23-يناير-2023
gettyimages

وزيرة الخارجية الليبية أكدت على إرسال الدعوات إلى كافة الدول العربية (Getty)

تواصلت التجاذبات بين الخارجية الليبية والجامعة العربية، بشأن اجتماع وزراء الخارجية العرب التشاوري الذي انعقد في العاصمة الليبية طرابلس 22 كانون الثاني/يناير بدعوة من ليبيا التي تتولى حاليًا رئاسة مجلس الوزراء العرب في الجامعة العربية، لكن الأمانة العامة للجامعة التي قاطعت اجتماع طرابلس وضعت شرطًا بضرورة موافقة 14 دولة على اجتماع تشاوري مثل الذي احتضنته طرابلس وهو الشرط الذي وصفته الخارجية الليبية بكونه مخالفًا لمواثيق الجامعة العربية. 

انعقد الاجتماع التشاوري للجامعة العربية في طرابلس بمشاركة وزراء خارجية الجزائر وتونس وقطر والسودان وجزر القمر وفلسطين وسلطنة عُمان

وانعقد الاجتماع التشاوري للجامعة العربية في طرابلس بمشاركة وزراء خارجية الجزائر وتونس وقطر والسودان وجزر القمر وفلسطين وسلطنة عُمان، في حين قاطعه بقية وزراء الخارجية العرب، بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كما شهد الاجتماع مشاركة المبعوث الأممي لدى ليبيا  عبد الله باتيلي، وممثلة الاتحاد الإفريقي وحيدة العياري.

ومردّ الخلاف الدائر حول شرعية انعقاد الاجتماع يعود، حسب المتابعين، إلى أمرين، أولهما موقف دول عربية، وتحديدًا مصر والإمارات من حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس المعترف بها دوليًا، والأمر الثاني، واعتراض حكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب في طبرق على استضافة الحكومة في طرابلس لهكذا اجتماع "نظرًا لكونها منتهية الولاية"، بحسب بيان خارجية الحكومة المكلفة من البرلمان (عقيلة صالح) الصادر يوم الجمعة الماضي.

وبناءً على ما سبق، قرر أمين عام الجامعة العربية مقاطعة الاجتماع، التصرف الذي كان محل انتقاد شديد  من طرف وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية نجلاء المنقوش، التي قالت عقب انتهاء الاجتماع إن الأمانة العامة للجامعة العربية "قد أقحمت نفسها بالانحياز الواضح لإحدى الدول العربية" دون أن تسمي تلك الدولة، التي عملت، حسب قولها، على "ثني وزراء خارجية دول عربية ذات سيادة عن المشاركة دعمًا للتضامن العربي، كما حدث في اجتماع اليوم".

ووصفت المنقوش شرط الأمانة العامة بموافقة 14 دولة لانعقاد اجتماع تشاوري بـ"البدعة"، لأنه لا يوجد في لوائح وقوانين الجامعة، متهمةً أمانة الجامعة بأنها "حاولت تعطيل الاجتماع في ليبيا". 

وحول مقاطعة وزراء خارجية دول عربية للاجتماع قالت المنقوش إن حكومتها أرسلت "دعوات لكل الدول قبل الاجتماع واستغربنا عدم تلبية بعضها للدعوة"، متهمةً دول عربية لم تسمها الحديث بالوكالة عن ليبيا في أزمتها، قائلةً: "مشكلة الملف الليبي عندما يناقش لا يناقش بحضور الليبيين أصحاب القرار، وأنا حاولت كسر هذا الأسلوب بأن نكون نحن من يتحدث، نحن لسنا بحاجة لأي دولة لأن تتكلم عنا بالنيابة، وطيلة الفترة الماضية لرئاسة ليبيا في الجامعة العربية سعيت لرفض أسلوب الوكالة أو النيابة عن ليبيا".

getty

وعلى الرغم من مقاطعة الأمانة العامة للجامعة وعدة وزراء خارجية عرب للاجتماع التشاوري في طرابلس اعتبرت المنقوش أن انعقاده "نجاح بالرغم من الصعوبات الظروف الإقليمية والعربية".

وكانت المنقوش استهلت كلمتها في افتتاح الاجتماع التشاوري بالإشارة "إلى افتقاد ليبيا للتضامن العربي منذ سنوات، مبديةً استغرابها من تغيب وزراء خارجية عدة دول عن حضور اجتماع يتناغم مع اتفاق وزراء الخارجية العرب في شباط/فبراير 2021 على أهمية تكثيف الاجتماعات التشاورية".

وحول الانتخابات الليبية، التي تأخرت عن موعدها المحدد منذ كانون الأول/ديسمبر 2021، ألمحت وزيرة الخارجية الليبية إلى أنها تواجه العديد من الصعوبات، دون تحديدها  بالضبط، وكانت أطراف دولية أبدت تذمّرها من عدم الاتفاق على قاعدة دستورية لإنجاز الانتخابات، متّهمة المسؤولين في ليبيا بعرقلتها والسعي بدلًا من ذلك للمحافظة على الوضع القائم.

getty

وفي هذا الصدد، تمركزت كلمة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي حول ملف الانتخابات، قائلًا: "منذ توليت منصبي زرت شرقي البلاد وغربها وجنوبها، والتقيت جميع الأطراف، والجميع توافق على دعم مسار الانتخابات"، مضيفًا: "ليس بين الليبي والليبي أي عداوة، وليس لديهم غير هذا البلد، لذا يجب عليهم التوحد".

متابعًا القول: "إنّ تسجيل أكثر من ثلاثة ملايين ليبي في منظومة الانتخابات وترشح أكثر من 100 شخص في الانتخابات الرئاسية وأكثر من 5000 في الانتخابات البرلمانية، العام الماضي، إشارة قوية إلى إرادة الليبيين نحو الانتخابات، وقد آن الأوان لأن تتقدم الخطوات قدمًا نحو التوافق على إجراء انتخابات شفافة تعود على ليبيا بالاستقرار".

فيما ركّزت ممثلة الاتحاد الأفريقي، وحيدة العياري، على "ملف المصالحة الوطنية الشاملة في ليبيا"، ودور المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية على الدفع به قدما مع تأكيدها استعداد الاتحاد الإفريقي لدعم جهود المصالحة الوطنية.

getty

من جانبه، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية لقطر سلطان بن سعد المريخي على أهمية تعزيز التعاون والعمل العربي المشترك بما يحقق مصالح الشعوب العربية ويدعم الأمن والاستقرار في دولها. مشيرًا إلى الحاجة الماسة للتشاور والتعاضد وتبادل الرؤى والتنسيق بشأن مصالح الأمة العربية في هذا الظرف الدقيق الذي تواجه فيه الساحة السياسية مختلف القضايا من حروب ونزاعات وتغيرات اقتصادية في محيطنا الإقليمي والدولي.

أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية لقطر سلطان بن سعد المريخي على أهمية تعزيز التعاون والعمل العربي المشترك بما يحقق مصالح الشعوب العربية ويدعم الأمن والاستقرار في دولها

وأضاف: "وفي هذا الصدد فإن دولة قطر تدعو كافة الأطراف الليبية إلى انتهاج الحوار والحكمة لتجاوز الخلافات، وتهيئة المناخ لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، كما تجدد دعمها الكامل للمسار السياسي الليبي". مؤكدًا على "وقوف دولة قطر إلى جانب الإجماع العربي بما يتوافق مع موقفها الثابت والمبدئي تجاه دعم وحدة واستقرار وسيادة الدول العربية وحق شعوبها في تحقيق تطلعاتها في الحرية والسلام والعدالة والتنمية في جميع المجالات".