24-مارس-2018

روبرت مولر (Getty)

هل سيتمكن دونالد ترامب من الإفلات بكل شيء اقترفه خلال حملته الانتخابية، أو بعدها؟ وكيف للنظام التشريعي الأمريكي أن يضمن المحاسبة والمسائلة للرئيس على الرغم من صلاحياته الموسعة؟. واشنطن بوست تضيء على هذه التساؤلات وغيرها من خلال التصدي التحليلي لسيناريو إقالة روبرت مولر المتوقع، والمزيد من التفاصيل المعمقة في هذه النسخة المترجمة بتصرف عنه.


في كل مرة يلوح فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متوعدًا روبرت مولر، تدور الكثير من النقاشات التشريعية الرامية لحماية المستشار الخاص. فمن شأن المقترح الرائد أن يمكن المحاكم من مراجعة قرارات الفصل لتحديد ما إذا كانت ذات "أسباب وجيهة" وفقًا للوائح المناسبة. إلا أن إسناد هذه السلطة للمحاكم ربما يزج بها في معترك سياسي مشحون، كما أن خوض هذه التجربة مع دور السلطات القضائية في ظل زعزعة الثقة في قانون المحامي المستقل الحالي، يشير إلى أنها ستكون خطوةً إلى الوراء نحو أخطاء الماضي.

لن يستطيع ترامب التملص من أي أدلة تدينه ضمن تحقيق روبرت مولر نظرًا للتشريعات التي تحمي الأدلة في حال الإطاحة بالمحقق

ثمة حل تشريعي متاح أكثر بساطة للتعامل مع قرارات الفصل التي ربما تكون مدفوعةً برغبة الرئيس لحماية نفسه، أو أسرته، أو من له علاقة به. من شأنه أن يحول دون سوء استخدام السلطة، بينما يحدد دور كل فرع من فروع الحكومة حسب أفضل أداء يمكن أن يحقق الغاية النهائية.

اقرأ/ي أيضًا: أدلة تؤكد تدخل روسيا في انتخابات أمريكا.. والمعركة تنتقل إلى السوشال ميديا

يمكن أن يطلب الكونغرس أن يقوم، في حالة فصل المستشار الخاص، بإبلاغ مجلسي النواب والشيوخ بآخر ما وصلت إليه تحقيقاته حتى تاريخ الفصل، مع الإشارة إلى الاهتمام بأي دليل على وجود نشاط إجرامي يتورط فيه الرئيس. وكجزء من هذا الإجراء، لابد أن يشير مولر إلى أي أدلة محمية بقواعد السرية، ليتمكن الكونغرس من اتخاذ إجراءات قانونية للحصول عليها.

سيحول هذا الإبلاغ دون حرمان الرئيس الكونغرس من الاطلاع على أدلة تحمل تفاصيل اتهام دامغة، كما يعيقه بعض الشئ من المضي قدمًا في قرار الفصل. وإذا كان قرار الفصل مستندًا على أسباب وجيهة، دون أن يشوبه مأرب فساد من أجل حماية ذاتية، فلن يكون لدى الرئيس ما يخاف إطلاع الكونغرس عليه بخصوص هذا الفصل. لكنه يدرك أن الدافع غير المشروع لقرار الفصل، من المحتمل أن يأتي ضمن التقرير المطلوب من مولر.

يتضمن قانون المحامي المستقل الذي تم إبطاله حاليًا، بندًا يفوض المستشار الخاص الإبلاغ عن أي أدلة "جوهرية وقطعية" على أفعال قد تشكل أرضية للاتهام. وقد اعترض النقاد على تأثير هذا البند الذي يمنع الكونغرس من أداء وظيفته لإجراء ما يراه من تحقيقات مناسبة في تلك الاتهامات. ففي قضية كلينتون-ستار، لم يأخذ مجلس النواب بالشهادات التي أُدلي بها، واعتمد بشكل كامل على محاضر تحقيقات المستشار الخاص كينيث ستار أثناء التصويت على إقالة الرئيس بيل كلينتون.

فصل روبرت مولر قد يدفعه إلى تقديم شهادة واضحة للكونغرس تتعلق بنتائج متعلقة بسوء السلوك الرئاسي بحق دونالد ترامب

لعلاج الخطر الناجم عن انتزاع المدعي العام التابع لأحد الأفرع التنفيذية لدور الكونغرس الصحيح، لا ينص القانون الحالي لتنظيم عمل المستشار الخاص على مثل هذا التقرير. إذ تتيح اللوائح للمستشار الخاص تقديم تقرير محدود لنائب المدعي العام، ولا يجوز لنائب المدعي العام أن يقدم تفسيرًا للتقرير أمام الكونغرس إلا بشروط محدودة مماثلة. في الظروف العادية، يعكس هذا الإجراء بشكل معقول أهمية وظيفة الإبلاغ حسب القانون القديم.

ولكن إذا رفض الرئيس السماح بالتحقيق حسب هذه الآلية، مع وجود دافع محتمل لتهربه أو تهرب أحد أتباعه من المسؤولية عن سلوك إجرامي، فإن هذا التقرير المحدود سوف يخدم أغراض الفساد. كما يشجع الرئيس على متابعة تعطيل سير التحقيقات من خلال استبعاده بعض الأدلة وثيقة الصلة بأداء الكونغرس لمسؤولياته الدستورية.

اقرأ/ي أيضًا: ترامب.. النسخة الأكثر فشلًا من نيكسون

لا يتضمن مُقترح التقرير المطروح الاستعانة بمولر لتقييم أسس الاتهام، كما أنه لن يكون له حرية تصرف في ذلك، أو في أي جانب من جوانب التقرير، بما في ذلك تقديمه أي تقرير من هذا القبيل على الإطلاق. ففصله قد يدفعه إلى تقديم شهادة واضحة للكونغرس تتعلق بنتائج متعلقة بسوء السلوك الرئاسي. في الحقيقة، قد يرسم التقرير بداية التحقيق. لكنه لن يحل محله.

من المفترض أن تكون معارضة هذه التدابير صعبةً إلى حد ما. فهي في حد ذاتها شرط للشفافية، وتُفرض على المستشار الخاص فقط في حال طرأت ظروف يحتاج فيها الكونغرس إلى توضيحات محددة بشأن ما إذا كان الرئيس يتدخل في آلية العدالة من أجل مصلحته الخاصة. وعلى الجمهوريين الذين يدعون دعم مولر تفسير معارضتهم لإجراءات بسيطة تمنع الرئيس من فصل مولر، بغرض حماية نفسه، وللحيلولة دون حجب نتائج التحقيق عن الكونغرس.

سيبقى دونالد ترامب مكبلًا بحزم من التشريعات التي تمنع إفلاته من أي تبعات لما يثبت تورطه فيه من اختراقات للوائح وسوء السلوك الرئاسي

بطبيعة الحال، إذا ما مُرر قانون لحماية المستشار الخاص، فإن الرئيس قد يعترض عليه، إلا أن هذا الاعتراض سوف يفضح نواياه الرامية إلى الإبقاء على خيار الإطاحة بمولر، ودفن نتائج تحقيقه. وبغض النظر عما إذا كان الكونغرس سوف يتخطى اعتراضه على القانون أم لا، فسوف تكون تلك لحظة فارقة بلا شك في هذه الرئاسة.

لا يُخشى من اشتراط تقرير فصل المستشار الخاص إحياء نموذج المستشار المستقل، فهو يقضي باستخدام تدبير شفافية محدود لدعم الرئاسة، والكونغرس، والمحاكم في أداء وظائفهم الدستورية، مع الحد من احتمالات سوء استخدام السلطة. إذ سيحتفظ الرئيس بسلطة إقالة مسؤول تابع له، ولكن ليس من دون عواقب مترتبة على ذلك، في حالة وجود دافع مؤكد.

علاوة على ذلك، ستفصل المحاكم في المسائل القانونية العادية دون التطرق إلى تعقيدات فصل الرئيس لأحد مسؤوليه في الظروف المشحونة سياسيًا "لأسباب وجيهة". فخلال قضية كلينتون-ستار، تضرر القسم الخاص لمحكمة الاستئناف بالولايات المتحدة، والمخول بتعيين المستشار المستقل، بسبب الشكوك المثارة حول الدوافع السياسية المحتملة وراء تعيين ستار. وفي ذلك الوقت المفعم بالاستقطاب المتزايد، لن تستطيع المحكمة أداء وظيفتها بشكل جيد، بالإضافة إلى زعزعة ثقة الجمهور في السلطة القضائية، بتكليف قضاتها بمسؤولية النظر في فصل الرئيس لمستشار خاص.

يعتمد دونالد ترامب أسلوب الإقالة للتخلص من التهديدات على عهده، لكن في قضايا التحقيق لن ينفعه هذا التكتيك

تلك هي مسؤولية السلطة التشريعية. فإذا نص القانون على أن يقدم مولر، في حالة الإطاحة به، تقريرًا عن أي أدلة تشير إلى مخالفة رئاسية، سيتمكن الكونغرس بهذه الطريقة من تحقيق هدفين في وقت واحد: توجيه رسالة تحذيرية للرئيس في حالة عرقلته للعدالة من وراء ستار اتخاذ إجراءات عقابية، وضمان الحفاظ على أدلة التحقيق ذات الصلة بالإقالة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نيويورك تايمز: تحقيقات جديدة تطال مرتزقة أبوظبي في واشنطن

تسريبات تكشف دور الإمارات بإقالة تيلرسون لرفضه حصار قطر