بخطبه الحماسية، ويؤكد لوسائل الإعلام أنهم ليسوا انفصاليين، وأن مطالبهم اجتماعية محضة. ومن بين تلك المطالب رفع ما أسموه الحصار الاقتصادي المفروض على المنطقة، وكذا رفع "العسكرة" عنها أيضًا، وتحسين وضعية التعليم، فالحسيمة لا تتوافر فيها جامعات مختصة. كما طالبوا بالاهتمام بالرعاية الصحية.

يُؤكد المحتجون في منطقة الريف بالمغرب، على أن مطالبهم اجتماعية بالدرجة الأولى

من بين المطالب ما يخص المجال الثقافي، حيث الدعوة إلى إتمام أشغال متحف الريف، وفتح تحقيق نزيه فيما يخص الخروقات التي طالته، فضلًا عن ترميم كل المآثر التاريخية للمنطقة، وبناء مكتبة إقليمية تتوفر على مراجع تهم بالدرجة الأولى كل الأبحاث والدراسات التي تهتم بالريف، وكل ما يتعلق بالبحث العلمي.

ويطالب السكان بالحفاظ على الثروة المائية للإقليم، مع تحسين تدبير استغلالها لصالحهم، وتحسين جودة الماء الصالح للشرب، والحفاظ على شواطئ الإقليم وعدم السماح بالتسيب والفوضى في تدبيرها.

اقرأ/ي أيضًا: جدل مغربي حول التعامل الأمني مع احتجاجات "الحسيمة"

ويعتبر الصيد البحري، محورًا في حياة سكان الحسيمة، إلا أنهم يؤكدون على أنه يعاني من اختلالات خطيرة تستوجب تدخل السلطات، وفتح تحقيق شفاف في الموضوع، ومعاقبة كل اللوبيات المتورطة في جميع الاختلالات التي يعرفها هذا القطاع.

هذه فقط بعض مطالب الحراك الشعبي في الحسيمة، والتي رددوها في مسيرة احتجاجية يوم السبت الماضي، حيث خرج الآلاف في منطقة الحسيمة في تجمع للضرب على الأواني، في شكل جديد من أشكال الاحتجاج.

وبدأ المتظاهرون يجوبون شوارع وسط المدينة مصدرين ضجيجًا عالية بالضرب على الأواني وغيرها من أدوات المطبخ أمام المقاهي والمحلات، قبل القيام بمسيرة داخل المدينة، ثم التجمع في إحدى ساحاتها، منددين بـ"الدولة الفاسدة"، ومرددين شعارات مثل "لا للعسكرة"، و"كلنا ناصر"، في إشارة إلى قائد احتجاجات الحسيمة ناصر الزفزافي.

السلطات تتوعد

قبل مسيرة يوم السبت الماضي، كان قد حل وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت إلى مدينة الحسيمة، مباشرة بعد تعيينه وزيرًا، بتاريخ 10 نيسان/أبريل الماضي، حيث عقد اجتماعًا مع أعضاء الهيئات المنتخبة وممثلي المصالح الخارجية والمجتمع المدني بالمنطقة.

وأوضح بلاغ صادر عن وزارة الداخلية أنه "تنفيذًا للتعليمات الملكية الصارمة من أجل تنفيذٍ أمثل للمشاريع المدرجة ضمن مخطط  'الحسيمة منارة المتوسط'، المرتبط بالعديد من القطاعات الحيوية، وفق رؤية شمولية متعددة الأبعاد؛ فإن مختلف المتدخلين يقومون بمجهودات كبيرة من أجل الالتزام بالآجال المحددة للإنجاز، حيث تم إعطاء انطلاقة الأشغال في عدد من المشاريع الهامة". ومن المقرر أن يُشرع في التنفيذ في باقي المشاريع، منتصف هذه السنة أو نهايتها على أبعد تقدير، فور الانتهاء من بعض التدابير الأولية المرتبطة بكل مشروع على حدة.

وأضاف البلاغ أن الدولة "عازمة كل العزم على مواصلة مقاربتها التنموية في منطقة الحسيمة بتسخير كل إمكانياتها المادية واللوجستيكية والبشرية، لتنفيذ جميع تلك المشاريع في الآجال المعلن عنها، وتدارك التأخير المسجل في بعض المشاريع لسبب أو لآخر".

يزعم والي إقليم الحسيمة أن المدينة هادئة وأن أعداد المتظاهرين قليلة جدًا

من جهة أخرى، أكد محمد يعقوبي، والي إقليم الحسيمة، في تصريح له لوكالة الأنباء الفرنسية، على أن الحسيمة "مدينة عادية وتعمل بشكل عادي ومؤسساتها تعمل، هناك ببساطة بين فترة واخرى تظاهرات، لكن أقل عددًا مما هي في باقي الجهات"، على حد تعبيره. لكنه في المقابل توعد بالمحاسبة القضائية لقادة الحراك، بتهمة "نشر أخبار زائفة"، مُضيفًا: "كل شيء افتراضي. وعند رؤية حسابات فيسبوك لهؤلاء الناس، قد نعتقد أن المدينة تشتعل، في حين لا شيء يحدث في الواقع".

لكن رد ناصر الزفزافي لم يتاخر كثيرًا على الوالي، ففي مقطع فيديو بثه على صفحته الرسمية بفيسبوك، قال: "اليعقوبي متناقض في كلامه، إذ يعتبر أن الحسيمة مستقرة، إذا كان الحال هكذا، لماذا يتواجد الجيش والدرك الحربي في الحسيمة، والمظليين الذين من المفترض أن يتواجدوا في الكركرات وليس في إقليم الحسيمة"، قبل أن يتابع بالقول: "الوالي اليعقوبي أهان المواطنين ونحن نعتبره مجرد (بيدق)"، على حد تعبيره.

ناصر زفزافي قائد احتجاجات الحسيمة (أ.ف.ب)
ناصر زفزافي قائد احتجاجات الحسيمة (أ.ف.ب)

واتهم ناصر الزفزافي في كلمته، الوالي اليعقوبي بانتهاج ما أسماها "سياسة خبيثة"، مُضيفًا: 'الوالي لا يؤمن بشعار المؤسسات، وحاصرنا في الإعلام الرسمي، لكننا واجهناه بالإعلام البديل، وهو الآن لجأ إلى الإعلام الدولي، لأنه يعلم أن الإعلام الرسمي لم تعد تثق فيه الجماهير الشعبية والمنظمات الدولية".

"بائع السمك المطحون"

ويذكر أن الحراك الشعبي في الحسيمة اندلع مباشرة بعد مقتل محسن فكري بعد أن طحن جسده بشاحنة أزبال، أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ لقي حتفه وهو يحاول إخراج بضاعته من السمك من شاحنة لنقل النفايات، كانت قد أُلقيت البضاعة فيها بدعوى أنها غير مرخصة.

وأدى مقتله إلى أحد أكبر الاحتجاجات على مستوى المغرب منذ عام 2011، عندما نظمت حركة "20 فبراير"، مظاهرات تطالب بالإصلاح الديمقراطي، مستلهمة من انتفاضات الربيع العربي التي اندلعت في مختلف أرجاء المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. الغضب من "طحن" بائع السمك يتواصل

ويذكر أيضا، أن القضاء المغربي حكم  بسجن سبعة أشخاص لفترات تتراوح بين خمسة وثمانية أشهر، وتغريمهم 55 دولارًا، وذلك في قضية محسن فكري، فيما أعلنت النيابة المحلية أنه تمت محاكمة 11 شخصًا في هذه القضية، بتهمة القتل غير المتعمد، بينهم مسؤولون بهيئة الصيد ووزارة الداخلية وموظفون في شركة النظافة، حيث تمت إدانة سبعة منهم وتبرئة أربعة آخرين، ومنحت المحكمة لوالدي محسن فكري تعويضًا، لم تعلن قيمته.

 

اقرأ/ي أيضًا:

البطالة في المغرب.. توقعات متشمائمة ومخاوف متزايدة

المغرب.. احتجاج ومطالب بإقالة وزير الداخلية