29-سبتمبر-2017

تنفق دول عربية ببذخ على التسليح رغم الأزمات الاقتصادية (Getty)

رغم الأزمات الاقتصادية التي تغرق فيها المنطقة العربية، إلا أن ذلك لم يمنع انطلاق ما يشبه سباق تسلح بين بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بصفقات أسلحة تقدر بمليارات الدولارات، في ظل اضطرابات اجتماعية وأزمات سياسية تعيشها المنطقة. ونعرض لكم في هذا التقرير أبرز صفقات السلاح المبرمة في العالم العربي خلال 2017.

رغم الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنّ ذلك لم يمنع المنطقة العربية من أن تشهد خلال العام الجاري، ما يشبه سباق تسلح

1. المغرب.. 3.4 مليار دولار على التسليح

اقتنى المغرب في هذه السنة قنابل ذكية تعمل بأنظمة توجيه، بالإضافة إلى 162 دبابة من نوع "أبرامز"، كما كشفت إحدى الوثائق الأمريكية. وقال تقرير صادر عن شركة "الاستخبارات الدفاعية الاستراتيجية" إن المغرب يتجه نحو الرفع من ميزانية الدفاع لاستيراد أسلحة نوعية، تشمل الطائرات الحوامة والغواصات وأنظمة الرادارات، إضافة إلى مقاتلات جوية وسفن حربية.

اقرأ/ي أيضًا: تاريخ صناعة السلاح في إسرائيل.. 3 مراحل و3 أهداف 

 وفي هذا السياق ترددت أنباء عن أن المغرب يبحث إمكانية عقد صفقة مع روسيا لاقتناء الغواصة الروسية "أمور 1650 "، وإمكانية شراء طائرات مُقاتلة من نوع سوخوي سو34، كما يوشك بنهاية السنة على إطلاق قمر صناعي من قاعدة إطلاق تابعة لمنطقة غويان الفرنسيّة، لأغراض استخباراتية عسكرية، حسب ما أفادت تقارير صحفية.

ويعد المغرب ثاني بلد من حيث الإنفاق العسكري في شمال إفريقيا بعد الجزائر، إذ بلغت ميزانية الدفاع لهذا العام حوالي 3.4 مليار دولار، ومن المرتقب أن ترتفع في السنوات القادمة.

2. الجزائر.. الأولى إفريقيًا في الإنفاق على التسليح

لم يمنع تراجع عائدات النفط أن تبرم الجزائر صفقات سلاح جديدة في هذا العام، حيث اشترت 300 دبابة روسية حديثة الطراز، من نوع "تارميناتور"، حسبما نقل موقع "ديفونس ويب"، وتمتاز هذه الدبابة المصنعة من طرف شركة "أورال فاغون زافود" الروسية، بقدرتها التكنولوجية على التعامل مع الإشعاعات النووية والبيولوجية والكيماوية، وكانت أيضًا كل من إسرائيل وسوريا قد تقدمتا بطلب لشرائها.

ويُرتقب أن تتسلم الجزائر نهاية العام دفعات جديدة من مقاتلات "سوخوي 35" الروسية، الصفقة التي تمت سنة 2013، كما تنتظر تسلم عتاد حربي من ألمانيا، حيث أشار تقرير حكومي لألمانيا حول تصدير الأسلحة، إلى أن الجزائر كانت من أبرز زبنائها في 2016.

ويذكر "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام" أن الجزائر هي أكثر البلدان إنفاقًا على السلاح في إفريقيا، حيث تمثل لوحدها نسبة %46 من مجموع إنفاق القارة، وتصل ميزانية الجيش الجزائري إلى قرابة 10 مليار دولار خلال هذه السنة.

3. مصر.. صفقات مشبوهة لشراء شرعية النظام

بعد الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، وفي سياق التوجه نحو "عسكرة" الحكم، عقدت مصر العديد من صفقات السلاح بمئات ملايين الدولارات، رغم ما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة يُعاني من أثرها المواطن المصري.

وخلال هذا العام، تسلمت مصر هذا العام فرقاطة بحرية فرنسية من طراز " جوويند"، وأقيمت بهذه المناسبة احتفالية كبرى بميناء لوريون بفرنسا، لتعزز مصر بهذه الوحدة الجديدة عتادها البحري، بعدما أبرمت صفقات مماثلة مع فرنسا خلال السنوات الأخيرة.

ومن المنتظر أن تتسلم مصر نهاية السنة 15 مروحية من نوع "كا- 52" من شركة "مروحيات روسيا"، لوضعها على حاملة الطائرات ميسترال، التي حصلت عليها العام الماضي، ويجري مناقشة إمكانية توريد منظومة الدفاع الجوي "إس – 400" المتطورة، بحسب تصريح رئيس الدائرة الاتحادية للتعاون العسكري التقني ديمتري شوجاييف.

على نهج 2016، تكمل مصر مسيرة الإنفاق ببذخ على التسليح، رغم ما تعانيه من أزمة اقتصادية حادة

وجاء هذا التوجه المصري نحو استيراد الأسلحة من فرنسا وروسيا، بعد تأزم العلاقات السياسية بين واشنطن والقاهرة على خلفية الملف الحقوقي، حيث حظرت إدارة أوباما إيراد السلاح إلى مصر، لتفتح بعدها إدارة ترامب الجديدة إمكانية التصدير لكن بشكل محدود، ورغم ذلك تقول الاستخبارات الأمريكية إن مصر ستستورد هذا العام طائرات  "إف 16" ورادارات  ومعدات حربية بقيمة 70 مليون دولار.

اقرأ/ي أيضًا: "تجارة الأمن القومي".. صفقات السلاح تضخ المليارات في جيوب السيسي

وتأتي هذه الصفقات العسكرية التي عقدتها مصر في ظل أزمة اقتصادية ونشبة تضخم مرتفعة، وغلاء معيشي تعاني منه الفئات الشعبية. لكن قد تبدو تلك الصفقات مفهومة في سياق سعي عبدالفتاح السيسي ونظامه شراء رعية دُولية بعد انقلابه العسكري على أول نظام حُكم مدني منتخب في تاريخ الجمهورية المصرية. 

كذلك يُصبح الإنفاق الباذخ على التسليح من خزينة الدولة، مفهومًا في إطار الشبهات التي تتخلل تلك الصفقات، باستفادة السيسي بعمولات بالمليارات من وراء تلك الصفقات!

4. الإمارات.. التسليح للقمع والتعذيب

الإمارات هي الأخرى اشترت في منتصف العام 60 صاروخًا من طراز "باتريوت باك-3" و 100 صاروخ من طراز "جيم- تي" من الولايات المتحدة الأمريكية، بقيمة ملياري دولار، حسبما أعلن البنتاغون.

وكانت الإمارت قد أبرمت 10 صفقات بقيمة بلغت 1.88 مليار دولار، خلال فعاليات مؤتمر الدفاع الدولي "أيدكس 2017" ومعرض الدفاع البحري "نافدكس 2017"، حيث تعاقدت مع شركة "إنترناشيونال غولدن جروب" و"رايتون كومباني" لشراء ذخائر وصواريخ لصالح القوات الجوية، كما تعاقدت مع شركتي "كلوب سيميلايشن سيستيم" و "رهينمونتال ديفونس إلكترونيك" لشراء وتركيب أنظمة المحاكاة للتدريب القتالي، بالإضافة إلى معدات إلكترونية.

لكن لا يتوقف الأمر عند ذلك، فبحسب معهد شؤون الخليج، الواقع مقره في واشنطن، ووفقًا لما ورد في مذكرة سرية لوزارة الخارجية الأمريكية، فقد عقدت الإمارات صفقة شراء أسلحة بقيمة 100 مليون دولار من كوريا الشمالية. الحكاية لم تنتهي عند ذلك، فالإمارات تريد شراء هذه الأسلحة لاستخدامها في اليمن، وهنا تتضاعف المشكلة.

فبصرف النظر عن دعمها لنظام ديكتاتوري موصوم بانتهاكاته بالجملة لحقوق الإنسان، بصفقة بهذا المبلغ، تكمن المشكلة الحقيقة في استخدام هذا السلاح في اليمن، في ظل السمعة السيئة للإمارات وقواتها والقوات الموالية لها هناك، من جهة ممارستها نتهاكات حقوقية وإدارتها لسجون سريعة تمارس فيها تعذيبًا وحشيًا.

5. قطر.. تعزيز للقوة في ظل مؤامرات الجيران

عقدت قطر كذلك في هذا العام صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بلغت 12 مليار دولار، مقابل سرب طائرات "إف 15" مقاتلات، ما "سيرفع القدرات الفنية لقطر في المجال الجوي، ويعزز التعاون الأمني والعمل المشترك بين الولايات المتحدة وقطر"، وفق تصريح المتحدث باسم البنتاغون.

بجانب ذلك، اقتنت قطر سبع قطع بحرية عسكرية من إيطاليا بقيمة خمسة مليارات يورو، مما يطور أسطولها البحري ويقوي علاقاتها السياسية كذلك مع روما، فيما تنتظر تسلم أسلحة حربية ومعدات عسكرية من روسيا، طبقًا لاتفاقيات مبرمة سابقًا بين الطرفين.

هذا وتأتي صفقات قطر العسكرية خلال هذه السنة من أجل تعزيز أمنها القومي، في خضم أزمة حصار قطر، خاصة وقد ترددت الأنباء عن نوايا دول الحصار في تخطيط عسكري ضد قطر، وهو ما أكده تصريح لأمير الكويت.

6. السعودية.. سلاح كثير وقمع أكثر وتطبيع إسرائيلي أسهل

بالنظر إلى صفقة السعودية لهذا العام، تعتبر صفقات السلاح للدول السالفة متواضعة، وربما كذلك صفقات كل دول العالم! إذ عقدت السعودية خلال زيارة دونالد ترامب للرياض الصفقة العسكرية الأضخم في التاريخ، بقيمة بلغت 350 مليار دولار، مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ستورد لها الأخيرة دفعات أسلحة متطورة على مدار العشر سنوات القادمة، وتشمل طائرات "إف 15" و "إف 16"، وأنظمة الدفاع "ثاد" الصاروخية، وتأسيس مركز تجميع لطائرات "بلاك هوك"، علاوة على معدات حربية ولوجيستية أخرى.

السعودية هي ثاني أكبر مستورد للسلاح في العالم بعد الهند، فخلال الفترة ما بين 2012 و2016 ارتفعت نسبة استيرادها للسلاح 212%

ومن المفترض أن تتضمن هذه الصفقة إنشاء شركة صناعات عسكرية سعودية، لكن ذلك لن يغنيها عن استيراد الأسلحة وتكنولوجيتها الحديثة، خاصة من الولايات المتحدة، خاصة وأن الصفقة برمتها تأتي في سياق شراء ولاء إدارة ترامب.

وكان"معهد ستوكهولم لأبحاث السلام" قد صنف السعودية في تقرير له كثاني أكبر مستورد للسلاح في العالم بعد الهند خلال الفترة ما بين 2012 و 2016، بارتفاع بنسبة %212 مقارنة مع الفترة ما بين 2007 و2011، لكن لا يبدو أن لذلك انعكاس على القدرة القتالية كما يتضح الحال في حرب اليمن.

هذا وتخوض جماعات حقوقية وقوى سياسية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، حملة شرسة ضد حكوماتها للضغط عليها لتجميد تصدير الأسلحة إلى السعودية، على خلفية انتهاكات إنسانية في الحرب على اليمن. 

وإضافة إلى شراء الولاءات الدولية للقصر الملكي، فإن السعار السعودي نحو الصرف الباهظ على التسليح، يتقاطع مع ما كشفه موقع "فيترانس توداي" البحثي، العام الماضي، عن إبرام مذكرة تفاهم، في عام 2014، حول تعاون عسكري مشترك بين السعودية والاحتلال الإسرائيلي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، لتنكشف بذلك رحلة التطبيع الخفي بين السعودية وإسرائيل، الذي ربما يكون الإسراف في شراء السلاح من قوى غربية حليفة بالضرورة لإسرائيل، واحدة من ممهدات هذا التطبيع.

 

صفقات السلاح في العالم العربي

اقرأ/ي أيضًا:

إنفوغراف: ما هي حقيقة الميزان العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية؟

في أمريكا أيضًا.. السلاح زينة الرجال!