13-أكتوبر-2017

يتجدد الجدل حول معاشات البرلمانيين المغاربة بعد إفلاس صندوق التقاعد الوطني (فاضل سينا/ أ.ف.ب)

يبدو أن معاشات البرلمانيين المغاربة لن تدفع بعد اليوم، والسبب هو إفلاس الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، إذ أعلنت الحكومة المغربية عدم تمكن الصندوق من دفع معاشات النواب البرلمانيين بداية من تشرين الأول/أكتوبر الجاري بسبب الإفلاس الذي أصابه، وذلك بعد انتشار وثيقة رسمية على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية تُشير إلى ذلك.

أعلن الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين إفلاسه، ما يعني عجزه عن دفع معاشات البرلمانيين المغاربة

ليعود النقاش مجددًا حول تقاعد البرلمانيين، والجدل الذي يرافقه باستمرار، خصوصًا حول استحقاق البرلمانين المغاربة لمبلغ التقاعد من عدمه.

اقرأ/ي أيضًا: البرلمان المغربي "بنك خيري".. امتيازات ريعية للنواب بلا مقابل!

لكن اكتفاء الحكومة بالإعلان عن إفلاس الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، دون فتح تحقيق حول أسباب هذا الإفلاس، أثار جدلًا وسط نشطاء مغاربة. خصوصًا بعد مراسلة رسمية من الفريق البرلماني لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، إلى حبيب المالكي، الذي ينتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي، بصفته رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى من البرلمان)، وطالب فيها فريق العدالة والتنمية بإلغاء معاشات البرلمانيين دون فتح التحقيق في الأسباب المؤدية لإفلاس الصندوق المسؤول عن صرف المعاشات.

ويتضح أنّ سبب إفلاس الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين هو تغيير هيكلة الغرفتين الأولى والثانية في البرلمان المغربي، إذ ارتفع أعضاء مجلس النواب من 325 إلى 395 عضوًا، فيما انخفض أعضاء مجلس المستشارين من 270 إلى 120 عضوًا، وهو ما سبب خللًا في توزيع المعاشات لزيادة أعداد البرلمانيين وفي المقابل ليس ثمة مداخيل تُعوّض مصاريف الصندوق على المعاشات.

ويبدو أيضًا أن ارتفاع استفادة النواب من التقاعد مباشرة بعد نهاية ولايتهم، بمعدل ألف درهم أي ما يقارب 100 دولار عن كل سنة انتخابية، هو سبب اختلال صندوق المعاشات، لأنه في السابق كان مجلس النواب من يستفيد من المعاشات، قبل أن يتم ضم مجلس المستشارين بعد المصادقة على دستور 1996، ثم بعده دستور 2011 الذي قلص أعضاء مجلس المستشارين بـ150 مقعدًا، ما قلص من المساهمات ورفع الاستفادة.

نقاش قديم متجدد

في كل مرة يتجدد النقاش حول تقاعد البرلمانين المغاربة، وماهية الرابطة التي تربطهم بالمواطن المغربي، وهل يستحقون فعلًا تلك المعاشات المرتفعة التي يتقاضونها؟ لاسيما وأن بعضهم لا يزال شابًا لم يتعد بعد سن التقاعد.

يعد المبلغ الذي يتقاضاه البرلماني تعويضًا عن مهام وليس أجرًا عن عمل، لذا لا يجوز للحكومة سد العجز اللازم لصرف معاشات البرلمانيين

يقول رشيد لرزق الباحث السياسي المختص في الشأن الدستوري، إن تقاضي البرلمانيين لرواتب ومعاشات "أمر قانوني"، بسبب الاتفاقية بين المجلس وصندوق الإيداع والتدبير، والتي بموجبها يدفع البرلماني قسطًا من تعويضه فيما تدفع الدول قسطًا آخر. لكن المشكة أن اختلال تركيبة البرلمان تسببت في العجز الذي تسبب بدوره في إفلاس صندوق المعاشات. وهذا العجز قد يقتضي تدخل الدولة لسده.

اقرأ/ي أيضًا: رفع الدعم عن المواد الأساسية.. هل هلع المغاربة مشروع؟

هنا مربط الفرس، فوفقًا للباحث السياسي فإن "تدخل الدولة في سد عجز صندوق المعاشات لا يجوز من الناحية السياسية والأخلاقية"، وذلك بسبب أن "التفسير السليم للمبلغ المالي الذي يتقاضاه البرلماني، هو تعويض عن مهام، وليس أجرًا عن عمل"، مُوضحًا: "لأن ما يربط بين البرلماني وبين المواطنين رابط سياسي وليس تعاقدي على أساس وظيفة، وبالتالي لا يجب أن يتقاضى معاشًا بعد نهاية مهامه".

وكان الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين، التابع لصندوق الإيداع والتدبير، قد حصر خلال الشهر الماضي رصيده في حدود ما يقارب 300 مليون سنتيم، وعليه نبه مجلس النواب إلى أن هذا المبلغ لا يوفر السيولة الضرورية لمواصلة صرف المعاشات القديمة والجديدة. 

وعليه قرر حبيب المالكي رئيس مجلس النواب، اللجوء إلى حكومة سعد الدين العثماني، لإيجاد حل لأزمة تقاعد البرلمانيين، إلا أن الحكومة رفضت التدخل، معتبرةً أن "البرلمان هو المخول له اتخاذ القرار، كما أنه لا يمكن تخصيص اعتمادات مالية لصندوق تقاعد البرلمانيين"، وفقًا لمصطفى الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة.

معاشات البرلمانين في أرقام

ومن بين أسباب الجدل الذي يثيره موضوع معاشات البرلمانين، هو عدم تحديد السن المناسب للاستفادة من المعاش الذي يبلغ ألف درهم، أي 100 دولار عن كل سنة في البرلمان، ما يعني أن مبلغ المعاش يصل إلى خمسة آلاف درهم شهريًا بعد الخروج من البرلمان، أي حوالي 500 دولار، وذلك مهما كان سن البرلماني المتقاعد، أي يمكن للبرلماني ألا يتجاوز ثلاثين سنة، ويستفيد من مبلغ التقاعد.

و يصل راتب النائب في البرلمان إلى 36 ألف درهم مغربي، أي ما يناهز 3800 دولار أميركي، في حين يصل التقاعد إلى ثمانية آلاف درهم، أي حوالي 800 دولار.

سبق لنشطاء أن طالبوا بإلغاء معاشات البرلمانيين التي تصل إلى 5 آلاف درهم شهريًا (حوالي 500 دولار) بعد خروجهم من البرلمان

وقد سبق أن دعا نشطاء مغاربة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي إلى إلغاء تلك المعاشات، الأمر الذي لقي ردود فعل مختلفة من قبل برلمانيين، خصوصًا موقف شرفات أفيلال الوزيرة السابقة في حكومة عبد الإله بنكيران، حين وصفت في لقاء تلفزيوني، النقاش حول معاشات الوزراء والبربمانيين بـ"الشعبوي"، قائلةً إن قيمة ذلك المعاش "جوج فرنك"، بمعنى أن المبلغ جد هزيل. ما أثار موجة سخرية وغضب ضد الوزيرة.

 

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

البطالة في المغرب.. توقعات متشائمة ومخاوف متزايدة

"المادة 8 مكرر".. هل اخترق البرلمان المغربي الدستور؟