27-أبريل-2018

أظهر حوار إيلاف وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، وكأنه رجل سلام! (إيلاف)

إنها ليلة الجمعة في فلسطين، والتي لم تعد كالسابق، فمنذ أسابيع تحولت ليلة الجمعة بشكل معتاد إلى ليلة الاستعدادات الأخيرة لمسيرات "العودة الكبرى"، المستمرة كل جمعة، على الحدود الفلسطينية الإسرائيلية؛ كاوتشوك/ إطارات مطاطية وطائرات ورقية وهتافات، هذه هي استعدادت المتظاهرين الفلسطينيين في مواجهة قناصة جيش الاحتلال، الذين أعطاهم وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الضوء الأخضر لقنص أي أحد، وإن كان طفلًا أو صحفيًا.

أجرى موقع إيلاف، الراعي الرسمي الإعلامي لمسيرة التطبيع السعودي مع إسرائيل، حوارًا مع وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان

وكما يستعد الفلسطينيون للمواجهة، استعد أيضًا الإعلام الموالي لولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد، محمد بن سلمان، ولكن لاستكمال مسيرة التطبيع. هذه المرة، وعبر موقع "إيلاف" الراعي الرسمي للتقارب السعودي مع الجانب الإسرائيلي.

اقرأ/ي أيضًا: السر المفضوح: "الود" المتصاعد بين السعودية وإسرائيل.. رحلة التطبيع الكامل 

نشر إيلاف حوارًا أجراه مع وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان. حوارٌ قيل إنه صحفي، لكن مضمونه ليس إلا تسويقًا للرؤية الإسرائيلية، وليس أي جانب فيها، وإنما أشد جوانبها تطرفًا وإرهابًا. ومن جانبه، فقد أبدى ليبرمان تأييده لما يُحدثه ابن سلمان في السعودية، و"بوادر تشكيل طبقة وسطى تقبل بالسلام"، بتعبيره. بل زاد بأن قال: "هناك توارد أفكار بيني وبين ابن سلمان"، في إشارة للدور الأوروبي في استمرار الاتفاق النووي الإيراني.

وكأنه رجل سلام!

إن كان ثمة شك لديك في استخدام الجانب السعودي لموقع إيلاف لتقريب "وجهات النظر مع الإسرائيليين"، ولم يسبق أن قرات دزينة المقابلات والمقالات لقادة العدو عبر الصحيفة السعودية، فعليك قراءة الحوار الأخير الذي أجراه الموقع مع وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، والذي ظهر فيه وكأنه رجل سلام!

ورغم كونه مشهود له بالتشدد ورعاية الإرهاب الإسرائيلي، ورغم تهديداته المنتشرة في الحوار، إلا أنها مرت مرورًا سالمًا من الموقع الذي لم يُعلّق عليها. بدا أنه حوار "ودّي" و"دافئ". وقد ركّز الحوار في إظهار ليبرمان وكأنه شخص آخر غير أفيغدور ليبرمان، وزير الأمن والجيش الإسرائيلي، فتجده يقول: "أفضل ألا يكون لنا أعداء. أعتقد أن إيران الحالية في نهايتها. أريد الهدوء ولا أريد أن أهاجم أو أحارب أحدًا. أريد الاستمرار في هذا الوضع في تل أبيب، حيث الفنادق ممتلئة والمقاهي والمطاعم تغص بالناس على مدار الساعة، وهذا ما أتمناه لهم أيضًا، الهدوء لا الحرب"! هذا حديث ليبرمان الذي يقتل جنوده الأطفال على الحدود في غزة، وتعتقل قواته الفتيات القاصرات في الضفة الغربية المحتلة، وهكذا نشره موقع إيلاف السعودي. 

صور الحوار ليبرمان وكأنه رجل سلام (رويترز)
صور حوار إيلاف السعودية ليبرمان وكأنه رجل سلام (رويترز)

وقال ليبرمان إنهم تعاملوا مع التظاهرات و"مهازل حماس" و"واجهوا الإرهاب بشكل جيد". لكن ماذا عن سقوط الأطفال القتلى يا ليبرمان؟ "حماس أرسلتهم ليكونوا دروعًا بشرية"، هذا رده، مُضيفًا: " قادة حماس اختبؤوا في غزة، وأرسلوا الأطفال والنساء ليكونوا دروعًا بشرية ليقتلوا عوضًا عنهم، ويقولون إننا مجرمو حرب. هم المجرمون ودماء هؤلاء الضحايا يجب أن تلاحق ضمائرهم. لم ندعهم لقتالنا، ولا لمحاولات اختراق الحدود"، ومرر إيلاف ذلك أيضًا. بل وشدد عليه.

لم يُفكر، أو ربما تجاهل، الصحفي المحاور، نجم الحوارات مع المسؤولين الإسرائيليين، مجدي الحلبي، أن يسأل ليبرمان سؤالًا بسيطًا: "كم عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا بسبب هذا الإرهاب المزعوم، والإرهابيين الذين يتحدث عنهم ليبرمان؟". سؤال آخر بديهي: "كيف يعرف القناصة هؤلاء الإرهابيين كما يصفهم ليبرمان، من بين المتظاهرين؟". سؤال أخير أيضًا من جملة الأسئلة المُتجاهلة: "لماذا يُصبح المطالبون بحقهم في العودة، المعترف به أمميًا، إرهابيون أو دروعًا بشرية كما يصفهم ليبرمان؟"

إشادة إسرائيلية متكررة بنهج ابن سلمان

وكما جرت عادته في الحوارات السابقة مع مسؤولين إسرائيليين، يقتنع موقع إيلاف التأييد والدعم الإسرائيلي لسياسات ابن سلمان، باعتبار ذلك ربما علامةً على الرضا الأمريكي، وأن ابن سلمان يسير على النهج الصحيح في مسيرة التطبيع.

نظرة على الحوار الأخير الذي أجراه موقع إيلاف مع ليبرمان، تُؤكد استخدام السعودية للموقع لتقريب التطبيع من الوعي العربي والتودد لإسرائيل

وفي الحوار مع وزير الدفاع الإسرائيلي، أشاد ليبرمان بابن سلمان، واعتبر أن سياساته في الداخل السعودي بمثابة "بوادر لتأسيس طبقة وسطى تتطلع إلى السلام". وهو تعبير يشير أيضًا إلى أن المجتمع العربي لا يزال صعب المراس حتى اللحظة على أن يُطوّع في سبيل عملية التطبيع، على عكس القادة العرب، الذين قال ليبرمان، إنهم والإسرائيلييون تجمعهم تفاهمات بنسبة 75%.

اقرأ/ي أيضًا: منصات التطبيع الثقافي: المجلة العربية نموذجًا!

وقال ليبرمان: "مع القيادة الحديثة الأمر سهل. لكن الأمور معقدة بين الشعوب"، ثم تقمص دور المفكر والمحلل السياسي، فقال: "المشكلة في العالم العربي، أنه ليس ثمة طبقة وسطة قوية معنية بالثقافة والعلوم والمعرفة، وتتطلع إلى الأفضل، وإلى السلام والعيش بهدوء"، والآن بالطبع -وفقًا له- ثمة بوادر لتشكيل طبقة مماثلة في السعودية، على يد ابن سلمان. "هناك توارد أفكار بيني وبين ابن سلمان"، يقول ليبرمان، ويُرجّح أن جملة كهذه أُقيم الحوار كله من أجلها. وكان ليبرمان يقصد التفاهم بينهما حول الاتفاق النووي الإيراني؟ ولا شك أيضًا تصفية القضية الفلسطينية وتمرير التطبيع عربيًا.

"إيلاف" التطبيع وبروباغندا العدو

خطوات التطبيع سريعة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، التي تتغير معالمها الداخلية بشكل متسارع منذ وصول الملك سلمان للحكم وتصعيد نجله محمد ليصبح المتحكم في كل شيء بالبلاد. ويرى البعض أن إيلاف يلعب دور الحمام الزاجل بين السعودية وإسرائيل، هكذا وصفتها صحف إسرائيلية.

تلعب إيلاف دور الوسيط الإعلامي بين السعوديين والإسرائيليين (إيلاف/ ألترا صوت)
عناوين حوارات إيلاف مع المسؤولين الإسرائيليين (إيلاف)

ولم يكن هذا الحوار الأول لإيلاف مع مسؤول إسرائيلي، فقبل أشهر نشرت إيلاف عدة حوارات لقيادات عسكرية ووزراء من الجانب الإسرائيلي، فيما يشبه حملات العلاقات العامة والتسويق السياسي، ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أجرت الصحيفة حوارًا، مع رئيس الأركان الإسرائيلي، وصفه الموقع في وقتها بـ"غير المسبوق" عربيًا. ونشر الموقع مقال مشترك بين الكاتب الكردي مهدي مجيد عبدالله، وأفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال، وركز المقال على مهاجمة حركة المقاومة الإسلامية - حماس بدرجة كبيرة، لكنه حذف الآن من على الموقع!

ثم نشر الموقع في نفس الشهر حوارًا مع يسرائيل كاتس وزير الاستخبارات والمواصلات في حكومة نتنياهو، كان يحمل جمل عنصرية وتهديدًا مباشر لـ"لبنان" وقال الوزير الإسرائيلي "نستطيع إعادة لبنان للعصر الحجري"!

وفي وقت سابق أجري الموقع في كانون الأول/ديسمبر 2015، حوارًا مع دوري غولد، مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية، وحوارات أخري مختلفة مع كل من زئيف ألكين وزير شؤون القدس في الحكومة الإسرائيلية وعضو المجلس الأمني الوزاري المصغر، وعددٍ آخر من الشخصيات العسكرية والسياسية الإسرائيلية

والتطبيع بين الطرفين السعودي والإسرائيلي تصاعد مع وصول الملك سلمان للسلطة وتصاعد نفوذ نجله محمد والذي وصل لموقع ولي العهد ووزير الدفاع، ونقلت إحدى وثائق ويكليكس، أن عددًا من المسؤولين من السعودية وإسرائيل، التقوا في حزيران/يونيو 2015، لوضع الخطط لمواجهة النفوذ الإيراني، قرب توقيع الاتفاق النووي مع الدول الست".

تصف الصحافة الإسرائيلية موقع إيلاف بـ"الحمام الزاجل" لدوره في إيصال الرسائل المتبادلة بين السعوديين والإسرائيليين في العلن

ومن أبرز رجال التطبيع في المملكة بشكل معلن الأمير تركي الفيصل مدير المخابرات السعودية الأسبق. وبندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية السابق، والجنرال السعودي السابق أنور العشقي الذي سافر لتل أبيب لعقد لقاءات هناك.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صحيفة إيلاف.. صوت إسرائيل بأموال مملكة ابن سلمان

السعودية ومسلسل التطبيع.. متى سيرفرف العلم الإسرائيلي في الرياض؟