تسارعت وتيرة التحركات الدبلوماسية الهادفة إلى احتواء الحرب بين إسرائيل وإيران، في محاولة لمنعها من التوسع إلى صراع إقليمي شامل. وجاء ذلك بالتزامن مع تلويح طهران بإمكانية إغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات الحيوية لشحن النفط عالميًا.
ويأتي هذا التهديد الإيراني بعد استهداف إسرائيل منشآت نفطية وغازية داخل إيران، أبرزها حقل "بارس" للغاز في محافظة بوشهر جنوب البلاد.
وفي حال امتنعت طهران عن إغلاق مضيق هرمز، وفشلت المساعي الدبلوماسية في احتواء التصعيد، فمن المرجّح أن تتجه إيران إلى استهداف منشآت الطاقة الإسرائيلية، مثل مصفاة حيفا في الشمال، أو مصفاة أسدود في الوسط، أو منصات الغاز البحرية "تمار" و"ليفياثان" و"كريش" في البحر الأبيض المتوسط.
تبذل عدة دول وقوى عالمية جهودًا ديبلوماسية لاحتواء المواجهة الإيرانية الإسرائيلية
التحركات الديبلوماسية
تسارعت الجهود الدبلوماسية لاحتواء المواجهة بين إيران وإسرائيل، في محاولة لمنع تحولها إلى حرب إقليمية شاملة. وفي هذا الإطار، بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الاتصال بنظيره الأميركي دونالد ترامب، لبحث التصعيد المتفاقم في الشرق الأوسط.
وقد استمرت المكالمة بين الجانبين خمسين دقيقة، بحسب بيان للبيت الأبيض، خرج بعدها ترامب ليصرّح بأن الطرفين يسعيان إلى "إنهاء الحرب"، في أول إشارة مباشرة من ترامب منذ اندلاع الهجوم الإسرائيلي على إيران إلى رغبته في وقف القتال.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرّح سابقًا بأن الهجوم على إيران تم بموافقة ودعم من ترامب، رغم تأكيد واشنطن عدم مشاركتها المباشرة فيه، مع احتفاظها بحق التدخل إذا ردّت طهران. وقد جاء الرد الإيراني فعلًا بهجوم واسع بالصواريخ والمسيرات استهدف العمق الإسرائيلي على مدى ليلتي السبت والأحد.
عقب الاتصال مع ترامب، عرض الرئيس الروسي بوتين وساطة روسية بين طهران وتل أبيب، وقال كبير مستشاري الكرملين للسياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، إن موسكو لا تستبعد إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب واستئناف المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، والتي تم تعليق جولتها السادسة التي كانت مقررة الأحد في سلطنة عمان.
دبلوماسيًا، أجرى عدد من القادة اتصالات مكثفة مع طرفي النزاع. فقد تحدث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الأميركي، وأجرى أيضًا اتصالات بكل من الرئيس المصري وولي العهد السعودي. فيما أجرى أمير قطر وسلطان عمان محادثات مباشرة مع الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان.
تلويح إيراني بإغلاق مضيق هرمز
لوّحت إيران بإمكانية إغلاق مضيق هرمز، أحد أهم الممرات البحرية لشحن الطاقة في العالم، وذلك بعد أن استهدفت إسرائيل منشآت نفط وغاز داخل إيران، من بينها حقل بارس في محافظة بوشهر، ومصفاة "فجر جم" جنوب غرب البلاد.
وقد جاء هذا التهديد على لسان إسماعيل كوثري، عضو لجنة الأمن في البرلمان الإيراني، الذي صرح بأن طهران "تدرس بجدية إغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي".
ويمثل مضيق هرمز نقطة وصل بين الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب، ويعبره الجزء الأكبر من صادرات نفط الشرق الأوسط، إضافة إلى كميات ضخمة من الغاز الطبيعي المسال. ولهذا السبب يُوصف المضيق بأنه "شريان الحياة للعالم الصناعي"، إذ يمر عبره قرابة ثلث إمدادات النفط العالمية.
وتاريخيًا، استخدم المضيق كورقة ضغط. ففي حرب أكتوبر 1973، تم وقف تصدير النفط عبره إلى الولايات المتحدة والدول الغربية الداعمة لإسرائيل. كما أنه مثّل دومًا محور توتر بين إيران والدول الغربية، وسبق لطهران أن هدّدت بإغلاقه ردًا على العقوبات الاقتصادية، خاصة بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وتخشى العديد من الدول من إغلاق المضيق، لما له من تداعيات مباشرة على أسعار الطاقة وحركة التجارة العالمية. إلا أن محدودية تأثير هذا الإغلاق على إسرائيل، إلى جانب الأضرار المحتملة التي قد تلحق بدول حليفة لإيران في المنطقة، يجعل من هذا الخيار مستبعدًا، على الأقل في الوقت الراهن.
في المقابل، يبقى الخيار الأرجح أن تركز طهران على استهداف منشآت الطاقة الإسرائيلية، وهو ما بدأت فعليًا بتنفيذه ليل السبت، إذ أعلن الحرس الثوري الإيراني استهداف منشآت لإنتاج وقود الطائرات ومراكز لتزويد الطاقة في إسرائيل بسلسلة من الصواريخ الباليستية.
يُذكر أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه بالفعل ضغوطًا كبيرة نتيجة الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، ومن شأن الضربات الإيرانية المركزة على البنية التحتية للطاقة أن تزيد من هذه الضغوط بشكل حاد.