04-نوفمبر-2016

وزير الشؤون الدينية المقال عبدالجليل بن سالم مع القائم بأعمال السفارة السعودية في تونس( فيسبوك)

"أصلحوا مدرستكم فالإرهاب تاريخيًا متخرج منكم"، كانت هذه الجملة كفيلة بإقالة عبد الجليل بن سالم، وزير الشؤون الدينية في الحكومة التونسية، وذلك بعد يوم واحد منذ أن قال الوزير أثناء جلسة استماع عادية أمام لجنة برلمانية بأنه كانت له الجرأة ليقول هذه الجملة مباشرة لسفير المملكة العربية السعودية بتونس وأمين عام وزراء الخارجية والداخلية العرب.

"أصلحوا مدرستكم فالإرهاب تاريخيًا متخرج منكم"، كانت هذه الجملة الموجهة للسعودية كفيلة بإقالة وزير الشؤون الدينية في تونس

وقد ورد في بلاغ رئاسة الحكومة أن قرار إقالة الوزير جاء "لعدم احترامه ضوابط العمل الحكومي وتصريحاته التي مست بمبادئ وثوابت الدبلوماسية التونسية". كما أعلن البيان أنه تم تكليف وزير العدل غازي الجريبي بتسيير وزارة الشؤون الدينية.

اقرأ/ي أيضًا: قراءة في نتائج انتخابات المجلس الأعلى للقضاء بتونس

ومما صرّح به الوزير المقال في الجلسة البرلمانية استذكارًا لما قاله للسفير السعودي "أقول لكم كعالم ومفكر، التكفير لم يصدر عن أي مدرسة أخرى من مدارس الاسلام، لم يصدر التكفير والتشدد إلا من المدرسة الحنبلية ومن المدرسة الوهابية فأصلحوا عقولكم".

وقد وجد رئيس الحكومة يوسف الشاهد نفسه أمام حرج بليغ، ذلك أن التغاضي عن تصريح الوزير سيعطي انطباعًا بأنه يعكس الموقف الرسمي للحكومة التونسية من الوهابية والعربية السعودية. والحكومة في غنى عن هكذا موقف وهي التي تعوّل كثيرًا على الاستثمارات السعودية في المؤتمر الدولي للاستثمار في تونس المنتظر عقده نهاية هذا الشهر. وخلاف ذلك، فإن تصريح الوزير يمثل خرقًا لخطاب الديبلوماسية التونسية، التي تولي أهمية معتبرة للعربية السعودية، رغم البرود التي اتسمت بها العلاقات بين البلدين إثر الثورة في تونس.

اقرأ/ي أيضًا: في تونس.. رئيس الجمهورية يعطل أحكام القضاء!

وأمام هذا الحرج، الذي سارع الشاهد لرفعه، بقرار إقالته السريع، يجيء حرج آخر فيما يتعلق بصدى الإقالة لدى الأوساط السياسية والثقافية المحسوبة على التيار الحداثي، والتي من المفترض أن حكومة الشاهد تمثّلها، على الأقل عبر حزبه نداء تونس. حيث لم تتوان هذه الأوساط طيلة السنوات الأخيرة، التي تصدّر فيها ملفّ الإرهاب الواجهة، على اعتبار أن الوهابية هي مصدر للتشدّد، وأن المملكة العربية السعودية راعية للإرهاب، بحيث لم تكن تتناول هذه الأوساط ملف الإرهاب دون الإشارة للفكر الوهابي وضرورة محاربته. ودائمًا ما تستذكر هذه الأصوات الرسالة التاريخية لعلماء تونس في الردّ على دعوة محمد بن عبد الوهاب، ولعلّ من بين هذه الأصوات وزير الفلاحة في هذه الحكومة سمير الطيّب، وهو المعروف بدعواته المتكررة لإنقاذ تونس من "الوهابية المتطرفة".

غير أن هذا الحرج الذي قد تجد فيه حكومة الشاهد نفسها أمام قطاع واسع من مؤيديها يظلّ بالنسبة إليها أقل ضررًا من الحرج البليغ نتيجة تصريح الوزير الذي أصدر بيانًا توضيحيًا قبل ساعات من إقالته ورد فيه أن "العلاقة مع المملكة العربيّة السعوديّة ملؤها الانسجام والتعاون خدمة لديننا الحنيف، وأنّ لها من المتانة والعمق بحيث لا يكدّر صفوها شيء". غير أن هذا البيان لم يشفع دون إقالته لاحقًا لأنه "تطاول على السعودية"، كما عنونت قناة العربية.

ويبدو أن التصريح المتعلق بالوهابية لم يكن إلا القطرة التي أفاضت الكأس، حيث كشفت مصادر صحفية محلية أن من دوافع إقالة وزير الشؤون الدينية كذلك دعوته الأحزاب السياسية لإبداء رأيها في تعيين الأئمة، حيث ذكر في نفس الجلسة البرلمانية بأنه اتصل برؤساء أحزاب لمده بقائمات للغرض وذلك لمواجهة عزوف الأئمة عن المساجد بسبب ما اعتبره كثرة النزاعات حولها.

اقرأ/ي أيضًا:

شباب تونس والتحزب..عزوف ومخاوف

تونس..محاميان أمام القضاء العسكري في ذكرى الثورة!