استبعدت صحيفة "ذي إيكونوميست" أن يخرج نظام بشار الأسد من عزلته الداخلية والدولية، وذلك على الرغم من سعي بعض الدول الغربية والعربية إلى إعادة علاقاتها به، وآخرها إيطاليا.
وأمام هذه الوضعية، تؤكد "إيكونوميست" استمرار النظام السوري بقيادة بشار الأسد في الاعتماد على تجارة الكبتاغون للمحافظة على نفوذه المحدود بعيدًا عن تأثير القوى الكثيرة التي تشاركه الحكم في سوريا، آملًا بذلك أن يتقبّل العالم حكمه بمرور الوقت الذي يعتقد أنه كفيل بنسيان جرائمه ضدّ الشعب السوري الذي خرج في احتجاجات سلمية ضدّ نظامه، قبل أن يدفع تلك الاحتجاجات باستعمال العنف المميت إلى عنفٍ مسلح وحربٍ أهلية باتت تهدد بتقسيم البلاد.
تآكل مستمر
وترى مجلة "إيكونوميست" أنّ النظام السوري يعاني من تآكلٍ مستمر في قدرته على الحكم، كما ترى أن دكتاتور سوريا بشار الأسد يعيش في عزلته آملًا ومعتقدًا أنه إذا بقي في السلطة فقد تدفع مخاوف خصومه الدوليين من تأثير إيران وأزمة لاجئين أخرى إلى التخلي عن مطالبهم بالتغيير السياسي واستعادة العلاقات مع سوريا.
وذلك على الرغم من تحقق بعض ما يدعم هذه الإستراتيجية. ففي العام الماضي، أعادت جامعة الدول العربية عضوية الأسد وبدأت في إرسال المساعدات. وفي تموز/يوليو، اقترحت 8 دول من الاتحاد الأوروبي التواصل مع الأسد، ويسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعادة العلاقات معه وتحفيز اقتصاد سوريا لإقناع اللاجئين السوريين بالعودة.
تتيح تجارة المخدرات لنظام الأسد تجاوز العقوبات الدولية والحصول على الأموال اللازمة لتثبيت حكمه دون الاعتماد على المساعدات الدولية
لكن الحكومة السورية المؤقتة التي تعدّ نفسها بديلًا سياسيًا لسوريا بعد الأسد، تدير منطقةً تمتد 40 كم جنوبي الحدود التركية حيث يسود، حسب "إيكونوميست"، استقرار نسبي وحالة معيشية أفضل من باقي البلاد. لكن "إيكونوميست" تلاحظ أن تركيا التي تُبقي على 30 ألف جندي في شمال سوريا، تفضل استخدام الحكومة المؤقتة أداةً لها، ولا تتعامل معها كبديل جدي لنظام بشار الأسد في دمشق.
فضلًا عن معطى المعارضة الداخلية، تنوه "إيكونوميست" إلى أن النظام فقد السيطرة على الأجواء والحدود، وتستغل روسيا وإيران وحزب الله الوضع: "كما لو كانت البلاد ملكًا لهم"، بينما تهيمن المليشيات الشيعية من العراق ولبنان على المناطق الحدودية، ويستخدم حزب الله سوريا قاعدةً لإطلاق صواريخ نحو إسرائيل، وفق المجلة البريطانية.
يضاف إلى ذلك بالطبع، حسب "إيكونوميست"، خروج الشمال - الذي يضم نصف سكان البلاد البالغ عددهم 16 مليون نسمة - عن سيطرته منذ 8 سنوات، حيث تسيطر "فصائل سنية" على الشمال الغربي، بينما يحكم الأكراد بدعم أميركي الشمال الشرقي.
المخدرات واستراتيجية بقاء الأسد
وفي ظل حالة انعدام السيطرة وتقوض السيادة، أصبحت تجارة الكبتاغون وفق المجلة عنصرًا أساسيا في ستراتيجية بقاء الأسد، إذ إنه يحتكر تجارة المخدرات في ظل "انهيار الدولة" واقتصادها. وتساوي صادرات المخدرات، حسب الصحيفة ذات الاهتمامات الاقتصادية، ضعف قيمة جميع الصادرات المشروعة مجتمعةً، حسب البنك الدولي.
وتؤكد "ذي إيكونوميست" نقلًا عن مصادر تصفها بالموثوقة، أنّ عائدات الكبتاغون تذهب إلى الأسد وليس إلى الدولة، مضيفةً القول إن تجارة المخدرات تتيح لنظام الأسد تجاوز العقوبات الدولية والحصول على الأموال اللازمة لتثبيت حكمه دون الاعتماد على المساعدات الدولية أو الاستثمارات الأجنبية، وذلك يساعده على الحفاظ على شبكة واسعة من النفوذ والولاءات داخل سوريا ويسهم في تدهور اقتصاد البلاد.
ولكن مع ذلك، تظل هذه الاستراتيجيات غير الشرعية فعالة، خصوصًا في وجه الاقتصاد المنهار وترسيخ بعض الدول الأخرى وجودها في سوريا.