15-أغسطس-2020

شكل الاتفاق مع الإمارات فرصة أمام إدارة نتنياهو للخروج من مآزقها الداخلية (Getty)

ألترا صوت – فريق التحرير

قالت شبكة NBC نيوز الأمريكية إن الاتفاق المبرم بين إسرائيل والإمارات لتطبيع كامل العلاقات، قد يكون بمثابة فرصة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتجاوز أزمته الداخلية، في مقابل أنها مثّلت أول نجاح رمزي لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية، وتقديمها تمييزًا بالأفضلية لأبوظبي على حساب الرياض في أروقة البيت الأبيض، حتى في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

قالت شبكة NBC نيوز الأمريكية إن الاتفاق المبرم بين إسرائيل والإمارات لتطبيع كامل العلاقات، قد يكون بمثابة فرصة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتجاوز أزمته الداخلية

تنظيم التحالفات السياسية في المنطقة

فيما تواجه إدارتا ترامب ونتنياهو رياحًا سياسية عكسية بسبب سوء إدارتهما لجائحة فيروس كورونا الجديد، فإن الاتفاق بطبيعته يشير إلى إعادة تنظيم التحالفات السياسية في المنطقة، من حيثُ انعكاس تطبيع العلاقات بين الطرفين على الديناميكية المتغيرة للخارطة السياسية في المنطقة خلال السنوات الماضية.

اقرأ/ي أيضًا: الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.. ما علاقة صفقات السلاح الأمريكية؟

فقد برز بشكل واضح ومكثف تقارب دول المحور الإماراتي السعودي مع تل أبيب خلال الأشهر الماضية، والذي يرجعه تقرير الشبكة الأمريكية لاشتراكهما في موقف عدائي ثابت من إيران وجماعة الإخوان المسلمين، والتي جعلتها حكومات تلك الدول المناهضة للديمقراطية في مقدمة أولوياتها، على حساب الضغط باتجاه إيجاد حل للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إضافة إلى التنازل عن مقررات مبادرة السلام العربية التي اقترحتها الرياض في عام 2002.

انتشال ترامب ونتنياهو من أزمتهما الداخلية

تشير الشبكة الأمريكية في تقريرها إلى أنه في الوقت الذي يحاكم نتنياهو بتهم الفساد المنسوبة إليه، وتزايد الانتقادات الموجهة لحكومته بسبب سوء إدارتها لفيروس كورونا، فإن اتفاق تطبيع العلاقات مع أبوظبي سيجعله يتخلى مؤقتًا في الوقت الراهن عن خطط الضم المزمع تنفيذها في أجزاء من الضفة الغربية، والتي أصبحت تشكل أزمة سياسية على المستويين الداخلي والخارجي.

وعلى الرغم من تأييد اليمين الإسرائيلي لمخطط الضم بشكل كبير، فإن الفكرة حظيت بمعارضة عربية وأوروبية واسعة النطاق، حتى أن الخلاف حول المضي بتنفيذها وصل إلى داخل إدارة ترامب بسبب مخاوفها من العملية، ووفقًا للمسؤول السابق في إدارة باراك أوباما، إيلان غولدنبرغ، فإن الاتفاق كان "فرصة رائعة للخروج من فوضى الضم"، فيما ينظر محلليين إلى نتنياهو على أنه قد يزعم بتحقيقه انقلابًا دبلوماسيًا من شأنه منح تل أبيب مكاسب خلال السنوات القادمة.

الأمر عينه حسب التقرير ينطبق على إدارة ترامب الذي فشل بتحقيق أي من بنود سياسته الخارجية التي تبنتها حملته الانتخابية لعام 2016، لذلك فإن صفقة تطبيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين أبوظبي وتل أبيب بوساطة البيت الأبيض، مثلت نجاحًا رمزيًا لسياسة ترامب الخارجية في الشرق الأوسط، في ظل توقعات بإعلان دول عربية أخرى، بضغط إماراتي، تطبيعها العلاقات مع دولة الاحتلال في وقت لاحق. 

تستدرك الشبكة الأمريكية واصفة الاتفاق بأنه جزء من فشل الحراك الدبلوماسي الذي قادته واشنطن في المنطقة خلال الأشهر الماضية، في إشارة لخطة ترامب للسلام في الشرق الأوسط المعروفة بـ"صفقة القرن"، وروج لها كبير مستشاري الرئيس جاريد كوشنر، رغم معارضة معظم الدول العربية والغربية إلى جانب المسؤولين الفلسطينيين لها، الذين وصفوا موافقة أبوظبي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل  بأنه "خيانة للقضية".

مقال العتبية كمقدمة لتطبيع العلاقات

وكانت الإمارات قد مهدت لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، عبر المقال الذي نشره سفير أبوظبي في واشنطن يوسف العتيبة في صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية في حزيران/يونيو الماضي، تحت عنوان "إما الضم أو التطبيع"، استعرض في مضمونه الخطوات التي قطعتها أبوظبي باتجاه التطبيع مع إسرائيل، مطالبًا الإسرائيليين بعدم تنفيذ خطة ضم الضفة من أجل مواصلة هذا التطبيع، ووفقًا لكوشنر فإن مقال العتيبة ساعد على التمهيد لإبرام الاتفاق، بعدما أظهرت مقترحاته أنه "خيار جيد".

غير أن تصريحات الطرفين المعنيين بالصفقة جاءت متناقضة فيما يخص علمية الضم، إذ إنه وفيما أكد ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد على أنه من شروط الصفقة "الاتفاق على إيقاف ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية"، وأن تكون أيضًا "خارطة طريق" للمزيد من تطبيع العلاقات بين الطرفين، فإن نتنياهو أشار إلى تأجيل حكومته مخطط الضم "مؤقتًا"، مشددًا على أنه "لم يتم إزالته (مخطط الضم) من على الطاولة".

مكاسب أبو ظبي من تطبيع العلاقات

وتنظر الشبكة الأمريكية في تقريرها إلى أن أبوظبي تمكنت من تحقيق مكاسب من خلال الاتفاق، يأتي في مقدمتها بروزها كحليف ولاعب إقليمي أساسي في المنطقة بالنسبة لواشنطن، وذلك عبر استثمارها في ثروتها النفطية لتكون مركزًا تجاريًا وقوة عسكرية في المنطقة، جلعتها شريكًا عسكريًا مع واشنطن في عملياتها العسكرية التي تشنها في المنطقة.

فضلًا عن ذلك فقد سمحت الصفقة بتعزيز موقعها على حساب الرياض في البيت الأبيض، ما يمنحها بذلك موقفًا متميزًا عن الدولة الخليجية حليفتها في ملفات عديدة بالشرق الأوسط، وبالأخص بعدما أصبح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان منبوذًا في الكونغرس، بسبب قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطبنول.

اقرأ/ي أيضًا: بعد اتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.. كيف ستبدو الخطوة القادمة؟

ووفقًا للشبكة الأمريكية فإنه على الرغم من تحقيق ترامب نصرًا دبلوماسيًا في سياسته الخارجية بعد إعلان الاتفاق، فإنه سجل كذلك مكسبًا آخر بتوافقه مع الديمقراطيين، الذين يعارضون بشدة عملية الضم، وبحسب مسؤولين سابقين في البيت الأبيض فإن الصفقة ستكون مفيدة لأبوظبي في حال فاز المرشح الديمقراطي بايدن بانتخابات الرئاسة القادمة، في ظل تخوفات الإمارات من أن يكون رهانها على فوز ترامب بالانتخابات خاسرًا.

على الرغم من تأييد اليمين الإسرائيلي لمخطط الضم بشكل كبير، فإن الفكرة حظيت بمعارضة عربية وأوروبية واسعة النطاق، حتى أن الخلاف حول المضي بتنفيذها وصل إلى داخل إدارة ترامب

كما أن المسؤولين تحدثوا كذلك عن أن الاتفاق قد يساعد أبوظبي بالحصول على أسلحة أمريكية بتقنيات عالية، بما فيها الطائرات المسيّرة المتطورة، والتي تضغط للحصول عليها منذ فترة طويلة، إذ إنه وفقًا لمسؤول كبير سابق فإن أكثر ما تريد الإمارات تحقيقه من وراء هذا الاتفاق هو إدراجها بين الدول التي يمكنها الحصول على أسلحة أمريكية متطورة.