22-أكتوبر-2015

وزير العدل التونسي المقال محمد صالح بن عيسى(فتحي بلعيد/أ.ف.ب)

تتواتر الأخبار والتصريحات في تونس عن أزمة سياسية تعصف بحزب نداء تونس صاحب الأغلبية البرلمانية والفائز في الانتخابات الأخيرة، وتأتي إقالة وزير العدل محمد صالح بن عيسى مفاجأة وتزيد المشهد السياسي التونسي غموضًا وتوترًا وتطرح تساؤلات عدة عن مدى تماسك حكومة الحبيب الصيد الحالية، مع تواصل الصراعات بين شقي الخلاف صلب نداء تونس وأيضًا بين أطراف الائتلاف الحاكم.

جاء قرار الإقالة بناء على رفض وزير العدل الحضور في الجلسة البرلمانية العامة لمناقشة قانون المجلس الأعلى للقضاء ما دعا رئيس الحكومة الحبيب الصيد إلى إصدار قرار فوري بإعفائه من مهامه وتكليف وزير الدفاع فرحات الحرشاني بتسيير شؤون وزارة العدل مؤقتًا، حسب رئاسة الحكومة التونسية. فيما أكد محمد صالح بن عيسى، الوزير المعفى، أن هذا القرار يعكس "خلافات جوهرية مع الحكومة في علاقة بطريقة العمل" كما أعلن تحفظاته حول فصول قانون المجلس الأعلى للقضاء.

وبالتوازي مع تصريحات وزير العدل، تداولت وسائل الإعلام المحلية قراءات مختلفة في الإقالة، منها أن بن عيسى قد "ارتكب أخطاء منها إصداره بطاقة جلب في حق حاكم دبي مما أنتج أزمة دبلوماسية مع دولة الإمارات"، رغم نفي وزارة العدل سابقًا لموضوع بطاقة الجلب. وتعرض آخرون للمبادرة التي أطلقها باسم رئاسة الحكومة والمتعلقة بالمجلس الأعلى للقضاء، والتي لم تتماش مع انتظارات الائتلاف الحاكم ولم تحظ برضاهم، وتطرقوا أيضًا لتصريحات بن عيسى الأخيرة بخصوص السفير الأمريكي، والتي قال فيها "إنّ السفير الأمريكي في تونس، استفزّني ذات لقاء بيننا، وإنه تجاوز حدوده بمحاولة التدخل في التشريعات الخاصة بتجريم الاتّجار بالبشر". ويعتبر بعض المحللين أن هذه التصريحات سارعت بإقالة بن عيسى، الذي بدا كالطائر المغرد خارج السرب السياسي التوافقي بين الائتلاف الحاكم.

يرى كثيرون أن إقصاء بن عيسى يعود لاختلافه مع توجهات حركتي نداء تونس والنهضة وخياراتهم

"هذا القرار لم يكن مفاجئًا بل كان متوقعًا"، هكذا يعلق جوهر بن مبارك، أستاذ القانون الدستوري والمنسق العام لشبكة دستورنا. ويضيف لـ"ألترا صوت": "كان على بن عيسى أن يقدم استقالته قبل أن يُقال، باعتباره رافضًا لمشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء وهو يعلم جيدًا أنه يحتوي فصولًا تهدد استقلالية القضاء وتخرق الدستور وكذلك بعد استخفاف الرئيس الباجي قايد السبسي بتصريحاته المدينة للفصل 230 بخصوص المثلية الجنسية وتصريح السبسي فيه إشارة واضحة لنية إقصائه من منصبه".

يرى كثيرون أن إقصاء بن عيسى كان لاختلافه مع توجهات حركتي نداء تونس والنهضة وخياراتهم. ويرجحون أن يؤدي هذا القرار إلى انفراط عقد حكومة الصيد وزيرًا تلو الآخر خاصة بالنسبة للأصوات المعارضة للتوجه اليميني المحافظ للائتلاف الحاكم.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي لـ"ألترا صوت": "تواصل النزاع بين أعضاء حزب نداء تونس وإعلان كتلة حزب الاتحاد الوطني الحر في البرلمان سحبها الدعم عن حكومة الصيد واستقالة الوزير لزهر العكرمي ثم إقالة وزير العدل كلها مؤشرات تؤكد خطورة الوضع". وعن إقالة وزير العدل، يرى الحناشي أن "الحكومة فشلت في التعامل إلى حد الآن مع ملف القضاء بصفة عامة" ويؤكد مخاوفه من تصريحات بن عيسى حول مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء وعن التدخلات الأجنبية في القرار التونسي.

اقرأ/ي أيضًا:

تونس.. تعذيب يتذرع بالإرهاب

تونس.. استيراد الطائفية