واصلت إيران، لليوم الثاني على التوالي، تنفيذ سلسلة هجمات صاروخية واسعة النطاق ضد أهداف داخل إسرائيل، في إطار ما وصفته بـ"الرد الساحق" على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت عسكرية ونووية داخل أراضيها، والتي جرت بدعم مباشر من الولايات المتحدة، بحسب الرواية الإيرانية.
وقالت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، إن "الرد الإيراني الساحق قد بدأ"، مشيرة إلى إطلاق مئات الصواريخ الباليستية باتجاه العمق الإسرائيلي ضمن ما أطلقت عليه طهران اسم "عملية الوعد الصادق 3".
استمرار موجة الهجمات الإيرانية
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإيراني صباح السبت، أن الإطلاق الصاروخي القادم سيكون بنحو ألفي صاروخ، أي 20 ضعفًا من الهجمات السابقة.
وفي المقابل، وصف الإعلام العبري هذه التطورات بأنها "الأخطر" منذ بداية التصعيد، لافتًا إلى وقوع خسائر بشرية ومادية مباشرة في قلب تل أبيب.
وبحسب هيئة "البث الرسمية" الإسرائيلية، فقد أسفرت الضربات الإيرانية المتتالية عن مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 91 آخرين، بينهم حالات خطرة، نتيجة 6 موجات قصف طالت مناطق متفرقة من إسرائيل، أبرزها جنوب تل أبيب ووسط إسرائيل.
أعلن المتحدث باسم الجيش الإيراني صباح السبت، أن الإطلاق الصاروخي القادم سيكون بنحو ألفي صاروخ، أي 20 ضعفًا من الهجمات السابقة
وأشارت تقارير أولية إلى أن 21 شخصًا أصيبوا خلال الموجات الرابعة والخامسة والسادسة من القصف فجر السبت، في حين كانت موجة القصف الأولى قد أسفرت عن مقتل امرأة في وسط إسرائيل.
ووثقت صور حجم الدمار الذي خلفته الصواريخ الإيرانية في ريشون لتسيون جنوب تل أبيب. وأفادت وكالة "تسنيم" الإيرانية بأن مقر وزارة الحرب الإسرائيلية في منطقة كريات تل أبيب، إلى جانب مبنى وزارة الأمن، تعرضا لأضرار مباشرة جراء القصف الصاروخي الإيراني.
وبحسب الصور الأولى المتداولة من داخل إسرائيل، فإن الصواريخ الإيرانية سقطت رغم وجود منظومات الدفاع الجوي متعددة الطبقات.
كما ذكرت وكالة "تسنيم" أن الجيش الإيراني نفّذ هجومًا باستخدام طائرات مسيّرة ردًا على العدوان الإسرائيلي، وأوضحت أن عددًا من المسيّرات الانتحارية من طراز "آرش"، التابعة للقوات الإيرانية، نجحت في إصابة أهداف محددة داخل العمق الإسرائيلي وتدميرها بشكل كامل.
كما نقلت الوكالة عن المستشار الأعلى للقائد العام للحرس الثوري، العميد أحمد وحيدي، بأن الرد الإيراني شمل عدة أهداف، من بينها قاعدة "نفاطيم" الجوية، ومركز "أودا" الجوي الذي يضم مركز قيادة العمليات والحرب الإلكترونية، وهما من المواقع التي انطلقت منها الهجمات ضد إيران.

وأوضح وحيدي أن قاعدة "تل نوف" قرب تل أبيب كانت من بين الأهداف التي تم استهدافها أيضًا، إلى جانب وزارة الأمن ومجموعة من المراكز الصناعية والعسكرية داخل تل أبيب. وأشار إلى أنه تم تحديد أكثر من 150 هدفًا في إطار العملية، نُفذت الضربات عليها بدقة وعلى مراحل.
مسيّرات إسرائيلية داخل إيران
من جهتها، أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن مقتل اثنين من كبار قادة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في الهجوم الإسرائيلي، وهما العميد غلام رضا محرابي، المسؤول عن شؤون الاستخبارات، والعميد مهدي رباني، المسؤول عن العمليات في الهيئة نفسها.
كما أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن الدفاعات الإيرانية أسقطت مسيّرات إسرائيلية اخترقت الأجواء الإيرانية شمال غرب البلاد، وتحديدًا في منطقة سلماس الحدودية، متهمًا إسرائيل بإرسال هذه المسيّرات في مهام تجسس واستطلاع.
بدورها، أفادت وكالة "نور نيوز" الإيرانية اليوم السبت، بأن السلطات الإيرانية احتجزت عدة مركبات كانت تنقل طائرات مسيّرة إسرائيلية.
وكانت مصادر صحفية إسرائيلية قد تحدثت عن أن جهاز الموساد أخفى طائرات مسيّرة وصواريخ وأجهزة تشويش على الدفاع الجوي في إيران قبل هجومها أمس.
أفاد الصحافي الإسرائيلي أميت سيغال، نقلًا عن مصادر مطلعة، أن جهاز الموساد نفّذ عملية سرية استهدفت قوات الصواريخ الاستراتيجية ومنظومات الدفاع الجوي الإيرانية. ووفقًا للمصادر، قام الموساد بنشر أنظمة أسلحة دقيقة في مناطق مفتوحة قريبة من مواقع الدفاع الجوي الإيراني، وتم تفعيلها بالتزامن مع الغارات الجوية صباح اليوم، ما أدى إلى تعطيل تلك المنظومات.
كما أشار سيغال إلى أن الموساد أنشأ قبل مدة قاعدة لطائرات مسيّرة مفخخة داخل الأراضي الإيرانية، جرى استخدامها خلال الهجوم، حيث أُطلقت لاستهداف قاعدة "أشفق آباد" العسكرية وتدمير منصات إطلاق صواريخ أرض-أرض.

ضربات جوية ومسيرات في سماء المعركة
في تطور موازٍ، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اعترض عدة طائرات مسيّرة إيرانية في أجواء البحر الميت ومستوطنات جنوب الضفة الغربية، بالتزامن مع دوي صفارات الإنذار في تلك المناطق.
وذكرت الجبهة الداخلية التابعة للجيش أن هذه الإجراءات جاءت خشية تسلل المزيد من المسيّرات الإيرانية من الأراضي الأردنية أو البحر الميت باتجاه الداخل الإسرائيلي.
15 دقيقة من الجحيم: ثلاث دفعات صاروخية متتالية
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن إيران أطلقت ثلاث دفعات صاروخية جديدة خلال 15 دقيقة فقط، استهدفت شمال وجنوب ووسط إسرائيل دفعة واحدة، ما اعتبر تصعيدًا نوعيًا من حيث الكثافة والتوقيت. وأكدت الجبهة الداخلية الإسرائيلية أن طواقم الإنقاذ تعمل في عدة مواقع تضررت بشكل مباشر جراء سقوط الصواريخ، وأن عدد الهجمات الصاروخية التي نُفذت منذ مساء الجمعة ارتفع إلى ست موجات حتى فجر السبت.
رسالة مزدوجة: الرد مستمر والتصعيد مفتوح
تشير المؤشرات إلى أن إيران ماضية في تنفيذ عملياتها العسكرية دون الاكتراث بالتحذيرات الأميركية والإسرائيلية، فيما يبدو أن تل أبيب لم تنجح بعد في تحييد قدرة طهران على الرد الفوري. ويعكس استمرار الهجمات وتعقيد جبهاتها — ما بين الصواريخ الباليستية والمسيّرات متعددة الاتجاهات — دخول المنطقة في مرحلة تصعيد غير مسبوق، قد يدفع الأطراف الإقليمية والدولية نحو خيارات أكثر تطرفًا أو انخراطًا مباشرًا في المواجهة.