29-أغسطس-2021

إليزابيث هولمز (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

أدينت إليزابيث هولمز في حزيران/يونيو 2018 بالاحتيال على المستثمرين بعد انهيار شركتها الناشئة المتخصصة في مجال فحص الدم. الفكرة التي قدمتها إليزابيث هولمز كانت تقنية ثورية يصعب مقاومة إغرائها، تتمثّل في توفير آلة قادرة على إجراء نطاق من الفحوصات على عينة صغيرة من الدم، تكون بديلًا عن الآلية التقليدية في سحب الدم من الوريد وما تسببه من إرباك وإزعاج، وما يرتبط بها من تكلفة. بعد عرض الفكرة، انهالت على إليزابيث هولمز عروض تمويل بالغة السخاء من عدة صناديق استثمارية في الولايات المتحدة، ما جعل إليزابيث هولمز أصغر وأول مليارديرة شابّة دخلت إلى هذا النادي بفضل "جهدها" الشخصي والعصامي.

تبلغ ثروة إليزابيث هولمز (37 عامًا) بحسب آخر تقييم لشركة "ثيرانوس" عام 2015، بحوالي 4.5 مليار دولار أمريكي

لكن سرعان ما انكشف أمر الشركة التي أنشأتها إليزابيث هولمز، وهي شركة "ثيرانوس". فبعد تقارير لصحيفة وول ستريت جورنال، نشرت عام 2015، تبين وجود عدد من الفجوات في دقّة وسلامة الفحوصات التي تجريها الأجهزة التي تدعي الشركة تطويرها. وبحلول العام 2016، وجدت الشركة التي بلغت قيمتها 9 مليارات دولار في إحدى اللحظات، أنها قد وقعت في شرّ أعمالها، وبدأت تلاحقها دعوات قضائية كبرى وعمليات تحقيق حكومية. وفي تموز/يوليو ذلك العام، تقرر بعد نظر مفتشين فدراليين، أن الشركة قد أخفقت في حماية صحة المرضى وعرضتهم للخطر. في آذار/مارس 2018، توصلت إليزابيث هولمز إلى تسوية لقضية قضائية مدينة مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، لكن الرئيس السابق للشركة، وعشيق إليزابيث هولمز السابق أيضًا، راميش "ساني" بالواني، ما يزال مصرًا على إتمام المعارك القانونية إلى نهايتها. ومن المقرر أن تقف كل من إليزابيث هولمز وبالواني أمام هيئتين قضائيتين منفصلتين عند بدء محاكمتها جنائيًا، والتي تأجلت عدة مرات خلال الفترة الماضية بسبب الظروف التي فرضتها جائحة كوفيد-19، ثم الحمل، ومن المقرر أن تبدأ جلسات المحكمة في 31 آب/أغسطس 2021.

إليزابيث هولمز 

قصّة جامحة للحسناء المحتالة

"لقد قلبت قصّة صعود وانهيار شركة "ثيرانوس" الصاعدة عالم التقنية رأسًا على عقب". وبحسب الغارديان، فإن قصّة الشركة وصاحبتها كانت قد ألهمت الملايين في الولايات المتحدة والعالم، وصار اسم إليزابيث هولمز، كأول مليارديرة عصاميّة شابة، عنوانًا يتصدّر الصحف العالمية والعديد من الكتب والبرامج والوثائقيات.

فقد قررت إليزابيث هولمز في العام 2003 أن تنسحب من جامعة ستانفورد، وكانت حينها لم تبلغ 20 عامًا من العمر، وقررت أن تتقدّم بطلب براءة اختراع لتسجيل تقنية قادرة على إجراء نطاق واسع من الفحوصات الطبية بالاعتماد على عينة صغيرة فقط من الدم، بنخزة واحدة من الإصبع. ادّعت إليزابيث هولمز أن الفكرة راودتها طويلًا بسبب معاناتها من الإبر وعمليات سحب الدم وخوفها الشديد منها، وقالت إنها قررت أن تحدث ثورة في قطاع الصناعات الطبية، والتخلص من الحاجة للاعتماد على عينات الدم الكبيرة من أجل فحص الدم لغايات تشخيص الأمراض.

في العام 2013 بدأت إليزابيث هولمز بالترويج رسميًا لهذه التقنية، وسرعان ما تلقفت قصتها وسائل الإعلام وصارت الوجه المحبوب والمفضّل محليًا وعالميًا، حيث تجد صورتها على أغلفة المجلات الكبرى، مثل فوربس وفورتشن، وجذبت الشركة أسماء كبرى في مجلس إدارتها، من بينهم وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس، ووزيرا الخارجية الأسبقين جورج شولتز، وهنري كيسنجر، وغيرها من الأسماء البارزة وعلى أعلى المستويات في الولايات المتحدة.

وصارت إليزابيث هولمز أصغر مليارديرة عصامية عام 2015، وبلغ الأمر حدّ مقارنتها بعمالقة التقنية في الولايات المتحدة، مثل ستيف جوبز، والذي كان مثلًا أعلى بالنسبة إلى إليزابيث هولمز كما ادعت في العديد من اللقاءات والحوارات.

كانت حكايتها وصورتها ملهمة ومغرية للجميع.

لكنها لم تقو على الصمود كثيرًا. ففي العام 2015، كشفت وول ستريت جورنال في تحقيق استقصائي، بأن معظم الاختبارات التي ادعت شركة "ثيرانونس" تنفيذها عبر أجهزتها التي تدعي تطويرها، كانت في الواقع تنفّذ في مختبرات أخرى وعلى أجهزة مختلفة، أما الاختبارات التي كانت تجرى على أجهزة الشركة، التي تعرف باسم "إديسون" (Edison) فكانت نتائجها غير دقيقة وغير متسقة، ولا يمكن الاعتماد عليها طبيًا.

أثارت التقارير موجة من الإرباك والصدمة، وبدأت الجهات المعنية بتنفيذ تحقيقاتها الأولية، وسرعان من بدأت ثيرانونس التي تملكها إليزابيث هولمز، بسحب اختباراتها واستدعاء أجهزتها، ما تسبب بانهيارها السريع، فتخلت إليزابيث هولمز عن منصبها كرئيسة تنفيذية في الشركة في منتصف العام 2018، ثم تمت تصفية الشركة في أيلول/سبتمبر من العام ذاته.

وقد توصلت الشركة وإليزابيث هولمز إلى تسوية مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، التي اتهمتها بالتورط "بسنوات من الاحتيال المعقّد"، فدفعت إليزابيث هولمز غرامة قدرها نصف مليون دولار أمريكي، في اتفاق لم يتضمن إلزامها بالاعتراف بالاتهامات أو إنكارها.

لكن ذلك لم يعنِ إسقاط الدعاوى الجنائية ضد إليزابيث هولمز وشريكها، ورفيقها السابق، التي رفعت ضدها في الولايات المتحدة.

فقد وجهت إلى هولمز وبلواني تهم تتعلق بالاحتيال على المستثمرين والمرضى، وعرض ادعاءات كاذبة بشأن فعالية التقنيات التي تمتلكها الشركة فيما يتعلق بفحوص الدم، وذلك على مدى خمس سنوات، بين العامين 2010 و2015. ووفق لائحة الاتهام، فإن إليزابيث هولمز وشريكها بلواني كانا على علم بأن تقنيات شركة ثيرانونس غير قادرة على تقديم نتائج دقيقة ويمكن الاعتماد عليها بشكل متسق في بعض فحوصات الدم، لكنهما قدما صورة مخالفة لذلك للمرضى والأطباء على السواء.

تبلغ ثروة إليزابيث هولمز 4.5 مليار دولار (Getty)

كما وجه الادعاء العام تهمًا ضد إليزابيث هولمز بالاحتيال على المستثمرين، عبر تقديم تقديرات مبالغ بها بخصوص الإيرادات المتوقع للشركة تحقيقها، والتي ادعت الشركة أنها ستبلغ مليار دولار أمريكي عام 2015، رغم أن الشريكان كانا على قناعة بأن الشركة غير قادرة على جني هذا القدر من الإيرادات، والتي لم تكن لتتجاوز بضعة مئات الآلاف من الدولارات وحسب في العامين 2014 و2015، بحسب ما ورد في لائحة الاتهام.

شهود كبار في قضيّة العام

كان من المقرر أن تقف هولمز أمام هيئة المحلفين في آذار/مارس 2021 الماضي، لكن تأجلت جلسة المحاكمة عدة مرات، بسبب الجائحة، ثم بسبب اقتراب موعد ولادة هولمز، حيث أنجبت طفلها الأول في 5 آب/أغسطس. ومن المقرر الآن بدء المحاكمة في 31 آب/أغسطس.

كانت حكايتها وصورتها ملهمة ومغرية للجميع، بما فيهم وزراء خارجية سابقون ورجال أعمال مخضرمون، لكنها لم تقو على الصمود كثيرًا

وتلفت هذه القضيّة أنظار المراقبين والمهتمين، ولاسيما أنه من المحتمل أن يكون من بين الشهود شخصيات رسمية بارزة، مثل هنري كيسنجر وجيم ماتيس وروبرت ميردوخ، إضافة إلى عدد من كبار رجال الأعمال والمستثمرين في الولايات المتحدة. كما يتوقع أن تستدعي المحكمة شهودًا آخرين من الأطباء والمرضى الذين تعرضوا للاحتيال من الشركة، من بينهم بحسب ما نقلت الغارديان، سيدة أفاد الفحص الذي أجرته بضرورة إجراء إجهاض للجنين، رغم أن الحمل قد كان سليمًا كما تبين لاحقًا. ثمّة رجل آخر تم تشخيصه، خطأً، بأنه يعاني من سرطان البروستات، وشخصين آخرين أفاد الفحص الخاص بهما بأنهما يحملان فيروس نقص المناعة المكتسبة، الإيدز.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

جيف بيزوس يتنحى عن منصبه في قيادة "أمازون" قبل رحلته إلى الفضاء

بيل غيتس ينقل أسهمًا بقيمة 2.4 مليار دولار إلى طليقته

مليارات كورونا.. هذا ما جناه 6 من أغنياء العالم بفضل الجائحة