07-يناير-2019

لقمان أحمد/ العراق

أكتب لكما، وتوم وايتس (Tom Waits) يصرخ في أذني "Hope I don't fall in love with you".

ليس من عبث أني اخترت هذا الصوت من العالم السفلي! عالم الصعاليك، حيث الناس دون حجاب ودون خوف، عرايا من اللغة والترانيم، لا لاهوت لهم سوى السخرية على سيزيف، ورمي الحجارة بعيدًا عن الثلة.

طالما أنا محافظ، كونتُ صورة لي في مخيلتي، فقط، رسمة خطها الآخرون، لم أكن فيها أنا أنا! أو ربما لن أكون. ما لم أحطم كل ما شكلني، أتبول عليّ، أتغوط، أصرخ، أتوضأ وأصلي، أحتسي النبيذ، وأقرأ القرآن، أبني طين ذاتي من جديد.

أقضي الليلة مع ملاك غريبة، التقيها ليلة أمس في حانة، وحين نصحوا في الصباح، نشترك آخر قطرة بيرة باقية من ليلتنا، نلتقط العوازل الطبية بيدينا، وأسالها هل هذا جوربك، أم هو لي؟ أحمل كيلوتها بإصبعين، كأني أحمل جثة، وأعيد إلباسها إياه، ربما من باب إعادة الأمور إلى وضعها القبلي، أو من باب كوني أنا من أزالهما من قبل، أو من باب الحياء العرضي بعد قضاء الوطر.. أما أنا، لا مشكل لي أن أجول عاريًا، في صباحات الليالي شبقية.

ملابس مرمية في كل أرجاء الغرفة، سجائر مبذورة على الأرضية، مارسنا الجنس كإنسان في أرقى تجليات حيوانيته، أو العكس؛ خنزيرين يغرقان في سوائلهما. بعد أن التقت شفاهنا لم يعد لهذه الفوضى أدنى أهمية. التحمنا وبدأنا، كل ما يهم دوما البداية!

أذكر أنها عضتني على كتفي، وأمرتني ألا أتوقف. لم أنتظر تشجيعًا أكثر، كنت كقطار فقد سكته، أسنانها عادت قُبَلًا، مخالبها مغروزة في ظهري. لا لن أتوقف!  أتيمم بآلامها، ليست رغبة سادية، بل إخلاص فلاح لأرضه؛ كنت محراثًا وهي الأرض، أحرثها ولو عرقًا، أكمل حتى آخر الشهقة، وأقبل الشفتين وأقول: هل من مزيد!

كانت بين يدي كريشة، حملتها إلى الحمام، عارية من كل شيء، من الكبرياء والتصنع، وكنت أنا، أنا فقط... وضعت جسدها كأني أضع بيضة، بقيت صامتة، في لحظة انفلات عدنا إلى الالتحام، التحام جنيني هذه المرة، كتوأمين في مشيمة نغرق في الماء الدافئ. بقيت لدي سيجارتان، شربناهما معا، ونحن ننظر أعلى السقف، صامتين.

أمشط شعرها المبتل بيدي، وأنتما تجولان بداخلي، شكري وبوكوفسكي، نحن الثلاثة بشر قد فاتهم أن يصيروا ملائكة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ذاكرة الموت

​ذنب آدم