14-أبريل-2017

حق المواطنين في الاستشفاء جدل المغاربة الدائم (فاضل سنا/أ.ف.ب)

عاد النقاش مجددًا بالمغرب عن الوضع الصحي وحق المواطنين في الاستشفاء. وما أجج النقاش هذه المرة هو وفاة طفلة بمدينة تنغير جنوب شرق المغرب، بإحدى مستشفيات مدينة فاس، وسط المغرب، بعد أن تعذر عليها العلاج بمسقط رأسها بمدينة تنغير، تحديدًا جماعة "تودغى العليا".

75 في المئة من المستشفيات العمومية المغربية لم تعد توفر الحد الأدنى من العلاج ذي الطبيعة الأولوية

ويحكي فخر الدين، والد الطفلة إيديا، أنه صدم بغياب "السكانير" (جهاز التصوير الطبقي) الذي يلزم لتحديد شكل علاجها، واضطر لنقلها للمستشفى الجهوي "مولاي علي الشريف" بالرشيدية، وبعدها إلى فاس، في سيارة إسعاف مهترئة، حيث وافتها المنية متأثرة بنزيف دماغي حاد".

اقرأ/ي أيضًا: وفاة "إيديا".. الحرمان من العلاج يثير استياء المغاربة

أما عن تفاصيل الحادثة، فهو أن الطفلة إيديا كانت تلعب رفقة أسرتها، فتعثرت وسقطت، الأمر الذي نجم عنه إصابتها بجروح ورضوض، حيث تم نقلها إلى المستشفى الإقليمي لتنغير، لكنها لم تتلق إلا الإسعافات الأولية، بالنظر إلى غياب المعدات الطبية، الأمر الذي اضطر الأسرة إلى التوجه نحو المستشفى الجهوي بالرشيدية، إلا أن الطفلة إيديا "خضعت لتشخيص غير دقيق لحالتها"، وفقًا لرواية الأب. مما دفع الأطباء إلى توجيهه إلى طبيب مختص بفاس، لكنها وفي طريقها لفظت أنفاسها الأخيرة.

وفي نفس السياق، أدانت جمعيات حقوقية وفاة الطفلة إيديا، على رأسها شبكة جمعيات تنغير للتنمية والديمقراطية، التي جاء في بيانها "أنه كان بالإمكان إنقاذ حياة الطفلة "إيديا"، لو توفرت الشروط الأساسية، للتدخلات المستعجلة في مستشفى تنغير أو في الرشيدية". وحملت شبكة جمعيات تنغير للتنمية والديمقراطية المسؤولية، "للسلطات العمومية والصحية والهيئات المنتخبة بالإقليم".

وعلى إثر وفاة إيديا، تناقل نشطاء مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي صورها، بالكثير من الحزن والغضب. ودعا نشطاء إلى تنظيم وقفات احتجاجية عنوانها "بصمتنا نحن، تموت إيديا مرتين"، متضامنين مع عائلة "إيديا" ومنطقتها، خصوصًا وأنها معروفة بخيراتها الطبيعية مثل مناجم الذهب والفضة. وغزا هاشتاغ "أنا_إيديا" مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى الأرض، "إيديا" ليست إلا عينة من أشخاص كثر لم يتم إسعافهم بسبب غياب خدمات صحية مناسبة، تنقذهم من براثن الموت، في ظل ما يرصده المغاربة بشكل يومي من ترد للخدمات الصحية بالمغرب. في هذا السياق، يقول علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، ضمن حديثه لـ"الترا صوت": "إيديا ليست إلا صرخة جديدة لصناع القرار، خاصة للمسؤولين في تدبير الشأن الصحي بالمغرب، سبق وأكدت الشبكة أن 75 في المئة من المستشفيات العمومية، يجب إغلاقها إن استمرت الأمور على حالها، باعتبار أنها لم تعد توفر الحد الأدنى من العلاج ذي الطبيعة الأولوية لأجل إنقاذ حياة المواطنين المصابين، سواء في حوادث السير أو في الحوادث العادية".

اقرأ/ي أيضًا: تلامذة لبنان يشربون مياهًا ملوثة!

تعاني العديد من المستشفيات العمومية المغربية من غياب آليات التشخيص، غياب الأدوية وقلة الموارد البشرية

وأضاف: "أغلب المستشفيات العمومية لا تتوفر على آليات التشخيص، زيادة على غياب الأدوية وقلة الموارد البشرية. ويقدر عدد المستشفيات العمومية التي تلبي حاجيات المواطنين الصحية بـ144 مستشفى، هذه المستشفيات تفتح أبوابها لكن بداخلها لا نجد متطلبات الحاجيات الحقيقية لتلبية مستلزمات المواطنين في الاستفادة من  العلاج أو من إمكانيات التشخيص".

يستدرك رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، قائلًا إن "المغرب يتوفر على كفاءات عالية في المجال الطبي، ويتوفر أيضًا على الموارد البشرية اللازمة، لكننا نعاني من هجرة هذه الكفاءات نحو البلدان الأجنبية التي تقدرها. ينقص المغرب الإرادة السياسية، لدى صناع القرار ولدى المسؤولين عن وزارة الصحة، لأن هذه الأخيرة تتوفر على الإمكانيات المادية، لكن يتم تدبيرها بشكل فاسد".

لا نزال نعاني في المغرب من تقسيمه إلى نصفين، المغرب النافع وغير النافع،  بالرغم  من أن المراكز الاستشفائية في المدن الكبرى تعاني، هي الأخرى، من اختلالات خطيرة. يصعب الحديث بالمغرب عن العدالة الصحية، إذ يشتكي المواطنون بشكل مستمر من تردي الخدمات الصحية، سواء بالمدن أو في القرى، لكن الوضع أسوأ في المناطق الريفية، إذ بين الفينة والأخرى، يطل على المغاربة خبر مفاده وفاة سيدة حامل أو رضيع صغير أو وفاة أشخاص بسبب لسعات عقارب، وذلك نتيجة تأخر الإسعافات التي من شأنها إنقاذهم من الموت.

اقرأ/ي أيضًا:

الصحة.. صداع المواطن الجزائري

لقاحات الأطفال القاتلة تهز قطاع الصحة في الجزائر