20-مايو-2018

أُجبر مجتمع الميم في لبنان على إلغاء فعاليات "مسيرة الفخر" لهذا العام (أنور عمرو/ أ.ف.ب)

في تقرير لها، تلقي صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الضوء سريعًا على وضعية أفراد مجتمع الميم في لبنان، انطلاقًا من إلغاء إحدى فعالياتهم مُؤخرًا من قبل السلطات اللبنانية، بعد أن أجبرتهم على ذلك باعتقال أحد المنظمين لهذه الفعاليات. في السطور التالية ننقل لكم التقرير مترجمًا بتصرف.


بالنسبة لأفراد مجتمع المثليين في لبنان، يُعد "بيروت برايد" أو "مسيرة الفخر" في بيروت، وسيلة للاحتفال بالتنوع ومكافحة التمييز والتشجيع على الحصول على المزيد من الحقوق. إلا أن هذا الحلم قد تحطم هذا الأسبوع، عندما احتجزت السلطات اللبنانية منظم الاحتفال، ولم تطلق سراحه إلا بعد أن تعهد بإلغاء ما تبقى من فعاليات المسيرة.

أجبرت السلطات اللبنانية المنظمين لاحتفال مجتمع المثليين المعروف بأسبوع بيروت برايد أو مسيرة الفخر، بإلغائه بعد اعتقال أحدهم

كان الإلغاء ضربة لمجتمع الميم في لبنان، الذي يرى أفراده أنهم يواجهون تمييزًا قانونيًا واجتماعيًا رغم أنهم يعيشون في واحدة من أكثر بلدان العالم العربي تحررًا.

اقرأ/ي أيضًا: تعذيب المثليين في سجون لبنان: انتهاكات برسم الدولة

وقال المنظم الرئيسي، هادي دميان، لنيويورك تايمز، بعد يوم واحد من إطلاق سراحه، إن "فعاليات بيروت برايد جعلت الكثير من الناس فخورين بلبنان وإلغائها أصاب الكثير من الناس بالحزن والإحباط".

هذا وتُجرّم المثلية الجنسية في جميع أنحاء العالم العربي، على الرغم من أن بعض الدول تتجاهل الموضوع طالما أنه سري وخاص.

وينص القانون اللبناني على أن "أي علاقة جنسية غير طبيعية" يعاقب عليها بالسجن لمدة عام واحد، غير أن القانون لم يحدد طبيعة الممارسات الجنسية "غير الطبيعية" هذه!

ويُطبق القانون في لبنان بصورة غير منتظمة، وهذا الأمر ساعد لبنان ليتطور ويصبح واحدًا من أكثر بلدان العالم العربي نشاطًا فيما يتعلق بمجتمع الميم. إذ إن من السهل إيجاد أنشطة وممارسات حميمية للمثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيًا، وتوفر العديد من المنظمات خدمات الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات لهم. ويُعد المغني الرئيسي في فرقة الروك اللبنانية "مشروع ليلى"، من أشهر الفنانين المثليين في المنطقة العربية عمومًا.

بيد أن لبنان يعد أيضًا موطنًا لـ18 طائفة دينية مُعترف بها بشكل رسمي، الكثير منها  يعارض المثلية الجنسية استنادًا إلى معايير دينية، ولها أيضًا جمعيات تدشن حملات مناهضة للمثلية وللفعاليات التي يقيمها مجتمع الميم.

وقد كان من المقرر أن تكون "مسيرة الفخر" في بيروت، عبارة عن سلسلة من الفعاليات التي ستستمر لمدة تسعة أيام في العاصمة اللبنانية. وكان من بين الأحداث المخطط لها ليلة لرواية القصص، وهي أمسية للعروض الفنية وندوة قانونية وورشة عمل، عن الصحة الجنسية.

في لبنان 18 طائفة دينية معترف بها رسميًا، معظمها يعارض المثلية، وينظم حملات مناهضة للمثلية وفعاليات مجتمع الميم

وانطلقت الفعاليات يوم الأحد الماضي، ولكن مساء يوم الإثنين، ظهر مسؤولون في جهاز الأمن أثناء أمسية قراءة مسرحية، وطلبوا من دميان، إلغاء الفعاليات لأنه "لا يملك موافقة مسبقة من الرقابة"، بحسب ما ذكر في بيان نشرعلى موقع "بيروت برايد".

اقرأ/ي أيضًا: أعلامٌ ملونة ترفرف في سماء القاهرة السوداء

وفي مقابلة هاتفية أجريت معه، صرّح ديمان بأنه سعى للحصول على الموافقة المذكورة، لكن قيل له إنها غير ضرورية، كون المسرحية "لم تنفذ أو تعرض، ولم يتم بيع أي تذاكر"، مضيفًا أنه وافق على وقف قراءة المسرحية، لكنه ظل محتجزًا طوال الليل في قسم الشرطة.

ووفقًا له، فقد عرضت عليه السلطات نسخة غير صحيحة من برنامج فعاليات "بيروت برايد"، مشيرين لتضمنها على ما اعتبروه محتوى إباحي وغير أخلاقي، لكنه أكد: "لم يكن ذلك برنامجنا، ولم يكن صحيح أبدًا"، موضحًا أنه قدم وصفًا دقيقًا للفعاليات المُخطط القيام بها، غير أن السلطات أخبرته بأنه مُخير بين التوقيع على تعهد يقضي بإلغاء بقية الأنشطة ويتم إطلاق سراحه أو يرفض التوقيع فيتم إلقاء القبض عليه وإلغاء فعاليات المسيرة. وبعد التشاور مع محاميه، قال إنه وقع على التعهد حتى لا يُعرّض المشاركين الآخرين للخطر. "لو لم أتعاون معهم، فإن أشخاصًا آخرين كانوا سيُعتقلون بدلًا مني"، يقول ديمان.

من جانبها، لم تعلق الحكومة اللبنانية بشكل رسمي على احتجاز ديمان أو إجباره إلغاء فعاليات المسيرة. لكن مسؤولًا أمنيًا قال إن اعتقال ديمان جاء بسبب شكوى مقدمة لمكتب المدعي العام، تفيد بأن فعاليات المسيرة "تخذش الحياء العام"، دون أن يذكر الجهات أو مقدمي الشكوى، لكنه أشار إلى أنها "جمعيات دينية وأشخاص".

من جانبها أكدت ليال صقر، محامية دميان، إن فعاليات المسيرة لا تنتهك أية قوانين، مضيفةً: "إن أنواع الفعاليات التي نُظمت كانت أحداثًا تحدث بشكل معتاد في بيروت، وقد اعتادت أماكن انعقاد الاحتفالات في بيروت على استضافتها".

وقد أدى اعتقال ديمان إلى شعور أفراد مجتمع الميم في لبنان بالقلق. وقال إدوين ناصر، الذي كان حاضرًا أثناء إلقاء القبض على دميان: "في المستقبل، ستخضع جميع الأماكن التي كانت تحتضن هذا النوع من الفعاليات إلى الرقابة من قِبل السلطات الأمنية".

أُجبر المنظم الرئيسي لـ"بيروت برايد" على توقيع تعهد بإلغاء فعاليات مسيرة الفخر، ليتم عرقلة تنظيمها للسنة الثانية على التوالي

تُعد هذه هي السنة الثانية على التوالي التي يتم فيها عرقلة الجهود التي تهدف إلى تنظيم أحداث بيروت برايد في لبنان، ففي العام الماضي، أُلغي حدث الافتتاح لأسبوع مسيرة الفخر بعد تهديدات من قبل جماعات دينية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع ليلى يعيد جدل المثلية في القاهرة.. لماذا يكرهون "مجتمع الميم"؟

في أيرلندا.. رجلان يتزوجان من أجل تجنب الضرائب!