اتفاق وقف إطلاق النار: ما الذي تضمنته المرحلة الأولى من خطة وقف الحرب على غزة؟
9 أكتوبر 2025
بعد جولتين من المفاوضات المكثفة في مدينة شرم الشيخ، وبرعاية مصرية وقطرية وتركية وبمشاركة الولايات المتحدة، توصلت حركة حماس وإسرائيل إلى اتفاق يشمل المرحلة الأولى من خطة ترامب، وينص على وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفتح المجال أمام ترتيبات إنسانية عاجلة، إضافة إلى إعادة انتشار مرحلي للقوات الإسرائيلية داخل القطاع.
ويُعدّ هذا الاتفاق، الذي أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خطوة تمهيدية لمناقشة الملفات الأكثر تعقيدًا في المراحل اللاحقة.
انسحاب مرحلي حتى "الخط الأصفر"
وكشفت مصادر مطلعة لـ"الترا فلسطين" تفاصيل الاتفاق المبدئي الذي جرى التوافق عليه في شرم الشيخ، وفقًا للمصادر، نص الاتفاق على أن يبدأ الانسحاب الإسرائيلي حتى ما يُعرف بالخط الأصفر، وذلك وفقًا لخطة ترامب التي تُبقي قوات الاحتلال داخل نحو 42 % من أراضي قطاع غزة بشكل مؤقت ومرحلي.
وتعهّد الوسطاء بمواصلة الضغط على الجانب الإسرائيلي للانسحاب من مناطق إضافية خلال مراحل تنفيذ الاتفاق، على أن تستمر المفاوضات بعد انتهاء المرحلة الأولى لمتابعة الملفات المتبقية.
حركة حماس قدّمت خلال المفاوضات قائمتين أساسيتين للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين
ملف الأسرى: قائمتان ومطالب واضحة
وفي ما يتعلق بملف الأسرى، كشفت المصادر الخاصة لـ"الترا فلسطين" أن حركة حماس قدّمت خلال المفاوضات قائمتين أساسيتين للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. تضمّ القائمة الأولى جميع أصحاب الأحكام العالية والمؤبدات، ومن أبرزهم: مروان البرغوثي، وعبد الله البرغوثي، وأحمد سعدات، وإبراهيم حامد، وعباس السيد، وحسن سلامة. أما القائمة الثانية فتشمل نحو 1700 أسير من قطاع غزة، تطالب الحركة بالإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق، على أن يقدّم الاحتلال رده الرسمي بشأنها خلال الساعات المقبلة.
بروتوكول إنساني لإغاثة القطاع
كما تم التوصل إلى اتفاق على بروتوكول إنساني عاجل، يهدف إلى معالجة الأوضاع المعيشية المتدهورة في قطاع غزة، ويتضمن إدخال المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية، والسماح بإدخال الخيام والكرفانات لإيواء النازحين، إلى جانب بدء أعمال إعادة تأهيل البنية التحتية في المناطق التي انسحب منها الاحتلال مؤخرًا. كما طلبت حركة حماس من الوسطاء، وخاصة قطر، إدخال معدات توليد الكهرباء إلى القطاع، واستئناف نشاط الصيد البحري لمسافة تصل إلى 10 أميال بحرية، في خطوة تهدف إلى تخفيف حدة الأزمة الإنسانية التي يعيشها السكان منذ أشهر.
مدينة خيام مؤقتة وفتح معبر رفح
ووفقًا للمصادر ذاتها، نصّ الاتفاق على إقامة مدينة خيام مؤقتة في منطقة "نتساريم" وسط قطاع غزة، بهدف استيعاب آلاف النازحين الذين دمرت منازلهم خلال الحرب، وذلك ضمن خطة إنسانية عاجلة لتخفيف الكثافة السكانية في مناطق الإيواء المكتظة. كما تقرر فتح معبر رفح بالاتجاهين لضمان حركة المدنيين وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية والإمدادات الطبية إلى القطاع، بإشراف مباشر من الوسطاء لضمان انسيابية العملية واستمرار تدفق الدعم الإغاثي دون عراقيل.
تبادل المعلومات حول الأسرى والجثامين
كما نصّ الاتفاق على تبادل المعلومات بين المقاومة والاحتلال بشأن ملف الأسرى والجثامين، بهدف تسريع عملية التحقق وتحديد الهويات. ووافقت الأطراف، بناءً على طلب الفصائل الفلسطينية، على إدخال أجهزة فحص "DNA" إلى القطاع بإشراف دولي، لتحديد هوية الجثامين المتبادلة بدقة، خشية اختلاط جثامين الأسرى الإسرائيليين بجثامين الشهداء الفلسطينيين، في خطوة تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الحساس بطريقة تضمن الشفافية والاحترام المتبادل.
ووفقًا للمصادر، فقد جرى ترحيل الملفات الأكثر تعقيدًا إلى الحوار الوطني الفلسطيني الشامل المزمع عقده قبل بدء المرحلة الثانية من المفاوضات
تحذيرات الفصائل من "صدام ميداني"
أبلغت الفصائل الفلسطينية الوسطاء تحذيرًا من أنّ الانسحاب الجزئي وغير المكتمل لقوات الاحتلال قد يخلق واقعًا ميدانيًا هشًّا في قطاع غزة، موضحةً أنّ السكان باتوا محاصرين في مناطق ضيقة بمحاذاة تمركزات الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يرفع احتمالات الاحتكاك والصدام المباشر بين المدنيين والقوات الإسرائيلية، ويهدد بانهيار وقف إطلاق النار في حال عدم استكمال الانسحاب بشكل كامل وآمن.
ملفات مؤجلة للحوار الوطني
ووفقًا للمصادر، فقد جرى ترحيل الملفات الأكثر تعقيدًا إلى الحوار الوطني الفلسطيني الشامل المزمع عقده قبل بدء المرحلة الثانية من المفاوضات، وتشمل هذه الملفات قضية وجود قوات دولية في غزة، ومسألة السلاح، وإدارة القطاع بعد الحرب. كما تعهد الوسطاء، وفي مقدمتهم مصر وقطر وتركيا، بإدخال تعديلات إضافية على بنود الاتفاق بما يستجيب لمطالب الفصائل الفلسطينية بعد الشروع في تنفيذ المرحلة الأولى.
اتفاق هش ومفتوح على احتمالات متعددة
رغم الطابع المرحلي الذي يميّز اتفاق شرم الشيخ، يرى مراقبون أنه لا يزال بحاجة إلى ضمانات تنفيذ واضحة، خصوصًا في ظل بقاء قوات الاحتلال داخل أجزاء من قطاع غزة. وبينما تعوّل الفصائل الفلسطينية على الدورين الإقليمي والدولي في تثبيت الاتفاق، يبقى نجاحه مرتبطًا بتطورات الميدان ومسار التوازنات السياسية التي لم تستقر بعد.