17-سبتمبر-2021

رسم متخيل لابن زيدون

ألترا صوت – فريق التحرير

دخل التاريخ كعاشق. عرف في حياته القصيرة أحداثًا أكبر من حياة فرد واحد. من المجد والحفاوة إلى المطاردة والسجن والمذلة.

تلك هي الملامح الكبرى لشخصية الشاعر والسياسي الأندلسي ابن زيدون، أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون المخزومي، الذي عُرف بحبه لـ ولادة بنت المستكفي، التي شعف بها وأحبها حبًّا جمًّا ملكَ عليه كل حواسه، وسيطر على كل مشاعره، وفجّر في نفسه آيات شعرية خالدة.

عاش ابن زيدون في زمن الطوائف، أي زمن تحول المدن الأندلسية إلى إمارات مستقلة، ولأنه عاش في قرطبة فقد كان مقرّبًا من ابن جهور، لكن الأحوال ساءت واتهم بميله لبني عبّاد حكام إشبيلية، وبسبب ذلك تم سجنه إلى تكمن من الهرب والالتحاق بالمعتضد بن عباد في إشبيلية.


إنّي ذكرْتُكِ بالزّهراء مشتاقا،

والأفقُ طلقٌ ووجه الأرض قد راقَا

 

وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ،

كأنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا

 

والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ، 

كما شقَقتَ، عنِ اللَّبّاتِ، أطواقَا

 

يَوْمٌ كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ،

بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا

 

نلهُو بما يستميلُ العينَ من زهرٍ

جالَ النّدَى فيهِ، حتى مالَ أعناقَا

 

كَأنّ أعْيُنَهُ إذْ عايَنَتْ أرَقى

بَكَتْ لِما بي، فجالَ الدّمعُ رَقَرَاقَا

 

وردٌ تألّقَ في ضاحي منابتِهِ،

فازْدادَ منهُ الضّحى في العينِ إشراقَا

 

سرى ينافحُهُ نيلوفرٌ عبقٌ،

وَسْنَانُ نَبّهَ مِنْهُ الصّبْحُ أحْدَاقَا

 

كلٌّ يهيجُ لنَا ذكرَى تشوّقِنَا

إليكِ، لم يعدُ عنها الصّدرُ أن ضاقَا

 

لا سكّنَ اللهُ قلبًا عقّ ذكرَكُمُ

فلم يطرْ بجناحِ الشّوقِ خفّاقَا

 

لوْ شاء حَملي نَسيمُ الصّبحِ حينَ سرَى

وافاكُمُ بفتى أضناهُ ما لاقَى

 

لوْ كَانَ وَفّى المُنى في جَمعِنَا بكمُ، 

لكانَ منْ أكرمِ الأيّامِ أخلاقَا

 

يا علقيَ الأخطرَ، الأسنى، الحبيبَ إلى

نَفسي، إذا ما اقتنَى الأحبابُ أعلاقَا

 

كان التَّجاري بمَحض الوُدّ، مذ زمَن،

ميدانَ أنسٍ، جريْنَا فيهِ أطلاقَا

 

فالآنَ، أحمدَ ما كنّا لعهدِكُمُ،

سلوْتُمُ، وبقينَا نحنُ عشّاقَا‍!

 

اقرأ/ي أيضًا:

لسان الدين بن الخطيب: بَعُدْنا وإن جاورتنا البيوت

فدوى طوقان: نار ونار