02-أغسطس-2018

ضغطت السعودية والإمارات من أجل إقالة ريكس تيلرسون نتيجة إفشاله لخطة غزو قطر (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

بطريقة غريبة ومفاجئة، علم وزير الخارجية الأمريكي السابق، ريكس تيلرسون، بإعفائه من منصبه في أواخر شهر آذار/ مارس الماضي، فيما كانت الترجيحات تشير جميعها، إلى أن مواقفه من روسيا كانت السبب الأساسي وراء خطوة الرئيس دونالد ترامب، خاصة أن إقالته جاءت بعد 13 ساعة فقط من إدانته لموسكو في تسميم العميل الروسي المزدوج في سالزبري.

ضغطت السعودية والإمارات من أجل إقالة ريكس تيلرسون بسبب موقفه من حصار قطر

لكن موقع إنترسيبت، كشف في تقرير نشره يوم أمس الأربعاء الأول من آب/ أغسطس الجاري، أن هناك أسبابًا أخرى لا تتعلق بروسيا، التي يثير ود ترامب لها حفيظة مؤسسات الدولة. حيث بين الموقع الأمريكي أن المعلومات في الفترة التالية، كشفت بقوة أن الدول التي كانت تمارس الضغط أكثر من أي جهة أخرى لإقالة تيلرسون هي السعودية والإمارات، حيث كان كلاهما مستاءً من محاولات وزير الخارجية السابق للتوسط وإنهاء الحصار المفروض على قطر، منذ شهر حزيران/ يونيو من العام السابق. وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد أشارت إلى أن سفير الإمارات المثير للجدل في واشنطن، يوسف العتيبة، علم أن تيلرسون سيقال قبل 3 أشهر.

وكشف إنترسيبت من خلال مسؤولين في المخابرات والخارجية الأمريكية، رفضوا ذكر أسمائهم بسبب حساسية الموضوع، أنه وفي صيف عام 2017، وقبل أشهر من بدء دول الحصار ضغطًا للإطاحة به، فإن تيلرسون قد تدخل لوقف خطة سرية من أجل الهجوم العسكري على قطر، نسقتها الرياض وأبوظبي.

وفي الأيام التي تلت ذلك وبالفعل، قطعت ثلاث دول خليجية هي الإمارات والسعودية والبحرين، بالإضافة إلى مصر علاقاتها مع قطر، وفرضت حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا على الدوحة، متذرعة بتصريحات ملفقة لأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بعد اختراق لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، انكشف لاحقًا من عدة مصادر أنه تم بإدارة إماراتية ومن داخل وزارات سيادية سعودية.

وقام تيلرسون وقتها بسلسلة من المكالمات الهاتفية من أجل حث المسؤولين السعوديين على عدم اللجوء إلى التدخل العسكري. وهو ما وُصف باعتباره جزءًا من جهود الإدارة الأمريكية لحل الأزمة الخليجية.

اقرأ/ي أيضًا: قطع العلاقات مع قطر.. كل شيء عن مؤامرة أبوظبي

وقد حث تيلرسون في المكالمات التي عُرف مضمونها لاحقًا، العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي ولي العهد وقتها، محمد بن سلمان، بالإضافة إلى وزير الخارجية عادل الجبير، ألا يقوموا بمهاجمة قطر أو القيام بأي تصعيد عسكري. كما شجع تيلرسون وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، على استدعاء وزير الدفاع السعودي لتبيان مخاطر القيام بمثل هذه الخطوة.

وقد تسبب الضغط من تيلرسون، حسب ما يورد الموقع، في أن يتراجع محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، عن هذه الخطة، بسبب قلقه من أنها ستضر بالعلاقات السعودية مع الولايات المتحدة على المدى البعيد. لكن تدخل تيلرسون قد أثار غضب محمد ابن زايد، ولي عهد أبوظبي وولي العهد والحاكم الفعلي للإمارات، حسب مسؤول في الاستخبارات الأمريكية، ومصدر آخر مقرب من آل زايد، رفض الكشف عن هويته بسبب مخاوف بشأن سلامته.

حث تيلرسون العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي ولي العهد وقتها، محمد بن سلمان، ألا يقوموا بمهاجمة قطر 

وفي وقت لاحق من نفس شهر حزيران/ يونيو، تم تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد، بعد الإطاحة بولي العهد السابق وابن عمه، وهو ما أشار إلى نفوذه المتنامي في المملكة.

تفاصيل الخطة

وحسب الخطة التي كانت معدة لغزو قطر، فإنه كان يفترض من القوات البرية السعودية اختراق الحدود البرية مع قطر، مدعومة من القوات الإماراتية، وأن تستمر بالتوغل داخل الأراضي القطرية حوالي 70 ميلاً من أجل السيطرة أخيرًا على العاصمة الدوحة.

وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر ناويرت، قد قالت للصحافيين في الـ20 من شهر حزيران/ يونيو ذاته، إن تيلرسون أجرى أكثر من 20 مكالمة واجتماعًا مع ممثلين خليجيين وغيرهم، فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، منها ثلاثة اتصالات واجتماعان مع وزير الخارجية السعودي. مضيفة أنه "كلما مر وقت أكثر، ستزيد الشكوك بخصوص نوايا السعودية والإمارات العسكرية".

اقرأ/ي أيضًا: مرتزقة غزو العراق في خدمة بروباغندا أبوظبي.. فيلم فاشل ضد قطر

وحسب الموقع الأمريكي، فإن خطة غزو قطر، تطرح أسئلة حول نزعات التدخل عند اثنين من أقرب حلفاء الولايات المتحدة وأكبر عملائها في سوق الأسلحة. حيث إنه وفي السنوات الأخيرة، أظهر البلدان قابلية لاستخدام القوة العسكرية من أجل إعادة تصميم السياسة الخليجية، وهو ما ترافق مع التدخل في البحرين من أجل قمع الاحتجاجات في عام 2011، بالإضافة إلى شن حرب مدعومة من الولايات المتحدة، دمرت اليمن وتسببت بمجاعات وكوارث إنسانية، ما زالت مستمرة منذ ثلاث سنوات.

ولم تكن محاولات تيلرسون لتهدئة الصراع في الخليج متفقة مع التصريحات القادمة من البيت الأبيض. حيث وقف ترامب في أول الأمر، بشكل كامل مع الحصار، وقال إنه "ربما يكون بداية النهاية لرعب الإرهاب". وبينما طالب تيلرسون دول الخليج برفع الحظر، صدق ترامب رواية السعودية والإمارات.

 تطرح خطة غزو قطر أسئلة حول نزعات التدخل عند اثنين من أقرب حلفاء الولايات المتحدة وأكبر عملائها في سوق الأسلحة

ووفقًا لأحد التقارير الإخبارية، فقد شكك مساعدو تيلرسون في وجود هناك يد لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، في الموقف الملتبس لترامب، حيث كانت له علاقة وثيقة مع صهر ترامب ومستشاره، جاريد كوشنر، وحافظ على خط تواصل ثابت معه.

أهداف اقتصادية

وبين الموقع أن بعض المراقبين الخليجيين يتوقعون أن الحافز وراء خطة التدخل العسكري كان اقتصاديًا بشكل جزئي. حيث يعتمد النظام الاقتصادي في السعودية على أسعار النفط المرتفعة، التي تراجعت منذ عام 2014. ومنذ وصول الملك سلمان إلى السلطة في عام 2015، أنفقت المملكة أكثر من ثلث احتياطياتها البالغة 737 مليار دولار، وفي العام الماضي، دخل الاقتصاد السعودي في حالة ركود عميقة.

اقرأ/ي أيضًا: سنة على حصار قطر.. إقرار دولي باتزان الدوحة وبراعة إنجازاتها

وكان من المفترض، إذا نجحت الخطة في السيطرة على الدوحة، أن يكون حلفاء الحصار قادرين على الوصول إلى صندوق الثروة السيادية في البلاد، والبالغ 320 مليار دولار. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، وبعد أشهر من انهيار الخطة، قام ولي العهد السعودي بجمع واعتقال العشرات من رجال الأعمال وأبناء العائلة الحاكمة في فندق ريتز كارلتون في الرياض، مما أجبرهم على التوقيع على التخلي عن المليارات من أملاكهم الخاصة. وبررت الحكومة هذه الاعتقالات باعتبارها حملة من أجل قمع الفساد.

ابتداءً من خريف 2017، بدأ المسؤولون الغاضبون من فشل غزو قطر، في الرياض وأبوظبي، بالضغط على البيت الأبيض لإقالة تيلرسون

وابتداءً من خريف 2017، بدأ المسؤولون الغاضبون من فشل الخطة، في الرياض وأبوظبي، بالضغط على البيت الأبيض لإقالة تيلرسون، بحسب مصدر مقرب من العائلة المالكة الإماراتية ومصدر آخر قريب من العائلة المالكة السعودية.

ولم يكن لدى أي من المسؤولين الحاليين أو السابقين الذين قابلهم موقع الانترسبت، فكرة مباشرة عن سبب إقالة ترامب لتيلرسون. لكن أحد المصادر أخبر الإنترسيبت أن التوقيت كان مهمًا، حيث جاء قبل أسبوع واحد من وصول ولي العهد السعودي الجديد إلى واشنطن. وخلال تلك الزيارة، كان من المقرر أن يناقش ابن سلمان، الأزمة الخليجية ومبيعات الأسلحة المستقبلية مع الإدارة الأمريكية.

هكذا تتضح خلفيات استغناء دونالد ترامب عن مخططه الاستراتيجي منذ ما قبل البدء بحملته الانتخابية. إذ يعرف عن ريكس تيلرسون دوره "المهلم" لترامب في كثير من جوانب قراراته، خاصة تلك التي تتعلق بإغلاق الحدود والاشتغال الدعائي والعملي على الحمائية الاقتصادية، التي تعد بدورها من المبادئ المؤسسة لرجل الإعلام الأبيض العنصري ريكس تيلرسون. ترامب يضحي بالرجل الذي أوصله نسبيًا إلى عتبة البيت الأبيض على مائدة صفقات التسليح وأموال لوبيات أبوظبي والرياض. من هنا يتضح أيضًا الدور المخاتل لإدارة ترامب في إدارة الأزمة الخليجية، رغم الموقف المؤسسي الأمريكي الذي يراها منبعًا لنزع الاستقرار عن بقعة جغرافية لا يمكن لواشنطن الاستغناء عن نفطها أو جغرافيتها.  

 

اقرأ/ي أيضًا:

على ضوء الحملة المدبرة ضد قطر.. هل تصاعد الخلاف داخل الإدارة الأمريكية؟

السعودية والإمارات أكبر الخاسرين من الحصار الفاشل ضد قطر